ثقافة وفنون

الندوات الثقافية ..عندما يخرب الأطرش الزفة!

الندوات الثقافية ..عندما يخرب الأطرش الزفة!

في جميع المنابر الثقافية تقريبا، وبصفة منتظمة جدا، يحضر أشخاص لا علاقة لهم بالموضوع! هناك الذي يجلس في منطقة متوسطة إلى بعيدة عن المنصة، يلوك صمتا غامضاً ويوجه نظرات غريبة ويجلس بطريقة تشبه مشاهدة مباراة كرة قدم في أحد المقاهي، هناك أيضاً الرجل المسن الذي يحمل كيسا من مقاضي البيت ويحضر الندوة من أولها لآخرها دون أن يفهم شيئا لكنه يظهر تماما أنه مستأنس بكلام المثقفين ويسلم عليهم بنقاء دون أن يضطر لمناقشة ما قالوه، وفي الحالتين السابقتين لا يمكنك أن تتنبأ بطريقة الشخصين في استشعار وجود فعالية ثقافية أينما كانت، لدرجة أنك تشعر أنهما مستعدان للحضور لندوة حتى قبل إقامتها! الحالة الثالثة هي شخص يأتي مبكرا ويجلس قريبا جدا من المحاضر، ينظر بحدة تحاول عبثا رسم ملامح فكرية عميقة غير تلك الشكلية التي لا تنبئ عن علاقة واضحة بالفكر، ولا حتى على سبيل المصادفة. يترصد للمداخلة الأولى دائما ، ولم يحدث في يوم أن خلت مداخلته من معارضة كل ماجاء في الندوة شكلاً ومضموناً، لكنها تختلف فقط في مدى استفزازيتها للضيف وأحيانا تعرضها لأشخاص لا علاقة لهم بالموضوع، وثق تماماً أنك ستخسر وقتاً طويلا لا طائل منه فيما لو فكرت في الوقوف فعلياً في تلك المداخلة على قيمة صالحة للاستخدام المنطقي- دعك من الاستخدام الثقافي! ثمة خطأ ما على ما يبدو في اعتقاد صاحبنا أن مهاجمة أي محاضر مهما كانت قيمته الثقافية و بشكل يتجاوز حدود ''اللياقة'' يمكنها أن تمثل عملاً عظيماً بالنسبة لشخص لا علاقة له ''بميدان'' الثقافة، وثمة قناعة أكثر لياقة وهي أن فهم مقولة ''الناس أعداء ما جهلوا'' لا تستدعي أكثر من مراقبة ما يفعله شخص كهذا. حين نتفق على أن فرضية ''الأطرش في الزفة'' تفترض موقفا سلبياً تماماً من شخص يوجد في عمق الحالة وبمعزل تام عنها في الوقت نفسه وبالتالي فهو لايمثل تهديدا لها، وحين ننظر إلى الحالتين في البداية فسنجد أنهما لا تخلوان من غرابة لكنهما لا تنطويان على أذى، أما الحالة الأخيرة المستعصية حقاً فهي تمثل مصدر إرباك للحضور والمنظمين الذين لا يملكون حق منع أحد من التداخل، ولا سيما في حالة سليطة اللسان وشغوفة بخلق النزاع كتلك، الغريب في الأمر أن المداخلة المتخبطة والاستفزازية لا تمنع ذلك الشخص من عادته المستمرة التي يؤكد البعض أنها السبب الرئيسي لحضوره على الأرجح، فهو يندفع بعد نحو 13 جزءا من الثانية تقريبا على انتهاء الندوة باتجاه الضيف مصافحاً ومقبلاً ولا ''يحل عنه'' إلا بعد أن يلتقط معه صورة تذكارية لطرفين أحدهما مستغرب والآخر يبتسم ''بوحشية'' صورة تبدو تماما كما لو أنها حدثت على سبيل المصادفة فقط!
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون