أخبار اقتصادية

العمل المصرفي الإسلامي أكثر كفاءة في تحقيق التنمية البشرية لاعتماده مبدأ المشاركة

العمل المصرفي الإسلامي أكثر كفاءة في تحقيق التنمية البشرية لاعتماده مبدأ المشاركة

أوضح الدكتور مجدي غيث عضو هيئة التدريس في جامعة الخرج، أن على العمل المصرفي الإسلامي تحقيق أقصى كفاءة ممكنة للموارد المالية المتاحة لديه في ظل استخدامه لمبدأ المشاركة، مقارنة بالنظام المصرفي الربوي القائم على مبدأ الفائدة. وأشار إلى أنه تتضح كفاءة المصرف الإسلامي في الاستثمار، والكفاءة في تخصيص الموارد المالية، والكفاءة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، والكفاءة في تحقيق التنمية البشرية، والكفاءة الاقتصادية.. جاء ذلك في حوار أجرته صفحة التمويل الإسلامي. هل العمل المصرفي الإسلامي أكثر قدرة وكفاءة على استثمار الموارد المالية المتاحة؟ لا بد من الإشارة إلى أنه فيما يتعلق بكفاءة سعر الفائدة في الاستثمار: فإن له تأثيرا سلبيا في كل من الاستثمار والادخار، كما أوضح Wicksell وkeynes؛ أن الفائدة عبء وقيد على الاستثمار، فالمنظم يقارن بين تكلفة التمويل (سعر الفائدة) والكفاءة الحدية للاستثمار أو الربح المتوقع. وعندما لا يكون الفرق بينهما كافيا لإقناع المنظم بالاستثمار فلن يقدم عليه، وهذا يعني أن الفائدة أصبحت قيداً مؤسسياً على الاستثمار الحقيقي. ومن التأثيرات السلبية أيضاً فشل معدل الفائدة الحقيقي المرتفع في تشجيع الادخار، ما أدى إلى انخفاض معدلات الزيادة في الاستثمار والنمو الاقتصادي، وتعد الفائدة قيدا على الاستثمار نظرا للعلاقة العكسية بين سعر الفائدة وحجم الاستثمار، فحجم الاستثمار في الاقتصاد الكلي دالة عكسية لسعر الفائدة. وعليه؛ فإن اعتبار آلية الفائدة ضرورية لاستيلاد الادخار ومن ثم تجهيز موارد الاستثمار أمر مطعون فيه، فقد أعاقت الفائدة الاستثمار، وتحولت إلى آلية لفرملته.. نأتي الآن للحديث حول إمكانية نظام المشاركة في تحقيق الكفاءة الاستثمارية للموارد المالية، فنقول: إن مبدأ المشاركة التي تعمل به المصرفية الإسلامية يعني أنها مؤسسة ليست وسيطة بين المدخرين كفريق مستقل وبين المستثمرين كفريق آخر ـــ كما هو الحال في المصارف التجارية ـــ بل هي وسيط استثماري أي وسيط بين أصحاب المدخرات (وحدات الفائض) وطالبي التمويل (وحدات العجز) على أساس مبدأ المشاركة، والعائد الذي تنتظره وحدات الفائض يتحدد تبعاً لنجاح المشروع الاستثماري، ومن ثم فهو دخل يرتبط ارتباطا مباشراً بالنشاط الإنتاجي. وهناك احتمالات تحيط بهذا العائد؛ فقد يكون مرتفعاً، وقد يكون منخفضا. والمنطقي أن كل شخص يريد استثمار مدخراته سيجد حافزاً أكبر كلما توقع ربحاً أكبر، فالاستثمارات القائمة على المشاركة تنطوي على مخاطرة أعلى، الأمر الذي لا يرغب كل واحد في تحمله، فبعض الأشخاص يفضل أن تكون هناك صيغ ذات مخاطرة أقل، وهي موجودة في نطاق الصيغ التمويلية. ومن ثم فإن ما هو مهم توافر فرص استثمارية ذات مخاطر واستحقاقات متنوعة لإشباع التفضيلات المختلفة للمدخرين. وهذا الأمر لا يتوافر في إطار نظام الفائدة، حيث إن هناك قيوداً عديدة على ارتفاع أسعار الفائدة في السوق المصرفي؛ قيودٌ يضعها البنك المصرفي لأهداف اقتصادية كلية، وقيودٌ أخرى تمارسها البنوك نفسها لأغراض السياسة الائتمانية والمقدرة الوفائية. أما معدلات الربحية في إطار آلية المشاركة، فإنها تتغير بمرونة أكبر بكثير مقارنة بأسعار الفائدة في ظل آليات التمويل بالدين. ومن ثم فإن آلية المشاركة أكثر قدرة على جذب وتعبئة المدخرات لأغرض الاستثمار بخلاف آلية الفائدة التي لا يمكن تحريكها لأعلى أو لأسفل بمرونة كافية. هل تعتقدون أن المصارف الإسلامية أكثر قدرة على تخصيص الموارد المالية النقدية نحو الاستخدامات الفعلية. الحقيقة أن المصارف الربوية في ظل نظام الفائدة تتحيز لاختيار عملائها وفقاً لقاعدة الملاءة المالية؛ ضماناً لاسترداد قروضها إضافة للفائدة المترتبة، ولا تعبأ بطبيعة المشاريع المقدمة، ولا بمسار القروض، ولا بالمشروع الذي يحقق العوائد الأعلى من بين المشاريع المقدمة للاقتراض. بل همُّها الوحيد هو استرداد المال. وعلاوة على ذلك فإن المصارف الربوية ـــ بناءً على قاعدة الملاءة المالية ـــ تتحيز في توزيع الائتمان لصالح كبار الشركات والعملاء ولصالح شركات القطاع العام على حساب صغار التجار والقطاع الخاص. أما فيما يتعلق بالمصرف الإسلامي وكفاءته في تخصيص الموارد، فتظهر في ظل عدم اعتماده على قاعدة الملاءة المالية في توزيع موارده النقدية على وحدات العجز؛ فالبنك الإسلامي يشاركها فيما يتحقق من ربح، ومن ثم فإنه من أجل تعظيم الربح لا بد له أن يعطي تفضيلاً من عمليات التمويل للمشروعات التي تعطي عائداً أعلى، فالتي تليها ـــ مع الاهتمام أيضا بالعميل وأمانته ـــ. وعليه؛ فإن آلية المشاركة في الربح والخسارة المتبعة في المصارف الإسلامية تختلف عن مبدأ الفائدة في القدرة على توزيع الموارد المالية تبعاً لمعدلات العوائد المتوقعة، وتعتمد هذه النتيجة على الممارسات الكفأة لعمليات المشاركة؛ فكلما ارتبطت هذه العمليات بالمعدلات المتوقعة للأرباح على أسس سليمة كلما أصبحت أكثر كفاءة، وكلما اقتربت من الاستخدام الأمثل لها. وتعليقا على ما تقدم فإن معدل العائد على المشاركة غير ثابت زمنياً ولا واحداً في جميع الأنشطة، وهو بذلك سيعكس حقيقة الحاجة لرأس المال (ندرة المال) حسب الأنشطة المختلفة، وسيعكس أيضاً ضرورة النشاط، ومعدلات كفايته وإنتاجيته، ودرجة المخاطرة فيه، حيث من المتوقع أن تتفاوت حصص رأس المال حسب الاعتبارات المشار إليها، ما يجعل عائد المشاركة أكثر قرباً ودقة وتعبيراً عن الفرصة البديلة عند القيام بتخصيص الموارد. ومن جهة أخرى، يمكن النظر إلى كفاءة آلية المشاركة في تخصيص الموارد من خلال النظر إلى المنظم باعتباره القوة الأساسية وراء اتخاذ القرارات الاستثمارية؛ فإزالة أحد المصادر الأساسية لعدم التأكد والظلم (الفائدة) يؤدي إلى أثر إيجابي في اتخاذه لقراره. وعلاوة على ذلك فإنها تجعل المدخرين والمصارف معنيين بنجاح تجارة المنظم، بما يؤدي إلى تحسين توافر المعلومات والمهارات والكفاءة والربحية بما يكفل التخصيص الأمثل للموارد. كما يمكن القول ـــ نتيجة لدور المصارف الاجتماعي ـــ بأن المصرف الإسلامي قد يوجه من قبل البنك المركزي لتمويل مشروعات ذات عوائد منخفضة نسبيا لأسباب اجتماعية؛ فالربح الاجتماعي يجب أن يؤخذ في الحسبان عندما يكون ذلك ضرورياً. كيف يمكن أن يحقق النظام المصرفي الإٍسلامي الكفاءة في الاستقرار الاقتصادي؟ من أهم أسباب الأزمات المالية استفحال الدين العام والخاص نتيجة السهولة النسبية في الوصول إلى الائتمان ولا سيما قصير الأجل في نظام الوساطة المالية القائم على الفائدة؛ حيث يميل المقرضون إلى الاعتماد على قوة الضمانات بدلا من الاعتماد على قوة المشروع، إضافة لميلهم إلى التوسع في الإقراض في أوقات الرخاء، وتقنينه في أوقات الركود أو منعه خوفاً من الخسارة، ما يزيد من سوء الأزمات الاقتصادية. ومن ناحية أخرى، تلعب الفائدة دورا في الأزمات الاقتصادية من خلال ما تصيبه طبقة المرابين من إثراء سريع غير مشروع بسبب حصولهم على الفوائد المقررة دون المساهمة في مخاطر مشروعاتهم. ورجوعا إلى الأزمة المالية في عام 2008 تم تقديم المشاركة عقاراً نظراً لاعتبار الفائدة سبباً رئيساً لها؛ فالانتهاء عن الفوائد الربوية واستخدام أساليب المشاركات والبيوع علاجاً للأزمة. ومن الجدير بالذكر، أن أحد أساليب معالجة الأزمة المقترحة كان تخفيض معدل الفائدة حتى وصل إلى 1 في المائة في أمريكا، وفي اليابان قام البنك المركزي الياباني بتخفيض سعر الفائدة حتى وصل إلى 0.1 في المائة، وقد أشار الكثير من الاقتصاديين المنصفين إلى أن الفائدة سبب رئيس للأزمات. كيف يؤدي النظام المصرفي الإسلامي الكفاءة في تحقيق التنمية البشرية بوصفها غاية التنمية الاقتصادية؟ يشكل الإنسان محور الدراسات المتعلقة بالتنمية المستدامة، وذلك بإحداث تغيرات هيكلية وجذرية في المورد البشري وتأهيله وتوجيهه للأفضل، التي من شأنها النهوض بواقع المجتمع الاقتصادي والاجتماعي. أما فيما يتعلق بدور المصارف الإسلامية عموما وآلية المشاركة خصوصا في التنمية البشرية، فيتضح من خلال دور آلية المشاركة في إحداث تغيرات في المورد البشري توجهه للنهوض بأعبائه، ومن ذلك: تنمية السلوك الإيجابي الذي يلزم حتماً لتنمية اقتصادية صحيحة بين أبناء المجتمع الواحد؛ وذلك لأن المشاركة عندما تؤخذ بحقها تعني أن اثنين يفكران معاً في اتخاذ القرار، ويتحملان معاً المسؤولية وليس واحداً فقط، أو بعبارة أخرى أن آلية المشاركة تدفع وحدات الفائض ووحدات العجز للمساهمة في النشاط الاقتصادي. وذلك في مقابل آليات النظام الربوي القائمة على الفائدة التي تسمح وتقبل بغياب كامل أو بالخمول أو النوم لنسبة من أبناء المجتمع، والسبب في ذلك أنهم ادخروا أموالهم، أو ورثوها من غيرهم، أو أنهم من الممكن قد اكتسبوها بطرق غير شرعية. وختاما: أخلص إلى القول إن العمل المصرفي الإسلامي، واعتماداً على مبدأ المشاركة، أكثر كفاءة في تحقيق التنمية البشرية؛ لأن الجميع يشترك، يفكر، يقدم، يقترح. أو بعبارة أدق يتحمل المسؤولية ويخاطر. في مقابل المصرف الربوي القائم على مبدأ الفائدة الذي يخلق فئة من الناس تعيش دون مشقة أو بذل جهد، ما يدعوهم إلى الراحة والركون.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية