المصارف الإسلامية الخليجية ترقب تباطؤ العقارات جراء الأزمة المالية

المصارف الإسلامية الخليجية ترقب تباطؤ العقارات جراء الأزمة المالية

المصارف الإسلامية الخليجية ترقب تباطؤ العقارات جراء الأزمة المالية

المصارف الإسلامية الخليجية ترقب تباطؤ العقارات جراء الأزمة المالية

يرى بعض المراقبين أن مصير المصارف الإسلامية مرتبط بدرجة كبيرة بسوق العقارات، إذ إن عليها أن تدعم تعاملاتها بأصول فعلية وذلك بسبب حظر التعامل بالفائدة، وفي هذا الصدد يقول مسؤول الخزانة وأسواق المال في بنك الاستثمار الإسلامي الأوروبي داني ماركس: "ربما كان في بادئ الأمر ينظر للمصارف الإسلامية باعتبارها الأقل تأثرا لأنها لا تستثمر في الأدوات التي أثارت الاضطرابات منذ نحو 18 شهرا"، إلا أن هذا الوضع ليس ثابتا ودائما، فهناك عوامل قد تدخل المصرفية الإسلامية في أتون المخاطر التي تجتاح قطاع المصارف في العالم. ويضيف ماركس: "مع استمرار الاضطرابات وبدء انتشار المرحلة الثانية من آثارها في المنطقة إما على شكل نقص السيولة وإما تراجع أسعار الأسهم, على سبيل المثال في قطاع العقارات, فإن هذه المصارف ستبدأ في التضرر". ويقول مصرفيون: إن المصارف الإسلامية التي تدير أصولا تتجاوز قيمتها تريليون دولار لا تتمتع بالمرونة الكافية التي تميز المصارف التقليدية في إدارة مخاطر كشوف الحسابات ، هذا الوضع يطرح عديداً من الأسئلة حول مدى تأثر البنوك الإسلامية بالأزمة المالية العالمية وأزمة دبي على الخصوص. ويبدو أن قطاع العقارات في الخليج فقد جزءا من الثقة به، بسبب الأزمة المالية، وهناك أدلة تشير إلى أن الازدهار المستمر الذي شهده القطاع منذ خمس سنوات سوف يبدأ في الانحسار والتباطؤ، ومن ذلك أسعار المساكن في دبي, قد ارتفعت بنسبة 16 في المئة خلال الربع الثاني من العام الحالي، على حين كانت نسبة ارتفاعه في الربع الأول تصل إلى 42 في المئة، وذلك حسب بيانات شركة كوليرز إنترناشيونال الاستشارية. مساعي حكومية لمواجهة الأزمة كما أنه مع تفاقم أزمة الائتمان العالمي أخذت السيولة تتناقص حتى في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم، بعد أن حققت فائضا ماليا على مدى ست سنوات نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وقد نقل عن الرئيس التنفيذي لبنك سي. آي. إم. بي الإسلامي الماليزي قوله: "إن بعض المصارف الإسلامية الخليجية قد تنهار مع تجمد أسواق الائتمان وتراجع أسعار العقارات, غير أن المساعدات الحكومية يجب أن تنقذ القطاع من تباطؤ طويل الأمد". من جانب آخر فإن بعض المصرفيين يتساءلون عما إذا كانت المصارف الإسلامية قد تتمكن من الحصول على تمويل طارئ من الحكومات على الرغم من أنها تمنع التعامل بالفائدة، كما تحصل عليه المصارف التقليدية! هذا وقد ضاعفت حكومة الإمارات تسهيلا تمويليا منحته للمصارف بمبلغ يصل إلى 33 مليار دولار. ويرى مصرفيون أن الوعد الذي قطعته بضمان ودائع المصارف دعم الثقة فعليا في أسواق المال، غير أن المشكلة تكمن في أن الإمارات لم تصدر بعد تفاصيل واضحة حول كيفية ضخ التمويل الجديد، وقد طرحت الحكومة في بادئ الأمر مبلغ 50 مليار درهم للمصارف بأسعار فائدة أعلى من أسعار السوق. وقال ماركس: "حقيقة أننا لم نشهد اضطرابات في كفاية رأس مال المصارف الإسلامية، لا تعني أن هذا لن يحدث". وفي الوقت الذي يصعب فيه الحصول على بيانات واضحة عن حجم الأموال التي تملكها المصارف الإسلامية العالمية، فإن العمليات المصرفية الإسلامية التي تضطلع بها المصارف الدولية التي تجتذبها السيولة في المنطقة لديها حصة كبيرة من السوق بالمقارنة بالمصارف الإسلامية في المنطقة. وقد ذكر بعض المصرفيين أن المنطلق وراء تحرك المصارف الدولية باتجاه العمل المصرفي الإسلامي كان الاستفادة من ثروات المنطقة في المرحلة السابقة، لكن الآن السوق مغلقة، وهذه النظرة التشاؤمية ليست هي الوحيدة، فهناك من يرى أن الأمور ليست بهذا السوء، فهناك تصريحات لمسؤولين حكوميين في الخليج تسعى لطمأنة المستثمرين بأن المصارف الإسلامية محمية من الأزمة المالية، فقد قال وزير المالية البحريني الشيخ أحمد الخليفة الشهر الماضي "إن غالبية مصارف البلاد استثمرت في منطقة الخليج المزدهرة وليس في الأصول الأجنبية المعقدة، والمصارف الإسلامية غير معرضة للأزمة العالمية"، كما أن سوق السندات الإسلامية أو صكوكها تعتبر مقياسا مهما سواء لمدى تضرر المصارف الإسلامية أو انتعاشها. وقال محمد داماك من مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندارد آند بورز: "إن أزمة السيولة كان لها أثر في سوق الصكوك العالمية"، وفي تقرير نشر في سبتمبر الماضي قالت مؤسسة التصنيف الائتماني: "إن إجمالي إصدارات الصكوك بلغ نحو 14 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام انخفاضا من 23 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، ورغم هذه المخاوف الآنية فإن هناك من يرى أن اقتصادات الخليج القوية والنمو الكبير، إضافة إلى تزايد استعداد الحكومات لإتاحة السيولة قد يعوضان أثر تصحيح أسعار العقارات على المصارف الإسلامية". وأضاف داماك: "أتوقع أن ينمو القطاع المصرفي الإسلامي بسرعته السابقة نفسها أي بما بين 10 و15 في المئة سنويا". لقد أثرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، على المصرفية في دول العالم كلها، ولم تكن المصارف الإسلامية بمنأى عن تداعيات الأزمة وتأثيرها، ومع أن الخدمات المصرفية الإسلامية زادت من دخولها إلى الأسواق الأساسية مع تفوق نمو الأصول للمصارف الإسلامية على المصارف التقليدية، إلا أن القيمة السوقية للمصارف الإسلامية وقيمة أرباحها تعرضتا لضغوط هائلة، مما كان له أثر كبير في تقليل الفارق بينها وبين المصارف التقليدية، حيث تشير الأرقام والإحصاءات إلى تسجيل انخفاض ملموس وكبير في عائدات المصارف الإسلامية منذ عام 2008، ولا سيما الانخفاض المدفوع بانخفاض الدخل المحقق من أنشطة الاستثمار. والأدهى من ذلك أن بعض المصارف الإسلامية كانت أكثر تأثراً بالقروض المتعثرة من المصارف التقليدية، ولا تزال المصارف الإسلامية أكثر تعرضاً للأصول العقارية مقارنةً بالمصارف التقليدية، في حين أن الكفاءة التشغيلية للمصارف الإسلامية لا تزال وراء ركب المصارف التقليدية، وتبقى السيولة أيضاً عائقاً كبيراً أمام المصارف الإسلامية، رغم تمكنها من الحفاظ على حصتها السوقية من الودائع، ولم يكن ذلك أمرا بسيطا وهينا، فقد دخلت من أجله في منافسة شديدة وحامية الوطيس فيما سمي "حرب الودائع". #2# تقرير ماكنزي وتشخيص الداء ربما يمكننا تقدير حجم المشكلة - التي بدأت شرارتها الأولى تنطلق محذرة من مشكلة أكبر - من خلال تقرير شركة ماكينزي آند كومباني التي شاركت في المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية لعام 2009/2010 في الدورة السادسة عشرة المنعقدة في 7 ديسمبر 2009 في البحرين، وهو ما سمي "تقرير القدرة التنافسية"، حيث يلقي الضوء على آخر التطورات التي شهدها مجال التمويل الإسلامي، ويتضمن نقاطا تفصيلية تتناول إدارة السيولة في دول الخليج، والمشهد العام للخدمات المصرفية الإسلامية في دول شمال أفريقيا وإدارة الاستثمارات الإسلامية. وتعد "ماكينزي" إحدى شركات الاستشارات الإدارية التي تساعد بعض المؤسسات والمنظمات الكبرى في إدخال تحسينات دائمة الأثر ومستمرة على أدائها، وتضم "ماكينزي آند كومباني" عدداً من الاستشاريين موزعين على ما يزيد على 90 مكتباً في أكثر من 50 دولةً، وتقدم الاستشارات لعملائها في الأمور الاستراتيجية والجوانب التشغيلية والتنظيمية والتقنية. ويشير التقرير الذي صدر عنها إلى أن من أهم القضايا التي ناقشها مؤتمر البحرين كانت الأزمة المالية التي شهدها عام 2008/2009، وتداعياتها، حيث طالت المصارف في جميع أنحاء العالم، ولم تكن أسواق التمويل الإسلامي بمعزل عن ذلك. ففي الوقت الذي تكبدت فيه المصارف على مستوى العالم خسائر بلغت 700 مليار دولار في عام 2008، تأثرت دول الخليج أيضاً (بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وعُمان والكويت) بالأزمة المالية، إذ لم تشهد إلا نمواً محدوداً، أو حتى معدوما، في عام 2009، ومن جهة أخرى فقد شهد أداء أسواق حقوق الملكية هزات عنيفة وانخفاضاً حاداً, على الرغم من الانتعاش الجزئي في عام 2009، وواجهت المصارف في دول مجلس التعاون مراحل صعبة مع ندرة السيولة، وتزايد إدراك المخاطر، والحقيقة الأبدية المتمثلة في التخلف عن سداد التسهيلات الائتمانية. وفي ظل ظروف السوق الراهنة، يشير تقرير "ماكنزي" إلى أن الأزمة المالية خلقت كثيرا من التحديات والصعوبات أمام الاقتصادات والمصارف في جميع أنحاء العالم، مع تأثر القطاع المصرفي بصفة خاصة، حيث منيت المصارف العالمية بخسائر فادحة تصل إلى 700 مليار دولار أمريكي في عام 2008، وبلغ نصيب أكبر 25 مصرفاً 83 في المئة من انخفاض القيمة الاسمية/الدفترية للأصول نتيجة لأزمة الائتمان، كما أثرت الأزمة أيضاً في النمو العالمي، وإن كانت بعض التوقعات لعام 2010 أكثر تفاؤلاً. ووفقاً لتقرير الدلالات المستقبلية الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2009، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي 3.3 في المئة في عام 2008، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي تقلص في عام 2009 بمقدار 4.1 في المئة ليصل إلى - 1.1 في المئة، ويتوقع أن يتعافى معدل النمو العالمي ليصل إلى 4.2 في المئة في عام 2010, وذلك حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. ولم تكن الأسواق الكبرى للتمويل الإسلامي بمعزل عن تلك التداعيات، فقد خلفت الأزمة أيضاً تأثيراً واضحاً في معدلات النمو فيها لعام 2009، والدليل على ذلك أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لم تشهد إلا نمواً محدوداً، إن وجد، في عام 2009. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لثلاثة من بين دول مجلس التعاون الخليجي الست (المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة) شهد انخفاضاً في عام 2009، غير أنه من المتوقع أن تحقق جميع دول مجلس التعاون معدلات إيجابية من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تراوح بين 2 و4 في المائة, مع توقع أن تحقق دولة قطر معدل نمو يبلغ 18.5 في المئة. ولم يختلف الوضع كثيراً في دول جنوب شرق آسيا، إذ تقلص الناتج المحلي الإجمالي لدولتي ماليزيا وسنغافورة بما يزيد على 3 في المائة في عام 2009، غير أنه يتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي لماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا نمواً يراوح بين 2.5 و5 في المئة في عام 2010. وسجلت أسعار النفط انخفاضاً حاداً في النصف الثاني من عام 2008، ما أدى إلى انخفاض حجم الفائض في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي. فبعد ارتفاع أسعار النفط، حيث وصلت إلى ما يزيد على 133 دولارا للبرميل في يوليو عام 2008، سجلت أسعار النفط انخفاضاً هائلاً ليصل متوسط سعر البرميل إلى ما يقارب 40 دولارا للبرميل في ديسمبر عام 2008, أثناء الأزمة, قبل أن تشهد الأسعار زيادة مطردة ليصل سعر البرميل إلى ما يزيد على 70 دولارا في نهاية عام 2009. ونتيجة لما سبق، انخفض معدل فائض الحساب الجاري لكثير من دول مجلس التعاون إلى أقل من 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009، وذلك مقارنةً بمعدلاته التي راوحت بين 11 و27 في المئة في عام 2008. وشهدت أسواق حقوق الملكية انخفاضات هائلة أيضاً منذ بداية الأزمة في عام 2008، إلا أنها بدأت تتعافى جزئيا,ً حيث سجلت مؤشرات دول مجلس التعاون بصفة خاصة استعادة جزئية للخسائر، وواجهت المصارف في دول مجلس التعاون مراحل صعبة مع ندرة السيولة، وتزايد إدراك المخاطر، والحقيقة الأبدية المتمثلة في التخلف عن سداد التسهيلات الائتمانية. #3# ويشدد تقرير "ماكنزي" على أن المصارف الإسلامية منذ عام 2008 لم تكن بمنأى عن الأزمة المالية العالمية، فقد زاد نفاد الخدمات المصرفية الإسلامية في الأسواق الأساسية مع أنها تفوقت على المصارف التقليدية، وكذلك استمرت المصارف الإسلامية في تحقيق معدلات جيدة في نمو الأصول متفوقةً على المصارف التقليدية في عام 2008. فعلى سبيل المثال، بلغ معدل نمو أصول المصارف الإسلامية في الكويت والأردن 15 في المئة، في حين بلغ معدل نمو إجمالي القطاع المصرفي 11 في المئة في العام نفسه، واستمرت وحدات المعاملات الإسلامية في المصارف التقليدية في تحقيق نمو سريع، مما يشكل زيادة في حصة المعاملات المصرفية الإسلامية، إذ بلغ معدل نمو وحدات المعاملات الإسلامية في المصارف التقليدية في قطر والإمارات العربية المتحدة 80 في المئة في عام 2008 مقارنةً بعام 2007، كما أدى النمو في أصول التمويل الإسلامي إلى زيادة نفاذ الخدمات المصرفية الإسلامية في الأسواق الأساسية. وشهدت أصول قطاع التمويل الإسلامي في قطر نمواً لتصل من 12.5 في المئة عام 2003 إلى 20.3 في المئة عام 2008 من إجمالي أصول القطاع المصرفي، أما قطاع التمويل الإسلامي في تركيا فقد سجل نمواً من 9.7 في المئة عام 2003 إلى 15.7 في المئة عام 2008 من إجمالي أصول القطاع المصرفي، ولا تزال معدلات الربحية المسجلة للمصارف الإسلامية أعلى بصفة عامة من معدلاتها في المصارف التقليدية, ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي، فعلى سبيل المثال، بلغ متوسط العائد على الأصول لأكبر خمسة مصارف تقليدية في قطر 3.2 في المئة عام 2008، في حين بلغ 5.9 في المئة لأكبر ثلاثة مصارف إسلامية، غير أن ربحية المصارف الإسلامية سجلت انخفاضاً أكثر حدةً من المصارف التقليدية، ما أدى إلى تقلص الفجوة بينها وبين المصارف التقليدية. فعلى سبيل المثال، بلغ متوسط العائد على الأصول لأكبر ثلاثة مصارف إسلامية في الإمارات العربية المتحدة 2.7 في المئة عام 2007 وانخفض بمقدار 0.8 في المئة ليصل إلى 1.9 في المئة عام 2008، في حين بلغ متوسط العائد على الأصول لأكبر ثلاثة مصارف تقليدية في الإمارات العربية المتحدة 1.8 في المئة في عام 2007 وانخفض بمقدار 0.3 في المئة فقط ليصل إلى 1.5 في المئة في عام 2008. تحديات تواجه المصارف الإسلامية من جهة أخرى تعرضت القيمة السوقية للمصارف الإسلامية وربحيتها لضغوط هائلة، مما أدى إلى تضييق الفارق بينها وبين المصارف التقليدية، حيث سجلت العائدات انخفاضاً حاداً بداية عام 2008، الذي أتي مدفوعاً بصفة خاصة بانخفاض الدخل المحقق من أنشطة الاستثمار، وكان أداء المصارف الإسلامية في البورصة منذ بداية الأزمة مماثلاً بصفة عامة, متجها للهبوط الذي اتسم به أداء المصارف التقليدية، هذا وتفقد المصارف الإسلامية في بعض الدول ميزاتها التنافسية من حيث توقعات السوق. ففي يونيو 2008، اتجهت نسبة السعر إلى الأرباح للمصارف الإسلامية في قطر والإمارات العربية المتحدة إلى الارتفاع مقارنةً بالمصارف التقليدية، غير أنه في عام 2009 كانت التوقعات أفضل لصالح المصارف التقليدية، وكانت بعض المصارف الإسلامية أكثر تأثراً بالقروض المتعثرة من المصارف التقليدية، ولا تزال المصارف الإسلامية تواجه مخاطر ناتجة عن الأنشطة المكثفة في القطاع العقاري, في حين أن الكفاءة التشغيلية لتلك المصارف لا تزال وراء ركب المصارف التقليدية، ويعد الانخفاض في عائدات الأنشطة الاستثمارية وزيادة المخصصات من العوامل التي دفعت الانخفاض في الربحية. وعند تحليل الربحية الإجمالية لأكبر ثلاثة مصارف إسلامية في الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين، نجد أن النشاط الاستثماري في عام 2007 شكل 4.9 في المئة من إجمالي العائدات مقارنةً بنسبة 3.5 في المئة عام 2008. وشبيها بذلك فقد بلغت مخصصات المجموعة نفسها من المصارف 0.4 في المئة من إجمالي التكلفة في عام 2007 مقارنةً بنسبة 1.2 في المئة عام 2008. وعند مقارنة التكاليف التشغيلية للمصارف الإسلامية بالمصارف التقليدية نجد أن ارتفاعها يشكل ضغطاً إضافياً على ربحية المصارف الإسلامية، حيث بلغت التكاليف التشغيلية لأكبر ثلاثة مصارف إسلامية في تركيا 4.4 في المئة من متوسط الأصول مقارنةً بنسبة 3.3 في المئة للقطاع المصرفي بأكمله، أما في دول الخليج، فقد بلغت التكاليف التشغيلية لأكبر ثلاثة مصارف إسلامية في الكويت 2.5 في المئة من متوسط الأصول مقارنةً بنسبة 1.6 في المئة للقطاع المصرفي بأكمله. وسجلت المصارف الإسلامية نسبة قروض متعثرة في عام 2008 أعلى من المصارف التقليدية في الأسواق الأساسية، حيث بلغت نسبة القروض المتعثرة في أكبر ثلاثة مصارف تقليدية كويتية حسب الأصول 4.7 في المئة مقارنةً بنسبة 8.6 في المئة في المصارف الإسلامية، أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد بلغت القروض المتعثرة 1.6 في المئة في أكبر ثلاثة مصارف تقليدية حسب الأصول مقارنةً بنسبة 3 في المئة في المصارف الإسلامية، وقد يزيد حجم القروض المتعثرة التي تتحملها المصارف الإسلامية في عام 2009 في هذه الأسواق الأساسية مع الانكشاف التدريجي للتأثيرات الكاملة لتباطؤ القطاع العقاري. واستمرت المصارف الإسلامية أيضاً في امتلاك حصة أكبر من الأصول العقارية مقارنةً بالمصارف التقليدية. ووفقاً لما ورد في التقارير السنوية الختامية، تمتلك أكبر ثلاثة مصارف إسلامية في الإمارات العربية المتحدة أصولاً عقاريةً تمثل 26 في المئة من إجمالي أصولها المصرفية مقارنةً بنسبة 19 في المئة للمصارف التقليدية، أما في الكويت، فقد بلغت نسبة الأصول العقارية المملوكة لأكبر ثلاثة مصارف إسلامية 24 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية لتلك المصارف مقارنةً بنسبة 20 في المئة للمصارف التقليدية. وبصفة عامة يتوافق التركيز العالي للأصول العقارية مع الاتجاه الشائع في السنوات السابقة. وإضافةً إلى ذلك، سجلت عائدات شركات العقارات معدلات أقل من معدلات السوق أثناء الأزمة مما زاد من تقلص ربحية المصارف الإسلامية. وفي مجال السيولة فإن تقرير "ماكنزي" يشير إلى أنها تظل عائقاً كبيراً أمام المصارف الإسلامية، حيث تعاني حالة أكثر وضوحاً من عدم اتساق مواعيد استحقاق الخصوم مع مواعيد استحقاق الأصول مقارنةً بالمصارف التقليدية. واستناداً إلى عينة من أكبر سبعة مصارف تقليدية وإسلامية حسب الأصول في دول مجلس التعاون الخليجي، بلغت فجوة صافي السيولة عن فترة الاستحقاق التعاقدي مدة تراوح بين سنة إلى خمس سنوات 23 في المئة من إجمالي الأصول بالنسبة للمصارف الإسلامية في عام 2008 مقارنةً بنسبة 16 في المئة للمصارف التقليدية عن الفترة نفسها، إلا أن المصارف الإسلامية توفر مزيداً من الموارد المالية من الودائع مقارنةً بالمصارف التقليدية. ومثلت ودائع العملاء لجميع المصارف الإسلامية في الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والسعودية في عام 2008 نحو 69 في المئة من الخصوم مقارنةً بنسبة 54 في المئة من إجمالي خصوم المصارف التقليدية في المنطقة عن الفترة نفسها. نجاحات وتوصيات لقد تمكنت المصارف الإسلامية من الحفاظ على حصتها من الودائع خلال السنوات القليلة الماضية، فمنذ عام 2005، بلغت ودائع المصارف الإسلامية في قطر والسعودية نسبة تراوح بين 14 إلى 18 في المئة من إجمالي ودائع العملاء في الدولتين، إلا أن بعض المصارف الإسلامية تقدم حالياً معدلات ربح دلالية أعلى على ودائع العملاء تزيد أحياناً بأكثر من 1 في المئة على المعدل الوطني للفائدة بين المصارف، ولا تزال المراكز المالية التي سجلتها المصارف الإسلامية قوية، إلا أن الفجوة بينها وبين المصارف التقليدية مستمرة في التقلص، ومن المحتمل أن تواجه المصارف الإسلامية تحديات صعبة مع ازدياد معدلات القروض المتعثرة. فعلى سبيل المثال، بلغت نسبة كفاية رأس المال في أكبر ثلاثة مصارف إسلامية قطرية 26.8 في المئة لتزيد بذلك بمقدار 12.2 في المئة على أكبر أربعة مصارف تقليدية قطرية، حيث كانت نسبة كفاية رأس المال فيها 14.6 في المئة. أما في عام 2008، فقد بلغت نسبة كفاية رأس المال لنفس المصارف الإسلامية 21.7 في المئة، بزيادة مقدارها 7.4 في المئة على أكبر أربعة مصارف تقليدية قطرية, حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال فيها 14.3 في المائة. فقد أوصى التقرير الذي نشرته "ماكينزي آند كومباني" بأن على المصارف الإسلامية أن تقرر الآن مسار عملها المستقبلي, وذلك من خلال استكشاف أربعة مجالات مهمة، وهي على النحو الآتي: أولا: تعزيز وتنويع مزيج الأعمال من خلال الوصول إلى خطوط أعمال متنامية جديدة مثل التمويل الشخصي وإدارة الأصول ومختلف مجالات الخدمات المصرفية الاستثمارية، وهي تلك المجالات التي كانت بعض المصارف الإسلامية توليها تركيزاً أقل في الماضي. ثانياً: تحسين إدارة المخاطر بهدف الحد من الصعوبات التي تواجه المصارف الإسلامية على صعيد الائتمان والسيولة, وذلك من خلال الارتقاء بمهارات وقدرات إدارة المخاطر. ثالثاً: تقليل تكلفة العمليات وتحسين جودة الخدمات بهدف الحفاظ على القدرة التنافسية في سوق متزايد الاحتياجات. رابعا: استكشاف فرص النمو الدولية، ذلك لأن توافر رأس مال إضافي يمكن له أن يحقق استفادة أكبر بنشره في الأسواق الأقل نفاذاً إليها.
إنشرها

أضف تعليق