Author

معدلات التضخم في انحسار

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
المقصود توقع اتجاه نزولي صغير نسبيا في معدلات التضخم خلال الشهور القادمة، أو توقف الموجات التضخمية التي شاهدناها عبر بضع سنوات مضت. بعبارة أخرى، نحن في منتصف 2013، والمتوقع انخفاض معدلات التضخم خلال النصف الثاني من هذا العام، والمعنى السعودية. علام بنيت تلك التوقعات؟ هناك عوامل مع وعوامل ضد ارتفاع الإنفاق الحكومي وعرض النقود يحفزان على ارتفاع معدل التضخم. توجه الدولة نحو التشديد في توظيف السعوديين يعمل على ارتفاع معدل التضخم. وعلى العكس من ذلك، يعمل الأمر الملكي بما بات يعرف لدى الناس بأرض وقرض، يعمل على ركود نسبي على المدى القصير في حركة البيع والشراء للأراضي السكنية. والركود بدوره يعمل على الحد من ارتفاع أسعار الأراضي السكنية أحيانا، وخفضها أحيانا أخرى، والأمر متعلق بتفاصيل ليس موضوعها المقال. في المقابل، فإن الركود في حركة البيع والشراء للأراضي السكنية يعني زيادة الطلب على الاستئجار للسكن. معدلات النمو في الإنفاق الحكومي وعرض النقود واقعان في انحسار. من البعيد أن تنمو بالمعدلات التي نمت فيها خلال السنوات العشر الماضية. الإنفاق الحكومي تابع لإيرادات النفط، والأخيرة متوقع توقف نموها على المدى القصير. ويتوقع أن تزيد نفقات هذا العام زيادة لا تتجاوز 4 في المائة مقارنة بنفقات العام الماضي. وقد بلغت نفقات العام الماضي نحو 860 مليار ريال. ماذا بشأن العوامل الخارجية؟ أوضاع الاقتصاد العالمي وخاصة في دول الغرب، وأنباء نية "الاحتياطي الأمريكي" خفض التيسير الكمي تدفع نحو نزول معدلات التضخم. يلف الاقتصاد العالمي الضباب الكثيف. ما زالت توقعات نموه ضعيفة. وقد خفض صندوق النقد الدولي في الخريف والربيع توقعاته الأسبق في معدلات نمو الاقتصادات الكبرى التقليدية من نحو 2 في المائة إلى نحو نصفها. وتبعا لذلك جرى تخفيض توقعات معدل نمو الطلب العالمي على النفط في العام القادم، ليكون أقل من 1 في المائة، مقارنة بنحو ضعف هذا المعدل للعامين 2012 و2011. ونمو هذا الطلب غير متجانس، ففي الدول ذات الاقتصادات المتقدمة تاريخيا سيكون ضعيفا جدا، بينما هو نسبيا مرتفع في الاقتصادات الصاعدة. يتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره نصف السنوي الأخير "آفاق الاقتصاد العالمي"، عدد أبريل 2013، انخفاض التضخم في منطقة اليورو والصين قليلا هذا العام مقارنة بالعامين الماضيين، ليبلغ نحو 1.7 في المائة، لمنطقة اليورو ونحو 2 في المائة في الصين. ومتوقع انخفاضه قليلا أو عدم ارتفاعه في بقية دول العالم "اعتبارها كتلة واحدة"، نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي. ما تأثير العوامل الخارجية السابقة في معدلات التضخم المحلية؟ الاقتصاد السعودي اقتصاد مفتوح بدرجة كبيرة جدا. واتجاه أسعار الواردات إلى الانخفاض أو عدم الارتفاع بالمعدلات التي شهدناها في السنوات القليلة الماضية يعمل وبصورة جزئية على خفض معدل التضخم المحلي بقية هذا العام. ماذا بشأن قطاع الإسكان؟ سجل انخفاضا صغيرا في إيجارات المساكن في الربع الأول من هذا العام. وبالأرقام، انخفض المعدل إلى 3.4 في المائة على أساس سنوي في نيسان (أبريل) 2013، مقارنة بنسبة 3.7 في المائة في آذار (مارس) 2013، على أساس سنوي. على الرغم من ذلك، فمن المتوقع أن تمثل الإيجارات ضغوطاً تضخمية خلال الأشهر المقبلة على خلفية زيادة الطلب في ظل الركود النسبي المتوقع في حركة البيع والشراء للأراضي والعقارات السكنية، إثر الأمر الملكي المعروف. من المتوقع حدوث ارتفاع ولو أنه بسيط في أسعار الفائدة للشهور القادمة، تبعا لارتفاعها النسبي في الأسواق العالمية، إثر التطورات في نية الاحتياطي الأمريكي نحو التقليل من التيسير الكمي. وهذا الارتفاع في أسعار الفائدة سيحد قليلا من حجم الطلب على التمويل البنكي، بما في ذلك القروض والتمويلات الشخصية عموما. وهذه بدورها تعني الحد من التضخم ذي المصدر الطلبي. نقطة أخيرة. أصاب الاقتصاد العالمي ركود أو انكماش مصحوب بمعدلات تضخم معتبرة خلال السنوات القليلة الماضية. والأصل أن ضعف النمو يجر إلى هبوط الأسعار لا ارتفاعها. هذه النقطة موضع بحث.
إنشرها