FINANCIAL TIMES

«نومورا» يراهن على تجسير الفاصل الثقافي في الشرق الأوسط

«نومورا» يراهن على تجسير الفاصل الثقافي في الشرق الأوسط

كان عاماً زاخراً بالأحداث بالنسبة إلى الجميع في الصناعة المالية، ولكنه كان عام اضطراب بصورة خاصة بالنسبة إلى فيليب لينش، الرئيس الإقليمي لبنك نومورا الذي هو مجموعة أوراق مالية يابانية. قبل أكثر بقليل من عام كان لينش رئيساً مشاركاً لإدارة الأسهم الأوروبية في بنك ليمان براذرز، وتم إرساله إلى دبي لقيادة، وتعزيز عمليات البنك في الشرق الأوسط، حيث كان في ذلك الوقت أحد كبار المصرفيين الناجحين الذي قدموا إلى هذه المنطقة بإغراء من تدفق الدولارات البترولية. يستذكر لينش أن: «القصة كانت في الوقت ذاته هي أن الخليج يقوم بفك ارتباط عملاته بالدولار الأمريكي، وأن اقتصاداته مضادة للدورات الاقتصادية، وأنه يعوم على بحر من الأموال في ظل ارتفاع أسعار النفط التي راجت بشأنها توقعات كثيرة بأنها سوف تبلغ مائتي دولار للبرميل. وكانت جميع مؤسسات «وال ستريت» ترسل كبار مصرفييها إلى هذه المنطقة لتطوير موارد جديدة من العوائد، والفوز بالسباق الحثيث للالتزام القابل للظهور في الخليج». بعد أسبوعين فقط من وصوله، انهار بنك ليمان براذرز، الأمر الذي أشعل زلزالاً مالياً هائلاً، وعمل على تخفيض أسعار النفط، كما حدث بعد ذلك انكماش عالمي. عقد صادق سيد الذي هو الآن الرئيس التنفيذي لأقسام نومورا في أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا، صفقة مع بنك ميريل لينش بخصوص بيع النشاطات الإقليمية لبنك ليمان خلال فترة قريبة، بعد أن استحوذت مجموعة الأوراق المالية اليابانية كذلك على ذراعي «ليمان» في آسيا، وأوروبا. كان «نومورا» موجوداً في المنطقة منذ عام 1974، غير أن مقره كان في البحرين، حيث كان فيه نحو 25 مصرفياً فقط حين تم الاستحواذ. وكان لدى «ليمان» 60 موظفا يعملون في دبي. غير أنه من خلال «تقليصات مختارة»، أصبح عدد أفراد فريق العمل الإقليمي 75 مصرفياً، حيث المقر الإقليمي الرئيس للبنك في دبي. أصبح تاكويا فورويا الذي كان الرئيس الإقليمي لعمليات «نومورا» في المنطقة، رئيساً لعمليات «نومورا» في الشرق الأوسط، حيث يستمر عمله في المنامة، بينما يترأس لينش المجموعة المدمجة انطلاقاً من دبي. أعرب كثير من المراقبين الخارجين عن شكوكهم حول كيفية انسجام مصرفيي «ليمان» الاستثماريين الذين تجري في عروقهم أنظمة الإدارة الأمريكية، مع الثقافة اليابانية الأكثر رزانة، والأشد تقليدية، لدى بنك نومورا. يبدو أن الثقافتين، على أية حال، أحسن انسجاماً وملاءمة في الشرق الأوسط، كما يقول المراقبون. وكان «نومورا» في الأساس مدير أموال للمؤسسات الإقليمية، بينما كان لدى «ليمان» فريق استثمارات مصرفية على نطاق أوسع، وكانت لديه خبرات شركات مالية كاملة، كما يشير إليه أحد المصرفيين السابقين في «نومورا». والأكثر من ذلك أن معظم مصرفيي «نومورا» الإقليميين ليسوا من اليابانيين، إضافة إلى أن فورويا عمل خارج اليابان لعدد طويل من السنوات. مع ذلك، فإن أكبر اختبار لاظهار مدى جودة تكامل البنكين سوف يظهر في شهر آذار (مارس)، حين تنتهي فترة الحجز التي فرضها «نومورا» على المصرفيين السابقين لبنك ليمان، مقابل ضمان التجمع المالي الخالص بعلاواتهم. يقول المصرفي السابق في بنك نومورا: «يتوقع كثير من مصرفيي الحرس القديم اليابانيين تدفقاً ضخماً باتجاه الخارج من المصرفيين الموروثين من بنك ليمان حين تنتهي فترة الحجز. وإن الوضع المثالي هو أن بعضا ممن هم أقل إنتاجية، ومن هم في مناصب أدنى، سوف يغادرون، بينما يستمر عمل الأكثر إنتاجية، ولكن العكس هو الأرجح». تردد «نومورا» التقليدي في عرض مبالغ من المال للحصول على تفويضات نشاط عملي في سوق الشرق الأوسط التي تتسم بالمنافسة، يمكنه كذلك أن يسبب احتكاكاً، كما يضيف: «بنك نومورا ليس مؤسسة تحركها الميزانية العامة، كما أن كثيراً من موظفي بنك ليمان مصابون بالإحباط لعدم قدرتهم على تقديم ائتمان رخيص للحصول على تفويضات نشاط عملي حسبما اعتادوا عليه». غير أن لينش يقول إن هذا البنك الياباني يرغب في تخصيص السيولة من أجل عقد الصفقات، إذا كانت هنالك حاجة إلى ذلك. ويضيف لينش قائلاً: «لا ننظر إلى الإقراض كنشاط عملي قائم بذاته، ولكن إذا كان بإمكاننا استخدام الأموال لمساعدة العملاء على تحقيق أهدافهم الاستراتيجية، فإن ذلك هو ما سوف نقوم به. وقد خصصنا بالفعل مليارات من الدولارات، كما أن مئات الملايين من الدولارات جرى سحبها بالفعل». بنك نومورا المدمج هو كذلك في وضع جيد للاستفادة من اهتمام الشرق الأوسط المزدهر، حيث تحملت آسيا الأزمة الاقتصادية بصورة أفضل من معظم المناطق الأخرى. وبينما اعتادت أوروبا، والولايات المتحدة، تاريخياً، على امتصاص واستيعاب حصة الأسد من أموال الشرق الأوسط، فإن الانتقال التدريجي لقوة الاقتصاد الكلي إلى آسيا، والتنويع بعيداً عن الموجودات التي يهيمن عليها الدولار، والاستثمار في الزراعة الآسيوية لضمان الأمن الغذائي، سوف تعمل كلها على دفع مزيد من الدولارات البترولية صوب الشرق، كما يتوقع لينش. يريد «نومورا» كذلك الاستمرار في تطوير نشاط أسواق أسهمه الرأسمالية في المنطقة، وحصل خلال الفترة الأخيرة على تراخيص للعمل في قطر والسعودية، حيث يحتمل أن تكونا السوقين الأعلى ربحاً. مع ذلك، فإن المنطقة لم تستطع أن تثبت أنها معزولة عن الأزمة المالية، حيث تراجعت عوائد النشاط المصرفي الاستثماري في الشرق الأوسط إلى 542 مليون دولار هذا العام، مقابل 837 مليون دولار في العام الماضي، و1.4 مليار دولار في عام 2007، وفقاً لمعلومات شركة ديلوجيك. يقول أحد كبار المصرفيين في مؤسسة منافسة، إن لدى بنك نومورا «مصرفيين قديرين، ولكن ما زال من غير الواضح تماماً في هذه المرحلة ما إذا كان لديهم المنصة الملائمة لإظهار ذلك». رغم ذلك، فإن لينش واثق بقدرات «نومورا»، والإمكانات الكامنة في هذه المنطقة، حيث يقول: «أعتقد بجدوى فرص الأجلين المتوسط، والطويل، ولأسباب أساسية، ورئيسة، فإنني أفضل أن أكون مصدّراً للمواد الهيدروكربونية، بدلاً من أن أكون مستورداً لها. وأفضل كذلك أن أكون مزوداً لرأس المال، بدلاً من أن أكون مستخدماً له».
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES