FINANCIAL TIMES

الشركات العائلية .. قصص نجاح ومسلسلات تمثيلية عاطفية

الشركات العائلية .. قصص نجاح ومسلسلات تمثيلية عاطفية

الشركات العائلية .. قصص نجاح ومسلسلات تمثيلية عاطفية

إذا كنت تقود سيارة رياضية سريعة مثل سيارة بورش، لا يتعين عليك احتمال التدخلات الكثيرة والتعليمات المتكررة التي يعطيها لك الراكب في المقعد الخلفي. لذلك لا عجب إذا وجد بعض أفراد عائلة بورش أنه يصعب عليهم تقبل النقد اللاذع الموجه إليهم من قبل فرديناند بييش، رئيس مجلس إدارة شركة فولكس واجن. عائلتا بورش وبييش مشتبكتان الآن في صراع شرس حول التوجه المستقبلي لشركتي صناعة السيارات. تمتلك عائلة بورش 53.7 في المائة من أسهم الشركة التي تحمل اسمها، في حين أن أنباء العمومة من آل بييش يمتلكون 46.3 في المائة من الأسهم. في الوقت نفسه فإن شركة بورش المثقلة بالديون استطاعت تأمين سيطرة مباشرة وغير مباشرة على نحو 75 في المائة من حصص شركة فولكس واجن. الوضع معقد. وربما تقول إنها عبارة عن قصة معهودة في عالم الشركات المملوكة للعائلات. لكن هل يجدر بالشركات العامة "العادية" أن تشعر بالتفوق على الشركات المنافسة المملوكة للعائلات في الوقت الحاضر؟ من الممكن أن بعض السمات الموجودة أصلاً في الشركات المملوكة للعائلات ستعطيها ميزة في الظروف التجارية القاسية التي يبدو أنها ستظل معنا ردحاً من الزمن. حين يكون اسم المالك هو اللافتة المعلقة على الباب في لوحة الشركة أو على الغلاف، يكون من السهل على المديرين شرح الأمور المتوقعة من الموظفين. هناك قصة تروى دائماً، قصة معروفة في عالم الشركات التي تروى دائماً ويزاد عليها. وإذا كان اسمك هو نفسه اسم الشركة فإن الحافز على الأداء يفترض فيه أن يكون كبيراً. الشركة المملوكة للعائلة، حين تجعل التقليد يعمل لصالحها فإن الأثر المترتب على ذلك يمكن أن يكون قوياً إلى حد كبير. حين تتحدث إلى جينا جالو، صاحبة شركة مشروبات وهي حفيدة جوليوجالو، الذي أسس الشركة بالاشتراك مع آخرين في ولاية كاليفورنيا الأمريكية في عام 1933، تستطيع أن تلمس حماستها الكبيرة والتزامها بالشركة. ويدور الحديث حتى بصورة أفضل إذا أتيحت لك الفرصة لتجربة بعض المشروبات التي تصنعها الشركة في مقاطعة سونوما في الوقت نفسه. تحدث مع جوناثان واربيرتون، رئيس مجلس إدارة شركة صناعة الخبز الناجحة "واربيرتونز" (وهو بالمناسبة من أفراد العائلة من الجيل الخامس)، وتستطيع أن تلمس إحساساً قوياً مماثلاً من الفخر والاعتزاز بالعائلة وما تتمتع به من طاقة إبداعية. حين قابلت واربيرتون في معمل الشركة الواقع في شمال لندن قبل بضع سنوات، امتدح أحد المديرين المشرفين وأطلق عليه أكبر ثناء ممكن في هذا المقام، حيث قال ببطء وبهجة مشحونة بالمشاعر: "إنه خباز رائع". لا أحد يستطيع تصَنُّع هذا النوع من الأفكار حول نفسه. هذا الإيمان القوي يعطي الشر كات العائلية المدارة جيداً دفعة إلى الأمام قبل غيرها. آسا بيورنبيرج ونايجل نيكولسون، من كلية لندن للاقتصاد، أطلقا على هذه الظاهرة عبارة "الملكية العاطفية". إنها نوع من الملكية الذي يكتسب أهمية أكبر وعمقاً أكبر من مجرد استثمار مالي. وفقاً لمؤسسة إل بي إس للأبحاث فإن الملكية العاطفية تبدأ في التطور في أفراد العائلة ويأخذون في اكتسابها في مرحلة مبكرة، على مائدة الطعام. ويغلب عليها أن تبلغ أعلى مراحلها حين يبلغ الشخص من العمر مرحلة تقع بين 31 عاماً و 40 عاماً. ولكن لا بد من رعايتها وضبطها بهيكل من الحوكمة يتسم "بالإنصاف والمرونة والشفافية" إذا أريدَ إدارتها على النحو السليم. لماذا؟ لأن الشركات المملوكة للعائلات حين تتعرض للمتاعب فإنها يمكن أن تنهار وسط قدر من العداوة يفوق ما تتعرض له أية منظمة أخرى. وكما شرح الأستاذ نيكولسون في كتابه الذي يحمل العنوان حروب العائلات، الذي ألفه بالاشتراك مع جرانت جوردون، رئيس معهد الشركات المملوكة للعائلات في بريطانيا، ومن أفراد الجيل الخامس من عائلة تصنيع المشروب وليم جرانت وأبناؤه: "ليس هناك بديل عن وجود ثقافة عائلية قوية ومتماسكة ومدركة لذاتها. أهم مهمة من مهمات القيادة هي بناء الثقافة". هناك كثير من الخطوات الخاطئة التي يمكن للعائلة أن تتخذها على طريق بناء ثقافة تتسم بالصلابة والمتانة. وفقاً لما يقوله مؤلفا كتاب حروب العائلات فإن واحداً من أكبر الأخطاء في هذا المقام هو تجاهل الأثر الذي يترتب على ما يطلقان عليه "يانصيب الجينات". يقول المؤلفان: "مرة بعد أخرى، نجد شركات مملوكة للعائلات تفترض بداخلها على نحو قوي ولكن غير صحيح أن اقتران الوراثة بالتعليم سيجعل الانتقال بالتوارث عملية سهلة بين الأجيال. مرة بعد أخرى نجد أن يانصيب الجينات يقلب العرية ويأخذ العائلة في اتجاه جديد تماماً". العائلات بحاجة إلى الإدارة بالقدر نفسه الذي تحتاج إليه الشركات. هناك عدد من السقطات الأخرى المعروفة والمتكررة. لا بد من توقع نشوب النزاعات داخل العائلة وكيفية التعامل معها. الآباء المسيطرون عليهم أن يعرفوا الوقت الذي يتعين عليهم فيه مغادرة المسرح. بإمكانهم الدخول في دور استشاري حميد ولكن لا بد لهم من القبول بأنهم لم يعودوا هم أصحاب الأمر والنهي. هناك خطوط صدع كبيرة تفصل بين الأجيال (مثل التي نراها بين الآباء والأبناء) ولا بد من الانتباه لها والحذر منها. ليس هذا فحسب، ولكن هناك التوتر بين الإخوة، أو بين الأزواج والزوجات، والأنسباء والأصهار. لا بد لأفراد العائلة إما أن يكونوا على نحو سليم جزءاً من الشركة، أو يطلَب إليهم بيع حصتهم (تقليم الشجرة). المشاهدون العابرون الذين لا مصلحة لهم في الشركة لن يقدموا لها شيئاً يذكر، ولكن ربما يتبين أنهم حجر عثرة في سبيل الشركة أو حتى عامل تدمير. من السهل تماماً أن نستهين بالشركات المملوكة للعائلات على أنها مؤسسات تتسم بالتعنت في الرأي وضيق الأفق، وأنها عتيقة الطراز وكثيرة الشكوى، ومقضي عليها بالفشل، أو كما يقولون عنها في إيطاليا: "من حظيرة الحيوانات إلى النجوم وأخيراً إلى حظيرة الحيوانات". منذ فترة قريبة قال لي أليساندرو بينيتون، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الملابس الإيطالية المعروفة بهذا الاسم: "تستطيع أن تأخذ وجهة نظر عائلية تقليدية طويلة الأجل ومع ذلك يظل لديك نظرة حديثة." على الرغم من هبوط بنسبة 38 في المائة في أرباح شركة بينيتون في الربع الأول من هذا العام، لا أظن أن عائلته ستبدأ في الدخول إلى الحظائر خلال أي وقت قريب. #2#
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES