FINANCIAL TIMES

الخليج يحاول الحد من أضرار أزمة دبي

الخليج يحاول الحد من أضرار أزمة دبي

بينما يعود الخليج إلى العمل بعد عطلة عيد الأضحى، تصارع وكالات التصنيف، والبنوك، والمنظمون لتقييم آثار أكبر أزمة مالية في المنطقة خلال نحو 30 عاماً. كانت الأولوية لتهدئة المخاوف، إذ سارع المصرفيون والمنظمون إلى محاولة تقليص الأذى، بالإصرار على أن تعامل مؤسساتهم مع دبي ومع شركة دبي العالمية وفروعها محدود. وقال رشيد المراج، محافظ بنك البحرين المركزي، إن لدى جميع البنوك العاملة على هذه الجزيرة بعض التعامل مع دبي العالمية، لكن مجموع ذلك التعامل لا يتجاوز 1 في المائة من قيمة الموجودات. وأضاف أن إعادة هيكلة دبي العالمية ـ الشركة العملاقة التي فجرت الأزمة عندما طلبت الشهر الماضي تأخير سداد ديون ـ كان حدثاً «عادياً». وبحسب محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، البنوك السعودية «لديها تعامل في أدنى الحدود» مع دبي على وجه العموم، ومع شركة دبي العالمية بالذات. ولاحظ خبير مالي غربي في الدوحة، أن تعامل البنوك القطرية مع دبي يظل في أقصى الأحوال في حدود عشرات الملايين من الدولارات، مضيفا أن معظم المؤسسات المالية كانت متخوفة من استثمار الأموال في دبي خلال الأشهر الستة الماضية بسبب خشيتها من أن يحدث ما حدث. وإذا وضعنا جانباً المخاوف الفورية حول البنوك، فإن المصرفيين يرجحون أن يكون هناك أثر قصير الأجل على حكومات الخليج وكيانات الثروة السيادية المرتبطة بها، فيما يتعلق بطرق أبواب أسواق رأس المال من أجل جمع أموال. وبالفعل أصيبت المؤسسات الدولية باضطراب بسبب نزاع نشب هذا الصيف بين مجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وشركاه. وقد عجزت المجموعتان العائليتان السعوديتان عن سداد ديون تبلغ نحو 20 مليار دولار. أكثر من ذلك أن القطاع المالي الكويتي أصيب بسلسلة من الفضائح شملت شركات الاستثمار. وبالتالي، حتى قبل صدمة دبي العالمية، فإن ما كانت تحظى به المنطقة من ثقة لم يكن مرتفعاً. ولا يعرف أحد بالضبط متى يمكن أن ينتهي فقدان الثقة هذا، خصوصا إذا أعلنت دبي العالمية رسمياً عجزها عن الوفاء بالتزاماتها. وبحسب رئيس الأبحاث في البنك الإسلامي البحريني: «ربما يبدو مبلغ 60 مليار دولار لا شيء، مقارنة بخسائر أزمة الإسكان الأمريكية، لكن المبلغ أمر كبير بالنسبة إلى الخليج». ويضيف: «صحيح أن المستثمرين سيخسرون الأموال، لكن الأكثر أهمية أن الثقة في الخليج تعرضت لضربة. ونتوقع أن يجف معين إقراض القطاع العقاري تماماً، وهو أمر خطير كون معظم النمو الاقتصادي في المنطقة كانت تحركه السوق العقارية». ويقول تريستان كوبر، محلل الصناديق السيادية للشرق الأوسط في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إن حجم التعاملات مع دبي العالمية يمكن أن يكون كبيراً فيما يتعلق ببعض البنوك الإقليمية في المنطقة، إلا أن وكالته لا تتوقع آثاراً على مستوى النظام ككل في أي من بلدان الخليج. لكن في الأجل الأطول، فإن مفاهيم المخاطرة والمخاوف إزاء «القدرة النسبية لبيئة الشركات المحلية» يمكن أن تلحق الأذى بالشركات. وتراجعت أسواق الأسهم في المنطقة، ولا سيما في مصر وقطر، خلال أيام التداول الأولى في الأسبوع الماضي، لكنها تعافت بصورة عامة الآن. وبينما هدأت المشاعر خارج الإمارات، يتحدث خبراء ماليون عن مصدر آخر للقلق يتعلق بالنشاط المصرفي الإسلامي. ويقولون إن المؤسسات الإسلامية التي حقق كثير منها نموا سريعا على أكتاف الاستثمارات العقارية، ربما تكون مكشوفة بصورة خاصة على دبي. ووفقا لتوني ماليس، الرئيس التنفيذي لسكيوريتيز آند إنفستمنت، وهو بنك استثماري عامل في البحرين، إن المؤسسات المصرفية المتقيدة بالشريعة الإسلامية، العاملة في البحرين، ستتأثر. ويقول: «حين كانت السوق جيدة، جاءت نسبة كبيرة من أرباح تلك المؤسسات من هذه الإمارة. وفي ظل سقوط السوق، لا يقتصر الأمر على اختفاء ذلك العنصر من العوائد، بل من المحتمل أن يكون ما جرى قد أحدث خرقاً في ميزانياتها». من المحتمل كذلك أن يلقي طلب دبي إعادة هيكلة ديونها بظلال من الشك على استخدام السندات الإسلامية، أو الصكوك، كوسيلة ذات صدقية لجمع الأموال. ويشير ماليس إلى أن ثلاثة من أكبر الإصدارات في مجلس التعاون الخليجي تعاني من عجز بالفعل. ويضيف: «أعتقد ستكون هناك إعادة تقييم رئيسية لهذه الأدوات. عودتها مرة أخرى كي تصبح أدوات تمويل ملائمة ربما تستغرق وقتاً». ويمكن لمراكز مالية منافسة أخرى، مثل البحرين وقطر، أن تستفيد من أحزان دبي. وبحسب ماليس «سيكون للبحرين اعتبار أعلى. على الأقل ستجد الشركات الأجنبية تنظيمياً قانونياً أقوى بكثير مما هو لدى دبي». ويمكن أن يعني الأمر كذلك أن هناك اهتماماً أكثر جدية سيوجه إلى القوانين الضوابط التي ثبت خلال الأسبوعين الماضيين أنها دون المستوى المطلوب في دبي. ويضيف: «مشاكل دبي جلبت إلى المنطقة بعض الحقائق، ليس أقلها أن الشفافية أمر جيد (...) إذا لم تكن لديك قوانين ومحاكم ملائمة، فعليك أن تكون حريصاً للغاية بشأن المكان الذي تستثمر فيه أموالك».
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES