تفاوت في نمو اقتصادات الخليج.. و«الإماراتي» سيتأثر بأزمة السندات

تفاوت في نمو اقتصادات الخليج.. و«الإماراتي» سيتأثر بأزمة السندات

## هل تتوقعون أن يكون هذا العام 2010 عام توديع تداعيات الأزمة المالية حول العالم.. أم أن هناك نارا باقية تحت القشة ربما تنفجر في أي وقت وتعيد الاقتصاد العالمي إلى نقطة أيلول (سبتمبر) 2008؟ مصطلحات مثل التوديع أو الانفجار والعود إلى بدء الأزمة ليست ملائمة، فالأزمة التي حدثت هي ثاني أكبر أزمات العالم، والتعافي منها شاملاً الارتدادات السلبية بين الحين والآخر، وبعضها سيكون مؤلما، سيستمر في عام 2010 على أقل تقدير. والصحيح في تقديري، هو أن أسوأ ما في الأزمة قد حدث ما بين خريف 2008 وخريف 2009، وكان أسوأ ما في الأزمة هو احتمال فشل العالم في مواجهتها جماعياً كما حدث بعد أزمة 1929، واحتمال فشل العلاجات الجماعية والقطرية في استعادة نغمة النمو الموجب ووقف سيل التضخم السالب، وتحديداً في قيم الأصول وانعكاساتهما السلبية على ثقة المستهلك والمستثمر. ولكن، مازال ينتظر العالم الكثير من الألم والتحديات، فمعدلات البطالة بتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ستبقى مرتفعة وربما مستمرة في الارتفاع حتى منتصف عام 2010، وبسببها ستستمر الأوضاع قلقة. وسيشهد العالم بعض المفاجآت غير السارة المشابهة لما حدث لدبي، ومن أمثلة المرشحين اليونان والمجر وبلغاريا وأوكرانيا ولاتفيا وأستونيا و.... وهناك خوف من فقاعة أسعار أصول في أهم اقتصادين في آسيا وهما الصين والهند بعد أن ارتفع مؤشر سوقيهما بنحو 80 في المائة ما بين بداية عام 2009 ومنتصف كانون الأول (ديسمبر) منه، وهذه أخطر القنابل الموقوتة لو حدثت، لأنها المرة الأولى في التاريخ الذي ينتظر فيها من الاقتصادات الناشئة أن تقطر انتعاش الاقتصاد العالمي. وهناك مرحلة سحب برامج التحفيز أو مرحلة التوقف التدريجي عن حقن شرايين الاقتصاد العالمي بالمنشطات المحرمة في الأوضاع العادية، والقلق حول النجاح في هبوط آمن خلال تلك المرحلة. لذلك، الإجابة هي أن عام 2010 سيكون أفضل من عام 2009، وربما بكثير، ولكن ليس من دون مطبات خطرة وبعضها مؤلم. ## كيف تقيسون توجهات الاقتصاد الخليجي في هذا العام (2010).. هل تتوقعون العودة إلى مستويات النمو للاقتصاد الكلي للاقتراب من معدلات 2006 و2007؟ - وكذلك توجهات الاقتصاد الخليجي؟ بشكل عام، سيكون اتجاه الاقتصاد الكلي نحو النمو الموجب هو السمة الغالبة، ولكن ضمنه سيحدث بعض التفاوت، فالاقتصاد القطري سيحقق أعلى معدلات النمو، بينما اقتصاد الإمارات سوف يحقق الأدنى وإن موجب، بسبب أزمة دبي. فاقتصادات المنطقة هي اقتصادات مالية عامة، وعند مستوى أسعار النفط بحدود 70 دولاراً أمريكياً للبرميل ستحقق موازناتها فائضا، ومع التوجه الحالي بالصرف وحتى الباذخ على مشروعات البنى التحتية وبعض المشروعات الصناعية، يفترض أن تكون دول الخليج من الأعلى تحقيقاً لمعدلات النمو في العالم في عام 2010. ولأن معظم دول الخليج لم تلحق بالاقتصادات المتقدمة أو الناشئة الرئيسية في ارتفاع أسعار الأصول فيها، ذلك يجعل النمو أكثر أماناً إذا افترضنا إعطاء الاقتصاد العالمي مؤشرات الخروج من الأزمة بما يعنيه من تماسك لأسعار النفط ومستويات إنتاجه. ويصعب حساب ذلك النمو من الناحية الكمية بسبب احتمال حدوث مفاجآت غير سارة بين الحين والآخر، ولكن افتراض عودة معدلات النمو الموجب إلى مستويات عامي 2006 أو 2007 وليس 2008، افتراض غير بعيد عن الواقع. ## القطاع المالي الخليجي محجم عن الائتمان الأمر الذي دفع الحكومة ممثلة في صناديق التمويل (الصناعي والتنمية والاستثمار) إلى رفع تمويلاتها للمشاريع.. هل تتوقعون استمرار هذا النهج خلال هذا العام أم أن البنوك ستعاود نشاطها الائتماني؟ إحجام المصارف عن التمويل ليس ظاهرة خليجية وإنما ظاهرة عالمية، فالمصارف عملها الحقيقي هو الإقراض، ولكنها جميعاً تخشى الحبل بعد أن لدغها الثعبان، وليس أي ثعبان وإنما من النوع شديد السمية، وتحتاج إلى فترة حتى تستعيد وعيها. وحكومات دول الخليج لم تتبع نهجاً واحداً في تعويض فاقد التمويل، فبعضها استخدم كل أدوات التدخل المباشر وغير المباشر مثل قطر، وأخرى اكتفت بالتدخل غير المباشر فقط مثل الكويت، ومازال الوقت مبكرا للحكم على نجاعة أي من أساليب التدخل، فالنتائج حتى الآن تبدو مختلطة. والمنطق يقول، إن المصارف لابد أن تعود إلى نشاطها الرئيسي أو الإقراض، والأولوية سوف تكون مع شركات تنفذ مشروعات حكومية، ولكن مع استمرار استعادة الثقة، سيبدأ تنافس المصارف مرة أخرى لتوسعة قاعدة عملائها، وذلك يبقى مشروطاً بعدم تكرار أزمة القصيبي وسعد أو دبي بانطباقها على آخرين خلال العام الجديد. ## ما توقعاتكم لاتجاه الدولار خلال هذا عام 2010 وبالتالي انعكاسه على حركة السياسة النقدية في العام بما فيها السعودية؟ رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تسوق في العلن لسياسة الدولار الأمريكي القوي حتى تبقي الطلب على ديونها مستمراًُ وحتى تبقي الدولار الأمريكي لأطول فترة ممكنة عملة الاحتياطي العالمي الوحيدة، إلا أنها لا تمانع على المدى القصير من التقاضي أو حتى دعم الدولار الضعيف لكي تزيد من تنافسية اقتصادها عن طريق زيادة تكلفة وارداتها من السلع والخدمات وخفض قيمة صادراتها منهما. لكن، هناك خطورة على المدى المتوسط إلى الطويل بأن يفقد الدولار الأمريكي بريقه من جانب، وبأن تدخل مع منافساتها في حرب أسعار الصرف بما يقوض دعائم الاستقرار المالي على مستوى العالم. لذلك إذا كان صحيحاً أن العالم في طريق مستقر وإن كان وعرا في اجتياز أزمته، يفترض أن يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي استقراراً أكبر خلال عام 2010، أي حركة أقل اتساعاً لسعر صرفه أمام عملات العالم الرئيسية الأخرى. ومن المفروض أن يبقى القلق على النمو الموجب ومواجهة أزمة البطالة أكبر بكثير من القلق من التضخم رغم سياسات التحفيز الضخمة، لذلك من المتوقع أن يبقى سعر الفائدة الأساس على الدولار الأمريكي عند مستوياته القريبة من الصفر لمعظم عام 2010. وذلك يجعل أسعار صرف الريال السعودي أمام العملات الرئيسية الأخرى أكثر استقراراً، كما أن تكلفة التمويل بالريال ومخاطرها أقل للإبقاء على تكاليف التمويل منخفضة. أو بمعنى آخر، ستبقى الفائدة على الريال لمعظم العام منخفضة وعند مستوياتها الحالية نفسها.
إنشرها

أضف تعليق