Author

ضوابط مهمة تكفل فاعلية صناديق الاستثمار

|
صناديق الاستثمار تُعد الأسلوب الأفضل بالنسبة للمستثمر الصغير الذي لا يقدر على القيام بالمشروعات الاستثمارية الضخمة والمستقلة وتحمل المخاطر التجارية التي تتعرض لها. صناديق الاستثمار عبارة عن برامج أو أدوات استثمارية تضامنية حديثة النشأة تقوم على أساس تجميع أموال الأفراد (وهم المستثمرون أو المساهمون في رأس مال الصندوق), حيث يتم استثمارها في أشكال وأدوات استثمارية أخرى, وذلك في إطار سياسات واضحة ومحددة مسبقاً بواسطة مديرين متخصصين وفقاً لأهداف الصندوق. وتمثل صناديق الاستثمار أحد الأساليب العالمية في تمويل الاستثمارات الخاصة, إذ ساعدت على التحول من اقتصاديات الإقراض بفائدة إلى اقتصاديات المشاركة ذلك أن الاقتصاد العالمي سار حتى الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي, سواء على المستوى الاقتصاد العالمي أو على مستوى الاقتصاديات المحلية في كل دولة, على أسلوب الإقراض بفائدة لتمويل الاستثمارات ثم بدأ يتحول إلى اقتصاديات المشاركة, حيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم التمويل بالديون الخارجية على المستوى العالمي وصل في بداية النصف الثاني من هذا القرن إلى 80 في المائة, على حين لم يتجاوز التمويل بالمشاركة أو الاستثمار المباشر 20 في المائة. أما الآن فأصبح التمويل المباشر 75 في المائة وانخفض التمويل بالديون الخارجية إلى 25 في المائة فقط. وتحقق صناديق الاستثمار ميزات عديدة للمستثمر مقارنة بالاستثمار الذي يقوم به الشخص بمفرده بوسائله الخاصة, منها: إن قيمة السهم الذي يدفعه الفرد في الصندوق الاستثماري لا تتحدد على أساس قوى العرض والطلب مثلما يحدث بالنسبة للاستثمار في الأسهم, بل تتحدد طبقاً للقيمة الإجمالية لكافة الأصول الرأسمالية المكونة لرأس مال الصندوق من أسهم وسندات وأصول عقارية ثم قسمتها على عدد الحصص المكونة لرأسماله. وتشير تجارب الدول إلى أن صناديق الاستثمار تُعد الأسلوب الأفضل بالنسبة للمستثمر الصغير الذي لا يقدر على القيام بالمشروعات الاستثمارية الضخمة والمستقلة وتحمل المخاطر التجارية التي تتعرض لها. إذ يواجه صغار المستثمرين عادة نوعين من المشاكل: النوع الأول يتعلق بصعوبة تنويع استثماراتهم المحدودة بسبب صغر حجم أموالهم, والثاني: يرتبط بصعوبة حصولهم على المعلومات الدقيقة عن أسواق الأموال والأصول العقارية والسلع في الوقت المناسب وعدم قدرتهم على الاستعانة بخبراء ومستشارين متخصصين في مجال الاستثمار لتحليل المعلومات ولإبداء النصح لهم لما ينطوي عليه ذلك من نفقات باهظة. فضلاً عن أن صناديق الاستثمار تتيح للمستثمر الصغير فرصة أكبر في الحصول على عوائد استثمارية أفضل مما لو اتخذ قراره الاستثماري على أسس عشوائية يمكن أن تعرضه للخسارة. فصناديق الاستثمار تحقق على المدى البعيد عوائد تفوق معدلات الربح الذي يحصل عليه المدخر في حالة إيداع أمواله لدى البنوك. وأخيراً فإن الاستثمار في صناديق الاستثمار يستجيب لاحتياجات المستثمرين الذين يضعون السيولة والأمان في مقدمة أهدافهم الاستثمارية. ومن ناحية أخرى, فإن الاستثمار في صناديق الاستثمار ليس مأموناً من المخاطر التجارية التي تتعرض لها أي أداة من أدوات الاستثمار, بل إنها تكون معرضة لكافة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الأصول التي يتكون منها الصندوق الاستثماري. ولكن حسن إدارة الصندوق وكفاءتها يمكن أن تقلل من نسبة تعرضه للمخاطر. وهذه الإدارة تكون عادة مستقلة تماماً عن إدارة البنك الذي ينشأ الصندوق في إطاره. لذا فإن هذا البنك لا يضمن المخاطر التي يمكن أن تلحقها. ومما لاشك فيه أن التمويل بالمشاركة يعتبر الأسلوب الذي تعتمده الشريعة الإسلامية, سواء في صورة الشراكة أو المضاربة أو المساقاة أو المزارعة. ومن المشاهد أن البنوك والمؤسسات المالية السعودية تطرح العديد من صناديق الاستثمار, من ثم فهي تعمل في إطار المناخ الاستثماري في البلاد بصفة عامة وفي النظام البنكي بصفة خاصة مما يساعد على نجاحها. فقوة الاقتصاد السعودي وثبات سعر الريال يمنحان الأمان للمستثمر في أن حصته الاستثمارية بالريال لن تتعرض لانخفاض قيمتها. وتعتبر التجربة السعودية في مجال الاستثمار في صناديق الاستثمار رغم حداثتها تجربة فريدة ولكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والتطوير. ولهذا فإننا نرى أنه لكي تحقق صناديق الاستثمار فعاليات وإنجازات أكثر أن يؤخذ في الاعتبار المقترحات الآتية: - أن يتم التوسع في صناديق الاستثمار لتغطية السوق السعودي الضخم, وذلك من خلال زيادة أعدادها والإعلان عنها, مع التركيز على جانب موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية, لأن هذا الجانب كان له أثر كبير في انتشارها في العالم الإسلامي. - ضرورة تخفيض قيمة وثيقة الاستثمار في الصندوق حتى يستطيع صغار المدخرين الاكتتاب فيها, وحتى يمكن توسيع قاعدة المشاركة في رأس مال هذه الصناديق. - يجب نشر الوعي لدى المستثمرين بمشروعية صناديق الاستثمار كبديل شرعي وعملي لفوائد الديون المشوبة بالربا. ويمكن تأسيس شركة كبرى تتولى مهمة الترويج وتغطية الإصدارات الجديدة ونشر الوعي الاستثماري الجماعي. - ضرورة ترشيد أتعاب الإدارة وأتعاب البنك الذي يعمل الصندوق الاستثماري في إطاره, وترشيد المصروفات السنوية للصندوق حتى تستطيع صناديق الاستثمار المنافسة في السوق المالي في ظل النظام العالمي المتجه نحو العولمة والذي تقوده منظمة التجارة العالمية. - يجب تخفيض أو إلغاء النسب التي يتم احتجازها بطريقة إلزامية من القيمة السوقية لأوراق المحفظة وترحيلها إلى احتياطي رأس المال, حتى يشعر المستثمر بحقيقة العائد الاستثماري الذي حصل عليه نتيجة استثماره في الصندوق.
إنشرها