FINANCIAL TIMES

تقسيم ثلاثي المسار هو الأكثر منطقية لتجزئة البنوك

تقسيم ثلاثي المسار هو الأكثر منطقية لتجزئة البنوك

حين تتم كتابة تاريخ الأزمة المالية العالمية، فإنه ربما يسجل أن نيلي كورز، مفوضة المنافسة في الاتحاد الأوروبي، كانت السياسية الوحيدة الراغبة في الاستجابة للأزمة بطريقة منطقية. وبإصرار كورز على تقسيم مجموعة آي إن جي ING Group إلى قسمين للنشاط المصرفي والتأمين، وكذلك على إيقاف الاستثمار في ذراعها الخاصة بالادخارات المباشرة في الولايات المتحدة، فإنها وضعت سابقة مرحباً بها، حيث جعلت مؤسسة مثيرة للمشكلات، وأكبر من أن تفشل، تتقلص. أثناء ذلك تنضم الولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة، ودول أخرى، للمضي في الاتجاه المعاكس. وبدلاً من جعل بنك سيتي جروب، وبنك دوتشه بانك، العالميين أصغر حجماً، فإنهم يعملون على تعزيزهما، والإعداد للتعامل معهما في المرة التالية التي يغرقان فيها. كما يقول تيري سميث، الرئيس التنفيذي لشركة توليت بريبون للوساطة، والمحلل المصرفي السابق، فإن الأمر: يشبه مصمم سفينة التايتانك وهو يجادل بأن توفير قوارب نجاة إضافية يمكن أن يحل المشكلة. إنني أنضم إلى كورز، ومحافظي بنوك مركزية بينهم ميرفن كنغ، محافظ بنك إنجلترا، وبول فولكر، وآلان جرينسبان، الرئيسان السابقان للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، وكذلك، بصورة لم تكن متوقعة في الوقت الراهن، جون ريد، مهندس سيتي جروب، في تفصيل النهج الأبسط، والأشد صرامة. وصف زميلي جون كاي هذا الأمر بأنه تجزئة البنوك إلى خدمات وكازينوهات أو بنوك تتلقى الودائع، وتحتاج إلى دعم الحكومات، وبنوك استثمارية تنخرط في تمويل تجارة الممتلكات ولا تحتاج إلى مثل هذا الدعم. أعتقد أن التقسيم الأكثر منطقية يمكن أن يكون تقسيماً ثلاثي المسار وذلك إلى خدمات، وكازينوهات وأناس يزورون الكازينوهات لكي يقامروا. ويعني ذلك بنوك تجزئة، وبنوك استثمار، ومديري موجودات، بما في ذلك شركات الأسهم الخاصة، وصناديق التحوط. ربما يبدو أن تقسيماً ثلاثي المسار، بدلاً من آخر ثنائي المسار، يمكن أن يكون وجهة جيدة. ومع ذلك، فإن الأمر مهم لأن مزيج هذه النشاطات العملية هو ما تحتوي عليه المؤسسات الأكبر من أن تفشل، مع كل ما في ذلك من تضارب في المصالح، ومشكلات على صعيد النظام ككل يتسبب بها هذا المزيج. إن البلد الذي كان لديه من الشجاعة ما يكفي لتفعيل أمر شبيه بالتقسيم الذي تراه كورز، سوف يجد أن لديه ثلاث مؤسسات (أو أربعا إذا أخذت في الحسبان شركات التأمين). أولاً، سوف تكون هنالك بنوك تجزئة تجمع الودائع وتستخدمها لإقراض الأفراد، والنشاطات العملية صغيرة ومتوسطة الحجم. ويجب أن تكون هذه المؤسسات، مثل بنوك التخليص القديمة في المملكة المتحدة، منظمة بصورة مشددة، وتعمل بجد، وبصورة قابلة للتوقع، ويتم إنقاذها عند الضرورة. ثانياً، سوف تكون هنالك بنوك شركات يمكن أن تقدم الاستشارات، وخدمات جمع الأموال والضمان المقدمة إلى الشركات والمستثمرين من الحجم الكبير. وشأنها في ذلك شأن البنوك الاستثمارية التقليدية الأمريكية، فإنها يمكن أن تمول نفسها بصورة مستقلة، دون مصد رياح خلفي مكون من ميزانية تجزئة عمومية. ويمكن أن يتطلب ذلك، على سبيل المثال، فصل بنك باركليز، والأذرع المصرفية الاستثمارية لبنك يو إس بي دويتشه، وبنك جي بي مورجان، عن بنوكها الأم، وجعلها تعمل بصورة مستقلة. وإذا ما تعرضت للمشكلات، فإنه ينبغي السماح لها بأن تفشل. ربما تضطر مثل هذه البنوك إلى العمل بديون أقل، وبرأسمال أعلى، وبسيولة ميزانية عمومية أكثر، بما يزيد على ما يحدث في قمة نشاط الفقاعة المالية من خلال قوى السوق المحضة. وإذا لم تفعل ذلك، فإنه لن يكون بإمكانها تمويل نفسها. يقول ديفيد تالينتي، الشريك في شركة أوليفر وايمان الاستشارية التي لا تدعم تجزئة البنوك: هنالك كميات هائلة من الديون المتضمنة في أذرع النشاط المصرفي الاستثماري لدى البنوك الأوروبية، حيث يجب تفكيكها إذا كان لها أن تعمل بصورة مستقلة. إن ذلك الأمر يبدو جيداً في نظري. وإن إحدى مشكلات بنوك الاستثمار هي أن لدى موظفيها حافزاً للإقدام على المخاطر بأموال لا يدفعون تكلفتها الكاملة. وإن إرغام هذه البنوك على المواجهة المباشرة للتكاليف، والهشاشة، فيما يتعلق برأس المال، يمكن أن يكون أمراً مساعداً. يمكن أن تكون الخطوة الأخيرة هي إرغام البنوك على إيقاف تداولات الممتلكات الصافية، وإنهاء استثمارات أذرع إدارة موجوداتها. وهكذا فإن كل شيء من إدارة الصناديق المشتركة، وصناديق التحوط، إلى شركات الأسهم الخاصة، تتم إدارته وإنجازه بصورة مستقرة. طبيعي أن بنوكاً استثمارية، مثل جولدمان، سوف تصرخ صرخة بحدة صرخة دراما الجريمة الزرقاء إذا طلب منها الاستغناء عن إدارة الموجودات (على الرغم من أن مورجان ستانلي يمكن أن يفضل بشدة أن يكون مديراً للموجودات، بدلاً من أن يكون بنكاً). غير لمثل هذا الإجراء منافع متعددة. لعل أولاها هي أنه سوف يقلص جانب المخاطر لدى بنوك الاستثمار من خلال إزالة تداول الممتلكات. وسوف تستمر هذه البنوك في الإقدام على المخاطر من خلال عمليات صنع السوق، ولكن مكاتب التداول عالية الأوكتين سوف تنتهي. من المحتمل كذلك أنها سوف تنهي تضارب المصالح في إدارة البنوك الاستثمارية لخليط من أموالها، وأموال الناس الآخرين، بينما تكون في الوقت ذاته جهات استشارية، وممولة فيما يتعلق بصفقات شركات الأسهم الخاصة. أخيراً، فإن ذلك سوف يوجد قطاع إدارة موجودات يمكن من خلاله للشركات الكبرى أن تتعايش مع مديري صناديق التحوط، بل ومكاتب تداول الممتلكات لدى البنوك ذات الأغراض الخاصة (إذا كان بإمكانها جمع رأس المال خارج حظيرة بنوك الاستثمار). هذه البنوك سوف تقدم على أية مخاطر تختارها باستخدام أموال المستثمرين، بشرط أن تكون نزيهة فيما يتعلق بذلك، وأن تدفع لنفسها ما تستطيع الحصول عليه. وسوف تعلم الحكومة أن هؤلاء المقامرين سوف يتحملون خسائرهم. جادل بعض السياسيين والمنظمين بأن التمويل في أيامنا هذه أعقد من أن تتم تجزئته، وبأن أولئك الذين يدعون إلى مثل هذه التجزئة، إنما يبسطون الأمور بسذاجة. غير أن تقسيماً ثلاثي المسار يمكن أن يكون سهل التطبيق في حال توافر الإرادة اللازمة لذلك. هنالك يكمن المحك. وإلى الآن، فإن واشنطن ولندن لا تبديان إشارات تفيد بأنهما مصممتان تصميم كورز (كما أنه ما من شك في أن باريس وبرلين سوف تقاومان تجزئة البنوك العالمية). وعلى الأقل، فإن شخصاً ما قام بشيء ما.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES