Author

الميزانية العامة للدولة.. الطموح للأفضل

|
في نهاية كل عام ميلادي، يتم إقرار النتائج المالية والميزانية العامة للدولة للعام الحالي والجديد من حيث الإيرادات العامة (بترولية وغير بترولية)، والمصروفات العامة (شاملة الرواتب والمصروفات على جميع القطاعات الأخرى). بلا استثناء، كل الدول تقوم بمثل هذه الممارسات من حيث إقرار واعتماد الميزانية العامة للدول. ولكن هناك العديد من الدول التي خطت خطوات متقدمة من حيث إعداد ميزانيات متوسطة المدى (مثلا لثلاث أو خمس سنوات قادمة). هل هناك أي ضرورة لإعداد ميزانيات عامة متوسطة المدى او أن الممارسات الحالية كافية؟ في البداية، إن الغاية من إعداد ميزانية متوسطة المدى هو وضع آلية وأهداف متعددة السنوات لمكونات الميزانية العامة للدولة ومحاولة الالتزام بهذه المكونات عند إعداد الميزانية السنوية وعند تنفيذها. السبب في ذلك،هو وضع بعض القيود على صُناع القرار لأنهم يولون أهمية كبرى للأهداف قصيرة المدى مقارنة بالأهداف طويلة المدى. فالهدف من تبني ميزانية متوسطة المدى هو استخدمها كأداة تحليل لمعرفة حدود وفعالية السياسة المالية ومدى تناسقها مع أهداف الحكومة. بالأخص عندما تكون هناك احتياجات تنموية ملحة، هناك حاجة لمثل هذه الأداة لمعرفة أوجه القصور ومحاولة تفاديها في السنوات المقبلة. عند النظر إلى الميزانية العامة للدولة خلال العشر سنوات الماضية، نلاحظ أن الفرق بين المصروفات التقديرية والفعلية يتجاوز 20 في المائة من المصروفات التقديرية عند اعتماد الميزانية في بداية كل عام، على الرغم من محاولة تبني أسعار نفط متحفظة للحد من الزيادة الكبيرة في المصروفات. بالرغم من ذلك،هنا معامل ارتباط قوي (في حدود 85 في المائة) بين الفرق في المصروفات الفعلية والتقديرية مع تحركات أسعار النفط العالمية. بمعنى، كلما ارتفعت أسعار النفط، زاد الإنفاق الحكومي بنسبة مقاربة. ولكن هذا يعرض الإنفاق الحكومي إلى التقلبات وفي بعض إلى الأحيان إلى تراكم الدين العام بشكل كبير جداً، كما حصل في نهاية عقد التسعينات عندما انخفضت أسعار النفط إلى مستويات متدنية في حدود 10 دولارات لبرميل النفط. لذا هناك حاجة إلى إعداد ميزانية متوسطة المدى تأخذ في الاعتبار التقلبات الحادة في أسعار النفط وبالتالي الإنفاق الحكومي من أجل تحقيق الأهداف التنموية التي تنشدها الحكومة. بشكل طبيعي ، نقطة البداية هي محاولة ربط الميزانية متوسطة المدى بخطط التنمية الخمسية الصادرة من وزارة الاقتصاد والتخطيط. هذه الخطط الخمسية غنية بتوقعات مستقبلية على الصعيدين الكلي والقطاعي، والتي تعتمد على المشاورات مع مختلف الوزارات والجهات الحكومية وكذلك القطاع الخاص. إضافة إلى هذا، لابد أن يكون هناك توقعات مستقبلية للسنوات القادمة لبعض المتغيرات الاقتصادية مثل معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي والتضخم والإيرادات النفطية. في العادة يقوم صناع القرار في دول العالم من طرحها الميزانية متوسطة المدى للنقاش في البرلمان (مجلس الشورى في واقعنا المحلي)، وكذلك التشاور مع الوزارات الحكومية الاخرى قبل اعتمادها من قبل هذه الحكومات. لذا نأمل ونطمح لوطننا (كأكبر اقتصاد في المنطقه العربية ومنتج للنفط) أن تكون لديه ميزانية متوسطة المدى لمعرفة مدى فعالية صناع القرار في تحقيق أهداف التنمية المتوازنة التي تنشدها حكومة خادم الحرمين الشريفين وتعزيز رفاهية المواطن على المدى الطويل.
إنشرها