Author

الرؤية الثاقبة وشجاعة المبادرة الخليجية

|

رئيس المعهد الدولي للطاقة والبئية والتوقعات الاستراتيجية

[email protected]

 

في الحلقة الأولى تطرقنا إلى ما يجري من تغييرات في الوطن العربي، ووصفناه بأنه تحول قسري للديمقراطية من خلال النظام نفسه، وبضغوط من القاعدة الاجتماعية وبدعم من النظام العالمي الجديد. أما في الحلقة الثانية فألقينا الضوء على الصعيد الداخلي، وضرورة التعامل مع الظروف الاستثنائية بمبادرات استثنائية ترقى إلى التعامل مع الحدث نفسه، واقترحنا حزمة من الأمور الآنية مثل سرعة رفع معاناة المواطنين وتحسين أوضاعهم وذلك بتوفير مبلغ مالي مقطوع لكل أسرة سعودية، وكذلك منح أراض سكنية لكل أسرة سعودية وتسهيل القروض العقارية لمن يرغب في الشروع في البناء وتكوين لجان تظلمات في الأحياء الرئيسة في مدن السعودية وقراها، وذلك للنظر في جميع تظلمات المواطنين، أما على المدى القريب والمتوسط فهو الشروع في إصلاحات سياسية والبدء بوضع الآليات التي تضمن الشفافية والمحاسبة لحل الأزمات الحالية والمستقبلية وضمان مشاركة أفراد المجتمع في صنع القرار الذي يمس المواطن ومراقبة تنفيذه بشكل منظم وبشفافية فاعلة تقضي على الهدر والخلل الإداري والمالي. وفي هذا المقال الثالث وبينما يجتمع في هذه الأيام وزراء خارجية مجلس التعاون لبحث الأوضاع الخليجية، خصوصا الأوضاع في البحرين وعمان، سنلقي الضوء في هذا المقال على أوضاعنا الإقليمية، وبالخصوص دول مجلس الخليج العربي وضرورة التعامل مع تلك الظروف الاستثنائية التي تجتاح دول الخليج بمبادرات استثنائية ترقى للتعامل مع الحدث نفسه وتحفظ السلم والأمن الاجتماعي الخليجي، وذلك من خلال مشروع ''مارشال خليجي'' لتحفيز الاندماج الاجتماعي بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. إن الإطار الأمثل لمواجهة التحديات الخليجية وما نرى من محاولة إثارة النعرات الطائفية والقلاقل في البحرين، وإلى حد ما في عمان، هو من خلال مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي يهدف أصلا إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي أكدت أيضا تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس. فالمنطلقات التي شدد عليها المجلس في نظامه الأساسي هي ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية. وتحددت أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص وصولا إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها. من هنا نرى أن مواجهة التحديات الحالية هي في تبني مبادرة خليجية فورية لإطلاق مشاريع وحدوية جبارة بين شعوب الدول الست، سرعة الاندماج الاجتماعي بين مواطني دول المجلس، وذلك بوضع مجموعة من التدابير والتحويلات الاقتصادية والتعليمية والإدارية والاجتماعية، التي تضمن توحيد المناهج العلمية وخطة مشتركة لتطوير التعليم في دول المجلس ترتكز على أبنائها وإصلاح أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وبإيجاد فرص عمل للشباب والشابات العاطلين عن العمل في جميع الدول الست، وذلك بالتركيز على المساواة في مجال العمل في القطاعين الحكومي والأهلي، وكذلك المساواة في التقاعد والتأمين الاجتماعي، ومد الحماية التأمينية لكل مواطني دول المجلس العاملين في الدول الأعضاء الأخرى وفتح سوق العمل في دول المجلس لتوظيف العمالة الخليجية وتشجيع المواطن الخليجي على العمل ومنحه الأولوية في العمل في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص ومساواتهم مع المواطنين في كل دولة من دول المجلس، ومنح مواطني المجلس الذين يعملون في غير دولهم امتيازات على الآخرين مثل توفير السكن لهم ولعائلاتهم وإذابتهم في النسق الاجتماعي للدول الأخرى. وخلق صلات جديدة في الدورة الاقتصادية الخليجية وتشغل موارد واحتياطات من الأيدي العاملة التي لا ينظر إليها كبديل للتنمية الاقتصادية الداخلية، بل إنه يخلق استثمار بعض الموارد ظروفا مناسبة لاستجلاب درجة أعلى من التنمية. وتوزيع أفضل للقوى المنتجة التي تحقق الاندماج الوثيق بين أبناء الدول الخليجية وذوبانهم في نسيج اجتماعي/ اقتصادي متكامل وممارسة كل حقوق المواطنة على قدم المساواة بما يكفل استمرار انخراطها الفاعل في الحياة الاقتصادية، وبما يعزز الوحدة الخليجية وتقوية أواصرها.
إنشرها