FINANCIAL TIMES

لا يجوز أن نشعر بالبهجة من المصرفيين

لا يجوز أن نشعر بالبهجة من المصرفيين

العلاوات المفرطة عَرَض من أعراض غياب الإصلاح في التمويل. في حين يتردد معظم المستهلكين في مشترياتهم لأعياد الميلاد، يمكن للمصرفيين أن يتطلعوا على الأقل إلى موسم من الرواتب المنتفخة. ومع اقتراب نهاية العام بعد أسوأ أزمة مالية منذ أجيال، يبدو أن البنوك المليئة الآن بأرباح قريبة من الأرقام القياسية في سبيلها إلى منح علاوات هي كذلك ذات أرقام قياسية. وتماما، مثلما لا شك في استخدام الزينة في شجرة عيد الميلاد، كان حتميا أن ينفجر الغضب بشأن علاوات المصرفيين. وبعد مزاعم بأن أعضاء مجلس الإدارة في رويال بانك أوف سكوتلاند كانوا يفكرون في تقديم استقالات جماعية، رداً على ضغط حكومي يرمي إلى تقييد العلاوات، فإن البنك الذي يمتلك الشعب البريطاني 70 في المائة من أسهمه يتراجع الآن عن المواجهة. في الوقت نفسه، لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي لبنك جولدمان ساكس، كان في جولة استماع شملت مساهمين ومسؤولين في الأجهزة التنظيمية وسياسيين، قبل أن يقرر البنك العلاوات التي سيدفعها لموظفيه عن عام 2009. الإدراك المتزايد لدى البنوك هو أن الغضب الشعبي العارم الذي يمكن أن ينشأ رداً على العلاوات الضخمة التي تُدفع في نهاية العام، لم يأت قبل موعده. لكن لا بد للبنوك أن تفهم أن هناك أمراً مهماً يتعلق بمصلحتها، وأنه ليس مجرد مساجلة أمام وسائل الإعلام. أية خطط للاختباء وانتظار أن يتراجع الغضب الشعبي بعد فترة، إنما هي خطط لا علاقة لها نهائياً بالأساس الحقيقي الفعلي للغضب الشعبي. نحن لا نعترض على أن يحقق الشخص مكاسب (أو خسائر) كبيرة إذا كان ذلك من خلال المخاطرة بماله الخاص. لكن ليس هذا ما يفعله المصرفيون، كما تبين بمنتهى الوضوح في أحداث السنة الماضية. بعض البنوك، مثل رويال بانك، لا تزال على قيد الحياة لسبب واحد فقط هو أنها تلقت الإنعاش وتستند على عكازات من أموال دافعي الضرائب. البنوك التي نجت من القيود الذهبية للحكومة، مثل جولدمان، أو البنوك التي تجنبتها نهائياً، لا تزال مع ذلك تتلقى أموال الدعم الحكومي من خلال السياسة المتساهلة بصورة فائقة في الحصول على أموال البنك المركزي. ولأن انهيار هذه البنوك يمكن أن يتسبب في سقوطنا جميعاً، فإنها تتمتع بتأمين ضمني ضد الخسائر التي تؤدي إلى انهيار البنوك. علاوات هذا العام هي مكافآت المصرفيين مقابل المخاطر التي اتخذوها وأنفقوا عليها من المال العام. بعض البنوك تعمل الآن على زيادة عنصر «الأسهم المشروطة» ضمن المبالغ التي ستدفعها. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. كذلك لا بد أن تكون فترات اكتساب الحقوق في امتياز معين أطول من ذي قبل، كأن تكون حتى تاريخ التقاعد بالنسبة لجميع المبالغ التي تُدفع عن معظم حقوق الملكية، إن لم تكن جميعها)، وهو شرط يفرضه جولدمان على معظم الموظفين الكبار في البنك. (الأشخاص الذين يقومون بصيانة ورعاية المصالح، كما يقول بلانكفين، من المفترض أنهم لن يمانعوا في الحصول على المكافآت بعد فترة انتظار طويلة). لكن طالما ظلت حقوق الملكية في البنك حصينة على يد الحكومات التي تشعر بالخوف من أن تتركها تنمحق، لا توجد أية درجة من ربط حظوظ المصرفيين بحظوظ المساهمين من شأنها حل المشاكل الأساسية حول التعويضات. لا يمكن حل هذه المشاكل إلا من خلال إنهاء هذه المجموعة السخيفة من المؤسسات التي تشكل مخاطر على النظام بأكمله إلى درجة لا يمكن معها السماح بفشلها. بالتالي لا بد أن تضغط الحكومات وتواصل الإصلاحات، كأن تضع قواعد وأنظمة لحل البنوك حتى تضطر المساهمين والدائنين، وليس دافعي الضرائب، إلى تحمل خسائر الفشل، وأن تفرض متطلبات رأسمالية أعلى بكثير من ذي قبل. البنوك التي تستطيع دفع علاوات في منتهى السخاء بمقدورها الاحتفاظ بواقيات رأسمالية أقوى من ذي قبل. من شأن هذا أن يجعل عمليات الاقتراض بالهوامش مكلفة، ويساعد في أن يجعل أرباح البنوك واقعية ومنطقية وليست مبهرجة. مجموعات العلاوات ستتقلص، لكن لاحظ أن المصرفيين لم يكونوا تماماً من الناس الطيبين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES