Author

طفلك مدير مالي

|
أشار استطلاع كندي إلى أن 96 في المائة من الآباء والأمهات يشعرون بأهمية الحديث في الجوانب المالية مع أطفالهم، لكن 18 في المائة فقط يقومون بذلك فعلا. لم أجد أي معلومات بهذا الخصوص حول واقعنا المحلي، لكن من المؤكد أننا نفتقد كثيرا من جوانب الوعي المالي عند الكبار أصلا، وبلا شك يتبعهم الصغار كذلك. من المهم أن يفكر أطفالنا في المال، ويتعرفوا عليه كوسيلة مهمة لتحقيق أهدافهم. ومن المهم كذلك أن يبدؤوا من سن مبكرة بالتعرف على أساسيات إدارة الأموال واحترامها وعدم المبالغة في تقديرها. إذا تركنا هذا الأمر للمصادفات فسيكون التعلم عن طريق التجربة التي قد لا تأتي إلا متأخرة بعد التعرض لكثير من الخسائر غير الضرورية. وأحيانا يكبر الشخص وتجربته المقنعة لم تأت بعد، فيعيش في أوهام وتعاسة لا تنتهي، لمجرد أنه لم يحز على مجموعة بسيطة من الأفكار المهمة والمهارات المفيدة. تعليم الأطفال القدر المناسب من الثقافة المالية مهم تماماً كالحرص على تعليمهم الجامعي، لتركهم في مأمن من تقلبات المستقبل وتحدياته. الاستثمار في هذه المهارات يحول لحظة اتخاذ القرار في مستقبل الطفل من قرار عاصف مؤذ إلى قرار مثالي مفيد. إجادة القرارات المالية فن إداري حياتي مهم، ولا يوجد ما يمنع من أن نجعل الطفل مديرا ماليا متمكنا. أحيانا، لا يشعر الوالدان بالثقة لفتح هذا النوع من النقاش التربوي، لكن حرصهم على تطوير ثقافتهم المالية وحيازتهم على خطط مالية أسرية سيجعل المسألة أسهل بكثير. حتى يحصل الطفل على هذه الأساسيات لا بد من اتخاذ خطوات تربوية عدة تقوم على استخدام أسلوب النقاش الصريح والمباشر مع الطفل. ويتبع ذلك ما يتبعه من شفافية وصدق واستعراض مستمر لقرارات الأسرة ونتائجها ومتابعة ذلك معه بكل اهتمام وجدية. الطفل لا يبحث عمن يساعده ليفهم معلومة مجردة؛ فهو أذكى من ذلك، لكنه يبحث عمن يهديه ثقته ويمنح له الصدق والاهتمام اللازمين. في التربية المالية، يهتم الأب والأم بطفلهما مرتين، مرة وقت تعليمه ومرة بعد أن يتعلم ويستفيد من نتائج ما تعلم. الخطوة الأولى في التربية المالية للطفل هي التعامل معه كشريك في تعاملات الأسرة المالية. متى ما شعر بجدية والديه، سيقدر ذاته ويهتم بالتعلم. لو باع الأب سيارته المستعملة مثلا، يشركه في القرار بالحضور وبذل بعض الجهد ـــ إذا كان البيع عن طريق الإنترنت قد يساعده على التسويق مثلاً ـــ في مقابل حصوله على حصة لطيفة تناسبه من البيع. من المفيد أن يُشرَك الطفل في تكاليف المناسبات التي تُعد له، كحفلة النجاح أو اجتماعه الأسبوعي مع أصدقائه. سيتعلم كثيرا حين يعرف كم يكلف العشاء أو الخروج من المنزل أو حتى تكلفة إضاءة الفناء وهي تعمل بكل قوتها خلال ساعات اللعب. مجرد إدراكه بعض التكاليف البسيطة (بالريال والهللة) سيجعله يفكر فيها ويأخذها في الحسبان دائما. التفكير فيها قبل الصرف يجعله يحتاط لها مبكراً، وليس، كما يحصل اليوم للمتزوجين حديثاً، بعد انتهاء الراتب! يتذكر الجميع علبة ''التنك'' التي كان يستخدمها الأطفال لجمع الهلل، وهذه في الحقيقة تجربة ادخارية رائعة لمن مارسها. يعد الادخار المهارة المالية الأهم بعد مهارات صنع المال، هو فن المحافظة على المكاسب. من طرق تحفيز الطفل على الادخار جعله يستمتع بنتيجة ما ادخره كما يريد، بالمعقول طبعا. وكذلك بتعويده على كتابة أهدافه الادخارية في قائمتين، قصيرة الأجل وطويلة الأجل، ولا يمنع تجسيدها بأشياء محددة يود شراءها. المهم أن يعتاد على كتابة ما يخصه، ويبدأ في رؤية أهدافه وهي مكتوبة مبكراً، وهي تتحقق كذلك. ينصح الخبراء بعدم محاولة تلقين الطفل كثيرا من المعلومات والأفكار التي قد تصنع له ردة فعل عكسية. من المهم ألا يشعر بأن المال معضلة في طريقه، وفي الوقت نفسه لا يستخدمه دون أن يتعرف على دوره في حياته. الطفل يتعامل بطبيعة الحال مع النقود من مراحل مبكرة نسبياً، لكن علينا أن نحفزه ليفكر بطريقة إيجابية عن النقود كلما تعامل بها. لا أنسى أن أشير إلى أن برنامجي ''المستثمر الذكي'' و''ريالي''، يقوم عليهما كل من هيئة سوق المال وشركة سيدكو القابضة، على التوالي. وهما برنامجان رائدان في التوعية المالية للطفل. يحتوي كل منهما على مجموعة من الأدوات والنصائح المفيدة ــ كثير منها يصلح لتعاطي الطفل معها مباشرة. ما زال المجال مفتوحا والفراغ كبيرا في انتظار مزيد من هذه البرامج الاجتماعية المهمة، والأهم من ذلك، وجود ما يحتاج إليه الطفل من الأفكار الاقتصادية والمالية المعاصرة في مناهج تعليمه وأساليب تربيته.
إنشرها