القطاع السكني: نمو متواضع في مواجهة الطلب المتزايد

القطاع السكني: نمو متواضع في مواجهة الطلب المتزايد

على الرغم من النمو المتزايد والمتواصل في قطاع العقار السكني السعودي إلا أنه سيبقى عاجزاً عن مواجهة الطلب عليه في المستقبل القريب، حيث تشير الدراسات إلى وجود فجوة ما زالت كبيرة بين العرض والطلب، وسيواصل قطاع العقار الذي يتوّقع أن يتصاعد نموه بمعدّل سنوي قدره 5.8 في المئة خلال الفترة بين عام 2004 وعام 2009، ولكن بوتيرة أبطأ. وسوق التمويل العقاري تختلف عن أي نشاط تمويل آخر، لأنها تحتاج إلى أدوات تمويلية مختلفة، فسوق التمويل عموما في السعودية كانت في الجانب التجاري، الذي يحتاج إلى فترة تمويلية كي تسترد من سنة إلى ثلاث سنوات، والنشاط الصناعي يحتاج من 3 إلى عشر سنوات، أما تمويل الإسكان الموجه إلى المستفيدين فإنه يحتاج من 15 إلى 25 سنة.  من ناحية أخرى فإن التوقعات تشير إلى أن أسعار الإيجار في المملكة سترتفع بما يراوح بين 5 و10 في المئة عام 2009. ووفقا للتقديرات الرسمية، أن عدد الوحدات السكنية المشغولة بلغ 4.3 مليون وحدة في عام 2007، منها نحو 50 في المئة مملوكة للأسر التي تمتلك وحدات سكنية، في حين يقطن الآخرون وحدات سكنية يوفرها صاحب العمل أو وحدات سكنية مؤجرة. ومن ناحية أخرى فإن عدد سكان السعودية يبلغ 25 مليون نسمة بمعدل نمو يصل إلى 2.5 في المئة، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد خلال 28 عاما، إضافة إلى ذلك، فإن 40 في المئة من المواطنين السعوديين تقل أعمارهم عن 20 عاما، وأن 70 في المئة منهم دون عمر الثلاثين، حيث تشهد المملكة طلبا متزايدا من فئة الشباب ذوي الدخل المتوسط. لذا، فإذا كانت السعودية تسعى إلى تلبية هذا الطلب فستحتاج إلى بناء 1.5 مليون مسكن جديد بحلول عام 2015، فقد أظهر آخر تعداد للسكان في المملكة أن نحو 42 في المئة من الأسر السعودية لا تملك سكنها، مما يدل على أن نحو ثمانية ملايين مواطن لا يملكون مسكناً في الوقت الحاضر، وهم لا يستطيعون امتلاكها في الوقت القريب بسبب ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء وتكلفة المقاولين، مما قد يؤدى إلى زيادة هذه النسبة في المستقبل. وتشير دراسة للبنك السعودي البريطاني إلى أن نسبة غير القادرين على تملك مساكنهم بلغت 65 في المئة في عام 2009، وكان من المتوقع في ظل الاقتصاد الحر، أن تتمكن آليات السوق من حل هذه الفجوة بشكل سلس وخلال فترة معقولة، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، بل ما حدث عكس ذلك حيث يشير بعض الدارسين إلى أن القدرة على التملك انخفضت في ظل ظروف اقتصادية مثالية، حقق فيها الاقتصاد الوطني قفزات كبيرة، إذ تضاعف حجم الاقتصاد السعودي، خلال السنوات الخمس الماضية، ومع ذلك لم ينعكس هذا النمو السريع على سوق العقار. وبحسب تقرير صادر من مجلس الغرف السعودية نشرته جريدة "الشرق الأوسط" فإن حجم الطلب على العقارات تزايد بمختلف تقسيماتها في المملكة خلال السنوات الأخيرة، سواء كانت عقارات مخصصة للسكن أو للنشاط التجاري، وجاء ذلك نتيجة لعدة عوامل، أهمها الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة في الوقت الراهن، كما يتأثر حجم الطلب على الوحدات العقارية بمجموعة من العوامل، أهمها عدد السكان ومعدل النمو السكاني، والتركيبة العمرية للسكان، والناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد منه، وحجم الإنفاق التنموي على مشاريع البنية التحتية، والقروض المقدمة إلى هذا القطاع من قِبل البنوك والجهات المختصة بالتمويل العقاري. كما أشار التقرير إلى أن أغلبية العوامل تدل على تزايد الطلب بشكل واضح على العقارات في المملكة، مبينا أن التقديرات تشير إلى أنه لتلبية هذا الطلب يتطلب الأمر بناء ما بين 164 ألفا إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا، كما أنه يجب إنشاء 2.62 مليون وحدة سكنية حتى 2020، وأنه من الملاحظ أن آثار تزايد الطلب العقاري بدأت تنعكس على نشاط هذا القطاع العقاري بشكل كلي، حيث تضاعفت قيمة الصفقات العقارية بالمملكة عام 2009، وتجاوزت تريليون ريال عام 2008، كما يؤكد أن الطلب على العقارات سيشهد مزيدا من النمو، عندما يتم حل مشكلة التمويل العقاري في السنوات المقبلة، حيث يعتبر ذلك عاملا مهما في نمو القطاع العقاري. وقال التقرير، إن حجم العمالة في القطاع العقاري يمثل نحو 15 في المئة من إجمالي العمالة المدنية في جميع القطاعات وجميع التخصصات، المرتبطة بالمراحل المختلفة للبناء والتشييد من مهندسين ومصممين واستشاريين، ومقاولين، وفنيين، ومسوقين، ومثمنين، وغيرهم كثير ممن لهم علاقة بالقطاع العقاري، ويقدر متوسط النمو السنوي للعمالة في هذا القطاع بنحو 5.1 في المئة، ومن ثم فإنه يعتبر القطاع المستوعب الأول للعمالة على مستوى القطاعات الإنتاجية، وذلك لا يعني أن هذا القطاع يسهم في استيعاب عمالة وطنية بالنسبة نفسها نظرا إلى طبيعة فرص العمل في هذا القطاع، وانخفاض إقبال العمالة الوطنية عليها، واعتماده بشكل كبير على العمالة الوافدة، الأمر الذي يعول عليه في خفض معدلات البطالة في المستقبل عندما تتوافر العمالة الوطنية التي تلبي احتياجات هذا القطاع من المهن المختلفة. وكشفت التقارير أن قطاع العقار والبناء في المملكة يوفر واحدة من أكثر الفرص الاستثمارية جاذبية في المنطقة، كما أن هناك ما يزيد على 285 مشروعاً عقارياً بقيمة 260 مليار دولار يجري تنفيذها أو تصميمها في المملكة خلال الفترة الحالية.
إنشرها

أضف تعليق