FINANCIAL TIMES

بداية جيدة لجايتنر في بكين

بداية جيدة لجايتنر في بكين

الولايات المتحدة والصين ملتحمتان في رقصة تتسم بالشد والجذب، تسعى كل واحدة منهما على مضض لتنسيق خطواتها مع الأخرى. هذا الأسبوع، في كلمة ألقاها وزير المالية الأمريكي، تيم جايتنر، في بداية زيارته لبكين، حدد معالم خطة للكيفية التي يمكن أن تتطور بها هذه العلاقة لتصبح ترتيباً مريحاً أكثر من ذي قبل. لكن إصلاح الاقتصاد العالمي يجب أن يذهب إلى أبعد من مجرد المباحثات الثنائية. كلمة جايتنر كانت موجهة بالدرجة الأولى نحو الجمهور الأمريكي والصيني معاً. أرسل رسائل مطَمئِنة إلى الصين، أكبر مشترٍ للسندات الحكومية الأمريكية، حول خططه لتقليص العجز في المالية العامة. حين أعلن منذ البداية عن الأمور التي عقد العزم على تصميمها، تمكن وزير المالية من تجنب إعطاء الانطباع بأنه موظف عاطل لا أمل يرجى منه، استدعاه مدير البنك الذي يرتاب في سلوكه. كذلك ذكر جايتنر أن الصين بحاجة إلى تغيير أنموذجها الاقتصادي. لا تحتاج بكين إلى الابتعاد عن تركيزها على الصادرات. لكن حين أقر بأن الولايات المتحدة مسؤولة مثل الصين عن الاختلالات الاقتصادية العالمية، أقام الدليل على حجته دون إثارة الاستياء لدى مضيفيه. وهذا إنجاز ليس بالهين. أثناء حركة الأمور نحو الأزمة أخذت المصانع الصينية تغذي المحلات التجارية الأمريكية. وأخذت المدخرات الصينية تغذي الاستهلاك الأمريكي. في المستقبل لا بد أن تقوم الولايات المتحدة بالادخار أكثر من ذي قبل ولا بد للشعب الصيني أن يخلق مزيدا من الطلب النهائي. وهذا أمر سهل قولاً لكنه ليس من السهل عملاً. إذا توقفت الصين عن تمويل العجز الأمريكي، أو توقف المستهلكون الأمريكيون عن الإنفاق في موعد أقرب مما يجب، الأزمة ستدخل فصلاً جديداً أكثر عتمة من ذي قبل. على المدى الطويل تحويل الصين إلى بلد أقل ميلاً للادخار والتقتير وتحويل الولايات المتحدة إلى بلد أقل ميلاً للإسراف والتبذير يعني إعادة هندسة الاقتصاد في البلدين. ستكون إعادة تثبيت عادات الادخار في أمريكا عملية مؤلمة، إذ ليس هناك من يريد تقليص الاستهلاك. الطلب الصيني محدود بدخل العاملين الصينيين، الذي يبلغ فقط 40 في المائة من الناتج القومي. كذلك الطلب سيعاني، لأن المستهلكين الصينيين الذين يفتقرون إلى نظام نشط فعال من التأمينات الاجتماعية، يدخرون جزءاً من دخلهم كنوع من التأمين في حالة المرض والبطالة. وبناء شبكة ضمان اجتماعي وإعادة توزيع الثروة من الشركات الصينية إلى العاملين سيعتبر تحولاً في الأجيال له عواقب خطيرة على النخبة. على المدى القصير لن يكون بوسع الولايات المتحدة والصين إلا تحقيق قدر معين من التقدم. مجموعة الاثنين هي أهم مجموعة ثنائية في العالم. فهي تشكل 31 في المائة من الناتج العالمي وتشكل ربع التجارة العالمية. وفي حين أن العلاقة بينهما مهمة تماماً، إلا أن من غير الممكن إعادة العالم إلى الوضع الطبيعي من قبل الولايات المتحدة والصين وحدهما. الاقتصاد العالمي اليوم قضية متعددة الأطراف، أي رقصة مع عدة شركاء. يجدر بجايتنر ومضيفيه أن يكونوا مدركين لذلك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES