Author

أسباب تعثر المشاريع ـــ الاستشاري

|
تدور الثقافة السائدة حول العداوة بين المقاول والاستشاري باعتبارها نقطة إيجابية في نظر المالك، وهي ثقافة لا شك خاطئة ينتج عنها تعثر الكثير من المشاريع. والواجب أن تكون العلاقة بين أطراف العقد في أحسن حالاتها لتحقيق الهدف من عملهم كفريق واحد وهو إنجاز المشروع، فالاستشاري هو عين المالك على المشروع، ويعمل لتحقيق متطلبات المالك من المشروع عن طريق المقاول في بيئة تحكمها العقود ويُغطيها ميثاق المهندس وأخلاقيات ممارسة مهنة الهندسة. ومع أن الاستشاري يُعين بعقد منفصل، وليس طرفا في العقد الذي يتم إبرامه في العادة بين المالك والمقاول، إلا أن اسمه يرد في الكثير من بنود هذا العقد، خصوصا في البنود التي تتعلق باعتماد الأعمال واختيار المواد والاستلام النهائي للمخرجات. إلا أن دوره في الحقيقة يجب أن يشمل التركيز على الهدف الرئيس وهو إنهاء المشروع في وقته وضمن تكلفته وحسب مواصفاته. وأن يكون مُعينا للمالك وللمقاول في تجاوز الصعاب التي يتعرض لها المشروع. هيئة مكافحة الفساد ذكرت على لسان رئيسها في المؤتمر الثالث لإدارة المشاريع أن ضعف الإشراف هو أحد الأمور التي تشتكي منها المشاريع، سواء تم الإشراف ذاتيا من قبل الجهة المالكة أو خارجيا من قبل استشاري، وذلك لعدم متابعة الجهة المتعاقدة للمشروع ميدانيا ومكتبيا للتأكد من وجود جهاز الإشراف الفني بالكفاءات والمؤهلات ذاتها المنصوص عليها في العقد. وهي نقطة في الصميم يعرفها من يعمل في مجال المشاريع، فمهندسو الجهات الإدارية لا يهتمون كلهم بالعمل الموكل لهم، في الوقت الذي لا يتابعهم أغلب المسؤولين عنهم بشكل دقيق، وحتى مع إبلاغ المسؤولين عنهم عن ممارساتهم الضاغطة على المقاولين أو حتى الظالمة لهم، فإن هؤلاء المديرين لا يحركون ساكنا، وأكثر ما يفعلونه هو تطبيق الغرامات على المقاول حتى لو كان سبب التأخير من داخل الإدارة. أما عندما يكون الاستشاري طرفا خارجيا، فالمشكلة مضاعفة، فمهندس المالك لديه شماعة، والاستشاري قد لا يستطيع اختيار الأصلح من المهندسين لتعسف قوانين الاستقدام، مما سبب ظهور بعض حالات الفساد في المشاريع. وهي مشكلة ستواجهها هيئة مكافحة الفساد بتحد كبير، حيث إن الفساد في مثل هذه الحالات لا يترك دليلا. لكن الأثر يدل على المسير، ولو كانت الهيئة أو الجهات نفسها تدقق في أسباب التأخير وليس على نتيجته فقط، لوجدت أن كثير من المشكلات يكون لجهاز الإشراف دور فيها، أو حتى المسؤولين عن المشرفين بعدم تحملهم أمانة أعمالهم والتدقيق في الشكاوى التي تُقدم لهم، أو عدم سؤالهم عن الأسباب وراء تعثر المشروع. عقود الإشراف تكون في غالب الأوقات على أساس (رجل/ شهر)، وهو أساس ليس فيه تحفيز للاستشاري لإنهاء المشروع في وقته بينما العكس صحيح. ومع أن الأساس أن يعمل المهندس الاستشاري حسب قواعد ممارسة المهنة التي تؤكد على العمل على إنجاح المشروع، إلا أنه قد يكون سببا في تعثر المشروع عندما لا يهتم بالهدف من المشروع ولا بالمنتج النهائي ويحصر عمله فقط في استلام الأعمال والتدقيق على الجودة، كذلك عندما لا يختار عناصره العاملة معه بعناية، وعندما لا يتعاون مع بقية الأطراف في المشروع فيما يحقق مصالحهم وما فيه دفع لنسب الإنجاز وتقدم العمل ومتابعة الجدول الزمني، وفي إدارة العلاقة والاتصالات في المشروع، عندما يكون هناك عدم وضوح في نطاق عمله ومسؤولياته وصلاحياته، وطريقة متابعته للمشروع، والحدود الزمنية للقرارات التي يتخذها، أو عندما تكون تقاريره غير دقيقة أو حتى مضللة.
إنشرها