Author

تجارة التجزئة .. (الاحتكار) المصيبة الأعظم!

|
واحدة من القضايا الخطيرة في تجارة التجزئة والتي ترقى إلى (المصيبة الأعظم) ونخشى أن الحكومة لا تدري عنها هي السيطرة على تجارة التجزئة عبر فئات العمالة، فكل جنسية تسيطر على مجال، بل هناك مَن يسيطر على عدة مجالات في التجزئة وهذا هو الأخطر، وهذا الاحتكار هو الذي أدى إلى اختطاف القطاع من أيدي السعوديين وتحويلهم إلى متفرجين على مائدة القطاع! هل يدرك المسؤولون الحكوميون مجالات السيطرة؟ ومَن يسيطر على مَن؟ وما المخاطر المتعددة لهذه السيطرة على المستوى الوطني .. أشك في ذلك، لأنهم لو عرفوا لتحركوا وبادروا وأخذتهم الحمية الوطنية، وبما أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما يقول الفقهاء .. لذا مسؤولونا تصوروا أن وضع القطاع ممتاز ولا توجد مشاكل، هذا تصورهم، لذا جاء حكمهم أن (الأمور تمام)! هل يدركون المخاطر الأمنية، بالذات غسيل الأموال؟! هل يدركون المخاطر التجارية؟ أي هل يعلمون أن معلومات تداول السلع الأساسية وحركتها في الأسواق غير مضبوطة، وغير دقيقة ومن الصعب الوصول إليها مع تدني البنية الإدارية والمالية وغياب آليات الرقابة لتجارة التجزئة؟! هل يدركون التكلفة الاقتصادية التي تترتب على التلوث للبيئة، وعلى تكلفة التغطية الأمنية وتكلفة صيانة ونظافة المدن، حيث تتلقى مدننا آلاف الأطنان من النفايات كل يوم من هذا القطاع؟! هل يدركون المخاطر على السلامة والصحة العامة مع تحول تجارة التجزئة ـــ المسيطر عليها ــــ إلى منافذ لتسويق وترويج البضائع المقلدة والمغشوشة والرديئة الصنع ذات المخاطر الصحية كالتي تسوق في محال (أبو ريالين)؟! ما أكثر الأسئلة الجوهرية، بدءاً مما طرحناه أمس حول ضياع الفرص التجارية من السعوديين، وانتهاء بخطورة هذا القطاع على استهلاك الخدمات العامة التي توفرها الدولة. الأسئلة عديدة، وربما صعوبة الإجابة بشكل عملي عنها بحيث تعكس الرغبة في الإصلاح لهذا القطاع تعود لكون تجارة التجزئة لم تعد قضية وزارة أو هيئة، هذا هو الجانب الصعب، فوضعها الآن يرتبط بجهات أعلى قادرة على إعداد الأنظمة على المستوى الوطني وإقرارها، فالوضع الآن أصبح يمس أمن الدولة واستقرار المجتمع وسلامة الاقتصاد .. وتجارة التجزئة هي مبرر ومؤشر موضوعي إذا قلنا إن اقتصادنا مختطف من بين أيدينا وفي هذا تهديد خطر لمستقبلنا. بعد مقال الأمس هناك مَن سأل: هل هناك (خوف) لدى الدولة من إصلاح تجارة التجزئة بعدما وصل ضررها إلى المواطن البسيط؟ أعتقد أن الدولة لن تخاف أو تخشى أو تتردد في اتخاذ أي قرار يكون في مصلحة المواطن وحقوقه الأساسية، الإرادة السياسية حاضرة وشواهد التاريخ تدعم ذلك.. المشكلة هي في الجهاز الحكومي الذي كبر وترهل وتعددت وتشتتت اهتماماته وتنازعت صلاحياته .. وهذا قادنا إلى (فراغ المبادرة) وتراجع الإرادة، ويدعم ذلك غياب المؤسسات والأجهزة المخوَّلة بالنظرة الشاملة .. فلم نعد نحدد مَن يضع الخطوط العريضة ومَن يتولى تنفيذها. اختلطت القضايا الأساسية الاستراتيجية مع التنفيذية .. لذا ضاع قطاع تجارة التجزئة ولم نعد نراه، لكي نراه نحتاج إلى نظارة تساعد على الرؤية متعددة الأبعاد .. مَن يلبس النظارة!
إنشرها