ثقافة وفنون

الأدب الساخر بحاجة لاعتراف أصحابه.. والمؤسسات الثقافية لن تحترم من لا يحترم مهنته

الأدب الساخر بحاجة لاعتراف أصحابه.. والمؤسسات الثقافية لن تحترم من لا يحترم مهنته

وبالرغم من أن هذا الكتاب هو الأول بالنسبة للكاتب كما قال في حوار له لـ «الاقتصادية» إلا أنه حقق شهرة بين أوساط الشباب، وأقام له بعض المعجبين موقعا خاصا على الإنترنت للدعاية له، كما أنه تلقى عرضين لتحويل أحد مواضيع الكتاب لعمل سينمائي، يرى صبري أن الكتاب الساخر أفضل من كتاب مليء بالمعلومات المعقدة وهو يعمل على تطوير وزيادة المحتوى العربي للإنترنت، كما يحلم بصدور موسوعة عن الضحك العربي. هناك دراسات إدارية أجنبية أثبتت أن الرجل يفضل المديرة المرأة في الوقت الذي تفضل فيه المرأة المدير الرجل وكتابك يغالط تلك النظريات هل هذا يرجع لرؤية شخصية أم دراسات اطلعت عليها؟ هذه الدراسات لا تناقض كلامي بل تدعمه، فبالفعل المرأة دائما ما تفضل المدير الرجل لأنها تتعامل بشكل غير سوي مع مديرتها والعلاقة تكون علاقة امرأتين وليست علاقة موظفة بمديرة، وتدخل بينهما الغيرة وشعور أن كل منهما أفضل من الأخرى وما إلى ذلك من قائمة طويلة لسلبيات المرأة، أما الرجل الذي يفضل المديرة المرأة فهو يفضلها لأنه لم يتعامل معها بعد، فهذه الدراسات سألت رجالا يعملون تحت أيدي مديرين، ولذلك فهم واهمون أن تغيير المدير الرجل بمديرة امرأة سيحل مشكلاتهم، وأعتقد لو سألت رجالا يعملون تحت قيادة نساء فإجابتهم ستختلف تماما وسيقولون نار المدير الرجل ولا جنة أفضل امرأة في العالم. ألست خائفا من مهاجمة جمعيات مناصرة المرأة لك؟ وهل تتوقع إقبالا نسائيا على الكتاب رغم مهاجمتك لهن؟ لست خائفا لسبب بسيط جدا أن جمعيات مناصرة المرأة لا تهتم بالكتب، هي فقط تهتم بالأعمال الدرامية التي تثير جدلا بين الناس ليكون ظهورها أكثر وضوحا بين الرأي العام، كما أن هذه الجمعيات منشغلة بالحصول على تمويل أو إقامة ندوات يحضرها بعض الرجال المحفوظين الذين يطبلون لحقوق المرأة في هذه المناسبات، أما بالنسبة لمبيعات الكتاب فأنا تأتيني رسائل من القارئات اللواتي اشترين الكتاب تفوق بكثير أعداد رسائل القراء، فالمرأة تحب أن تعرف كثيرا عن عيوب المرأة، أما الرجل فقد لا يهتم بهذه المعلومات، وعموما كتابي به تحليل للرجل أيضا بعيوبه وسلبياته. هل تلقيت عروضا بهذا؟ وهل تؤيد أن تحويل الكتاب إلى فيلم يزيد من شهرته ومبيعاته؟ أؤيد هذا الاتجاه على صعيد الأعمال الروائية، لأنها تضم كنوزا لمنتجي السينما أكثر من القصص التي يكتبها متخصصون في الكتابة للسينما فقط، فأعظم الأعمال السينمائية، جاءت من كتب وأدباء، وليست من سكريبت وسيناريست، أما كتابي فهو ليس رواية، ولكن مواقف ساخرة، ومقالات كوميدية، وقد عرض علي المخرج أياد صالح تحويل موضوعين منه إلى أفلام تسجيلية قصيرة. كيف أسهمت تقنية الإنترنت والفيس بوك بانتشار المؤلفين الشباب أم في رأيك أنها عرضت حقوقهم الفكرية للانتهاك؟ كلامك صحيح في قسميه، فالتقنية ساعدت على التعريف بالمؤلفين الجدد، كما أنها عرضت حقوقهم الفكرية للانتهاك، وبصراحة إذا خيرنا أي مؤلف شاب بين استخدام التقنية أم الحفاظ على حقوقه فهو سيختار استخدامها ويضحي ببعض الحقوق على الأقل في بداية حياته العملية. ما أكثر الانتقادات التي وجهت للكتاب؟ أنه كان مبالغا في بعض التحليلات وعمم الصفات المذكورة فيه على الجميع، وهذه تهمة لا أنفيها، لأنني أرى أن كل فرد في الوطن العربي سيجد نفسه في الكتاب وربما أصحابه وزوجته ومديره. هل عرضت مسودة الكتاب على متخصصين بعلم النفس والإدارة أم لا؟ لا، فالكتاب ساخر وعرضته فقط على الفئة التي أتوجه لها، وكان سؤالي الوحيد بعد أن قرأوه هو «هل ضحكتم بصوت عال أم لا؟» وقد نشرت المقالات التي نالت إعجاب القراء بالإجماع. صنفت كتابك على أنه أول نوع من الأدب العمالي؟ فهل يوجد بتصنيف الأدب ما يسمى بالأدب العمالي؟ لا، ولذلك قلت إنه أول كتابات متخصصة في هذا المجال، وأعتقد أن مجال العمل ثري جدا، ويحتاج إلى تسليط الضوء عليه بشكل أكبر لما فيه من علاقات اجتماعية ونفسية لم يتم رصدها بعد. هل تعتزم التطرق بكتب أخرى لأنواع متنوعة من الأعمال والمهن؟ أدرس الآن تأليف كتاب عن العمل في شركات الاتصالات والإنترنت، وما غيرته هذه الشركات في المجتمع وسيكون ساخرا أيضا. كيف تفسر إقبال الناس على الكتب الساخرة فيما يرى مثقفون أن تلك الكتب هروب من الواقع ولا تزيد ثقافة القارئ ومن المفترض ألا تدخل ضمن تصنيفات معدل قراءة الشعوب؟ الناس أقبلت أساسا على كتب الأدب الساخر، لأنها واقعية أكثر من أي شيء آخر، أما عن دورها في زيادة ثقافة الفرد فالعبرة هنا في نوعية المؤلف أيا كان الكتاب الذي يكتبه، سواء رواية أو سخرية أو حتى فانتازيا، فأنا عندي قصة مثل ميكي ببساطتها وطفوليتها تمتلئ بمعلومات عن الكشافة والرحلات والسيارات والسفن والخزائن والسفر ومفيدة بشكل أكبر بكثير من قرائتي لرواية كلها دموع وحزن وانتقام وتضم شخصيات غريبة ليس فيها أي شيء مني أو من زملائي. كيف ترى واقع الأدب الساخر في الوقت الحالي؟ الأدب الساخر بخير، ولكن المشكلة أننا نختلف في تعريف كلمة الأدب الساخر، كما نختلف في تسمية الأدباء بلقب «الكاتب الساخر»، فنحن نطلقها على كل شخص ينتقد الأحوال المعيشية أو السياسية، أما أنا فأرى من وجهة نظري البسيطة جدا أن المعيار هنا بكم الضحك الذي يضحكه القارئ بعد القراءة، فإذا ضحك بصوت مرتفع وكأنه يشاهد مسرحية فهنا نستطيع أن نقول إن هذا الكاتب ساخر وإن كتابه يعد ضمن كتب الأدب الساخر. كيف تفسر عدم اهتمام المؤسسات الثقافية بمؤلفي الأدب الساخر من حيث الجوائز والتكريم؟ كتاب الأدب الساخر هم السبب في ذلك، فالذنب ليس ذنب مؤسسات ثقافية أو عدم اهتمام إعلامي ولكن كثير من الساخرين لا يستمرون على أسلوبهم في الكتابة، فالبعض يتعمد أن يصبغ كتاباته بصبغة سياسية ليبدو أكثر عمقا، والبعض يلجأ لكتابة السيت كوم رغم أنه غير مؤهل لذلك، والبعض الآخر يحاول أن يكون معارضا رغم أنه لم يكن يوما كذلك، وكأننا نخجل من أن نقول إننا نكتب لإضحاك الناس بصورة محترمة وبأسلوب أدبي، فكيف ستحترم المؤسسات الثقافية كاتبا لم يحترم هو مهنته، ولم يسع لتطوير نفسه ولم يشق طريقه بين كبار الأدباء عن طريق سخريته فقط دون الاعتماد على عوامل مساعدة. ما خططك المستقبلية؟ وهل تعتزم إصدار كتاب ساخر آخر؟ خططي المستقبلية لا تتعلق كلها بالأدب الساخر، فأنا أسعى لتطوير المحتوى العربي على الإنترنت وزيادة وجوده كما وكيفا عبر مشروع خاص وآخر مشترك، وهناك مشروعان متعلقان بالكتابة، وهما عبارة عن سيت كوم وفيلم كوميدي. أمنية تحلم بتحقيقها؟ أن يأتي اليوم الذي تصدر فيه «موسوعة الضحك العربي» وفيها توثيق للكوميديا والفكاهة العربية خلال العقود الأخيرة من كاريكاتير وأدب ساخر وأفلام وبرامج كوميدية، لأنني مللت من احتفاظنا فقط بتاريخ الدموع والمآسي بينما نسينا شخصيات عظيمة وأعمالا محترمة رسمت البسمة على شفاه العرب في أحلك الفترات التي عاشوا فيها من حرب وفقر واحتلال وغيره.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون