Author

انضمام السعودية إلى منظمة التجارة يحمي منتجاتها

|
يثار النقاش حول الأثر المترتب على انضمام السعودية على منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بحماية المنتجات والصناعات السعودية في الأسواق العالمية من الإغراق, ولاسيما أن مشروع نظام مكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والحماية الوقائية لم يتضمن من الآليات ما يكفل هذه الحماية, رغم أن هذا الجانب يتمتع بأهمية عملية, نظراً لأن بعض المصانع السعودية قد تعرضت في السنوات القليلة الماضية لاتهامات من قبل جهات أجنبية بأنها قد لجأت إلى إغراق العديد من الأسواق الدولية في أربع قارات مثالها الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" عبر شركة "حديد" التابعة لها في الولايات المتحدة, والمصنع السعودي لتقنية الخيوط والنسيج "سنتك" الذي تعرض لتهمة الإغراق من قبل المفوضية الأوروبية وكسب كلاهما القضية التي أثيرت ضده. بل توجهت الاتهامات إلى الدعم الذي تتلقاه المنتجات السعودية من الدولة, سواء في شكل قروض مالية أو أراض أو إعفاءات جمركية. هذا فضلا عن أن بعض المصانع المحلية يُمكن أن توجه إليه مثل هذه الاتهامات دون أن يُعلن عن ذلك, ومازالت بعض القضايا المرفوعة ضد مصانع سعودية لم تُحسم بعد. وتبدو خطورة قضايا الإغراق في أنه إذا صدر حكم ضد أحد المصانع الوطنية بأن ثبتت عليه تهمة الإغراق وتعرض لدفع رسوم جمركية إضافية فإن ذلك سيكون وبالاً على مصانع محلية أخرى مماثلة في ظل أنظمة منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها السعودية بعد عشر سنوات من المفاوضات, حيث تُمارس هذه المنظمة مهامها الدولية بتطبيق الاتفاقيات والقرارات الناجمة عن جولة أورجواى, ومراقبة محاولات الإغراق مع وضع القوانين والأنظمة والضوابط الحاكمة لها. كما تبدو خطورة هذه القضايا كذلك في أن استمرار الاتهامات التي تُلاحق المصانع السعودية في الخارج من شأنها أن تُهدد مكانة الصادرات السعودية غير النفطية التي يُعقد عليها الكثير من الأمل في تنويع روافد الدخل الوطني وعدم التركيز على إيرادات البترول التي تتسم بالتقلب وعدم الثبات. وقد سبق أن أشارت بعض الدراسات إلى أن الصادرات السعودية غير النفطية يتوقع أن تصل إلى نحو 76 مليار ريال عام 2005 م. لذا فإن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية من شأنه أن يُساعد على تجنب الآثار السلبية التي تترتب على المنتجات السعودية في الخارج بسبب مثل هذه الاتهامات وبسبب عمليات الإغراق والمنافسة غير المشروعة التي تتعرض لها في الخارج, إذ تتضمن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية قواعد معينة لتسوية المنازعات, حيث قررت المادة (5) من اتفاقية مكافحة الإغراق ضمن اتفاقيات الجات, إجراءات معينة للتحقيق في قضايا الإغراق, فنصت على أن يبدأ التحقيق في وجود إغراق مدعى ودرجته بناء على طلب مكتوب من الصناعة المحلية أو باسمها. ويتم إخطار كل الأطراف ذات المصلحة بالمعلومات التي تتطلبها سلطات التحقيق, وتُعطى فرصة كافية كي تٌقدم كل الأدلة التي تعتبرها ذات صلة بالتحقيق, وتُتاح الفرصة كاملة لكل الأطراف ذات المصلحة، طوال فترة التحقيق، للدفاع عن مصالحها. وتعامل السلطات أي معلومات تقدمها الأطراف بسرية تامة. وإذا ثبت وجود الإغراق المدعى والضرر المترتب عليه فيصدر قرار من سلطات التحقيق المختصة بفرض رسوم مكافحة الإغراق بالمقدار والمدى اللازمين لمواجهة الإغراق الذي يسبب الضرر. وأرى أن مكافحة الإغراق الموجه إلى المنتجات السعودية في الخارج يتطلب ما يلي: التزام الشركات والمصانع السعودية بالمعايير الدولية التي تحكم التجارة الدولية, حتى لا تتعرض لفرض رسوم إغراق على صادراتها للخارج, وحتى لا تفقد بعض الأسواق المفتوحة أمامها أو تتزعزع ثقة القائمين عليها بمنتجاتها؛ فعنصر الجودة أضحى من أهم العوامل التي تساعد هذه المنتجات على البقاء والمنافسة في الأسواق الدولية. التزام الشركات السعودية العاملة في مجال التصدير بتبليغ مركز تنمية الصادرات السعودية عن أية قضية إغراق تتعرض لها في الخارج, وتقدم الأدلة التي تثبت ادعاءها ومدى الضرر الحاصل لها وعلاقة السببية بينهما حتى يتولى المركز تقديم الدعم اللازم لها في الدفاع عن مصالحها والحصول على حقوقها. توفير بيانات دقيقة ومتطورة وحديثة عن الإنتاج الوطني حتى يُمكن التعرف على نسبة المنتج المحلي من السلعة إلى الإنتاج الكلى لها, لأنه لا تقبل أي شكوى إلا إذا كان الشاكي لا يقل حجم إنتاجه عن 50 في المائة من الإنتاج الكلي للسلعة موضوع الإغراق. دعم المكاتب التجارية في السفارات السعودية في الخارج ببيانات ومعلومات عن المصانع والشركات السعودية العاملة في الأسواق الخارجية, حتى تتمكن من مساعدتها وتقديم العون لها عند تعرضها لشكاوى ومطالبات الإغراق. ضرورة إعداد فريق من رجال القانون والخبراء المتخصصين من السعوديين في مجال الإغراق السلعي, بحيث يكون لديهم إلمام كاف بهذا النوع من القضايا, حتى تستطيع الشركات الوطنية أن تستعين بهم في حال تعرضها لأي ممارسات من جانب شركات أو جهات أجنبية.
إنشرها