FINANCIAL TIMES

مناخ لاذع القسوة

مناخ لاذع القسوة

على العلماء أن يظلوا باحثين، وألا يتحولوا إلى عناصر في حملات ترويج. النقاش حول التغير المناخي آخذ في اكتساء طابع متزايد القسوة هذا الأسبوع. ويركز أحدث صدام على آلاف الرسائل الإلكترونية والوثائق التي استخرجها مقتحمو أجهزة الكمبيوتر في جامعة إيست أنجليا، التي تعد أحد المراكز ذات الريادة في أبحاث المناخ في بريطانيا. بعض النقاد يرى في المراسلات الإلكترونية بين باحثي جامعة إيست أنجليا وزملائهم في الولايات المتحدة دليلا على وجود مؤامرة ضخمة تستهدف المبالغة في إبراز الحجج العلمية للاحتباس الحراري، وقهر وكبح الاستنتاجات المتناقضة مع ذلك. ودافع بعض العلماء عن هذه الرسائل الإلكترونية، ووصفوها بأنها كلام مشروع من النوع الذي يتم في كثير من مجالات البحث. واتهموا المتشككين بمحاولة اغتيال شخصياتهم، من خلال اقتباسات خارج سياقها. أهم نقطة في هذه المراسلات المسربة هو أنها لا تقوض الحجج العلمية المؤيدة لتقليص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون لمحاربة التغير المناخي، التي تتنامى بدلاً من أن تصبح أقل إلزاماً. وما من رسالة إلكترونية بين تلك التي عثر عليها المتشككون تظهر تلاعباً في الجانب العلمي نفسه. ما تظهره هذه الرسائل بالفعل، بعيداً عن بعض الملاحظات الشخصية التي جانبها التوفيق، هو القلق الشديد للغاية فيما يتعلق بطريقة عرض بياناتهم ـ إضافة إلى خيبة أمل أقرب إلى السذاجة من أن قطاعات مؤثرة من الرأي العام تخفق في استيعاب ما يعتبره علماء المناخ الحاجة التي تبرهن على ذاتها لإجراء عاجل ضد الاحتباس الحراري. على العلماء أن يدركوا أنهم لن يصبحوا أكثر شهرة من خلال قولهم للناس إن عليهم إحداث تغييرات كبرى ومكلفة في أساليب حياتهم من أجل إنقاذ العالم من كارثة مناخية. وعليهم ألا تكون ردود فعلهم على عدم الشعبية متمثلة في رص الصفوف ضد عالم معادٍ، أو من خلال الشعور بأنهم مجبرون على إطلاق حملات من أجل تلك القضية. على الرغم من أن تمييز الخط الفاصل بين البحث وإطلاق الحملات يمكن أن يكون صعبا، إلا أن على العلماء أن يحاولوا احترام ذلك الخط. وتظل قيمتهم، قبل كل شيء، تتمثل في القدرة على تقديم الدلائل بأعلى درجة ممكنة من الموضوعية. وحينئذٍ يستطيع السياسيون والشركات وأنصار البيئة التقاط الدليل العلمي وإقامة السياسات عليه. خلال الإعداد لمؤتمر كوبنهاجن الذي يعقد الشهر المقبل يمكننا أن نتوقع مزيدا من الكلام اللاذع من الجانبين ـ من جانب بعض جماعات الخضر الأشد اندفاعاً، إضافة إلى مجموعات المتشككين الذين يزدادون جرأة. ومهما كان مستوى الإثارة، على العلماء أن يستمروا في هدوئهم وأن يتحدثوا علنا عن دليل التغير المناخي الذي يحدث بالفعل، متمثلا في ذوبان كتل الجليد القطبية والمزيد من الأمطار الاستوائية عالية التركيز. وعليهم كذلك إصدار توقعات مستقبلية قائمة على أفضل نماذج الكمبيوترات لديهم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES