FINANCIAL TIMES

واشنطن يجب أن تستيقظ .. تفجر المديونية يهدد أمريكا

واشنطن يجب أن تستيقظ .. تفجر المديونية يهدد أمريكا

قرار وكالة ستاندار آند بورز تخفيض تصنيفها للدين السيادي البريطاني من "مستقر" إلى "سالب" ينبغي أن يكون دعوة للاستيقاظ بالنسبة للكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية. ودعونا نأمل أنهما سيصحوان. بموجب خطة الرئيس باراك أوباما الخاصة بالميزانية، هناك تضخم في الدين الاتحادي. وبتعبير دقيق، هذا الدين آخذ في الارتفاع وسيواصل ارتفاعه - بسرعة تفوق سرعة زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس لقدرة أمريكا على خدمة هذا الدين. كان الدين الاتحادي مساوياً لنسبة 41 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2008، ويتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن يرتفع إلى نسبة 82 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عشر سنوات. وإذا لم يحدث تغيير في السياسة، يمكن أن يصل إلى نسبة 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بعد خمس سنوات أخرى. قالت وكالة التصنيف في الأسبوع الماضي: "إذا استمر عبء الدين بذلك المستوى (100 في المائة) سيكون من وجهة نظر وكالة ستاندار آند بورز غير منسجم مع تصنيف A ثلاثية". وفي اعتقادي أن الخطر الذي يشكله هذا الدين خطر شامل ويمكن أن يزيد الضرر الذي يلحقه بالاقتصاد على ضرر الأزمة المالية الحالية. وكي تفهم حجم هذا الخطر، إلق نظرة على الأرقام التي أوردتها وكالة ستاندار آند بورز. يتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن يصل العجز عام 2019 إلى 1200 مليار دولار. وفي تلك السنة، من المتوقع أن تصل العائدات الضريبية إلى نحو 2000 مليار دولار، وبذلك ستكون هناك حاجة إلى زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 60 في المائة لإحداث توازن في الموازنة. ومن الواضح أن هذا لن يحدث ولا ينبغي أن يحدث. إذن، كيف بغير ذلك يمكن تخفيض دفعات خدمة الدين كحصة من الناتج المحلي الإجمالي؟ التضخم سيحقق ذلك. لكن ما هي حدود ذلك؟ تخفيض معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستواه عام 2008 يتطلب أن تكون الأسعار ضعف ما هي عليه. وهذه الزيادة بنسبة 100 في المائة تجعل الناتج المحلي الإجمالي الاسمي أعلى مرتين، وبالتالي تخفض معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة النصف، عوداً إلى نسبة 41 من 82 في المائة. وزيادة مستوى الأسعار بنسبة 100 في المائة تعني أن يكون معدل التضخم نحو 10 في المائة لمدة عشر سنوات. لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة – بل الأرجح أن يكون التضخم شبيهاً بالتضخم الذي ساد في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي، مع حدوث طفرة يعقبها إفلاس وركود كل ثلاث، أو أربع سنوات، ومعدل تضخم أعلى بالتتابع بعد كل ركود. وحقيقة أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يقوم الآن بشراء سندات الخزانة طويلة المدى، في محاولة منه للمحافظة على انخفاض عائد سندات الخزانة، يضيف صدقية إلى هذه القصة المرعبة لأنه يرى أن الدين سيتحول إلى أموال. واحتمال مواجهة الاحتياطي الفيدرالي لمهمة صعبة في تخفيض ميزانيته العمومية الآخذة في التضخم، لمنع حدوث تضخم يزيد المخاطر بشكل كبير. كما أن التضخم بمعدل 100 في المائة يعني بطبيعة الحال انخفاض قيمة الدولار بنسبة 100 في المائة. وسيتعين على الأمريكيين أن يدفعوا 2.80 دولار لليورو، ويمكن أن يشتري اليابانيون الدولار بمبلغ 50 يناً، ويمكن أن يصل سعر أونصة الذهب إلى 2000 دولار. هذا ليس توقعاً، لأن السياسة يمكن أن تتغير، بل إنه بيان لمقدار الخطر العام الذي تخلقه الحكومة الآن. لماذا تنام واشنطن خلال هذه الدعوة للاستيقاظ؟ إليكم بعض الأعذار التي تساق في هذا الشأن. "إننا نعيش أزمة مالية غير مسبوقة، ويجب أن يكون لدينا عجز غير مسبوق". وفي حين أن هناك جدلاً حول ما إذا كان العجز الكبير حالياً يوفر تحفيزاً اقتصادياً، لا توجد نظرية اقتصادية، أو دليل يثبت أن العجز في خمس أو عشر سنوات تساعد في إخراجنا من هذا الركود. هذا التفكير غير مسؤول. فإذا اعتقدت أن العجز أمر جيد في الأوقات الصعبة، عندها تتمثل السياسة المسؤولة في محاولة موازنة الميزانية في أوقات الرخاء. ويتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن يعود الاقتصاد إلى تحقيق النمو في 2014. ولذلك ميزانية مسؤولة ستعد المقترحات الخاصة بإحداث توازن في الموازنة في ذلك العام، بدلاً من استهداف عجوزات قدرها ثلاثة تريليونات دولار. "لكننا سنخفض العجز إلى النصف". يتوقع المحللون في مكتب الميزانية التابع للكونغرس أن يكون العجز في 2019 بالحجم نفسه الذي تتوقعه الإدارة لعام 2010، أي بانخفاض قدره صفر. "لقد ورثنا هذه الفوضى". كان الدين بنسبة 41 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 1988، وهي آخر سنة من سنوات ولاية الرئيس رونالد ريجان، وهي النسبة نفسها في نهاية عام 2008 التي هي آخر سنوات ولاية الرئيس جورج دبليو بوش. وإذا كان هناك من يعتقد أن السياسات من ريجان إلى بوش كانت خاطئة، فهل من المعقول مضاعفة تلك الأخطاء، كما هي الحال مع مستوى 80 في المائة الذي يتوقع أن يكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عندما تنتهي ولاية أوباما؟ لقد ولى زمن هذه الأعذار. إنها ترسم صورة لحكومة لا تعمل، حكومة تخلق المشاكل بدلاً من أن تقللها. الحكومة الجيدة ينبغي أن تكون مسألة غير حزبية. لقد قلت في كتاباتي إن الإجراءات والتدخلات الحكومية تسببت في حدوث الأزمة المالية وإطالتها ومفاقمتها. والمشكلة هي أن السياسة آخذة في التراجع لا التحسن. إن كبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم وزير الخزانة، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي، ورئيس المؤسسة الفيدرالية لضمان الودائع، ورئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة ينادون بإيجاد جهة تنظيمية قوية خاصة بالمخاطر العامة والشاملة لكبح جماح الخطر العام الذي يسود القطاع الخاص. لكن إدارتهم هي الآن أكبر مصدر للخطر العام والشامل. والخبر السار أن الوقت لم يفت. بل هناك وقت كي نصحو ونجري التصحيح في منتصف الطريق ونعود إلى المسار الصحيح. إن الكثيرين يلقون باللوم على وكالات التصنيف لعدم إطلاعنا على المخاطر العامة الموجودة في القطاع الخاص التي أدت إلى هذه الأزمة. دعونا لا نتجاهلها عندما تخبرنا عن المخاطر الموجودة في القطاع الحكومي التي ستؤدي إلى الأزمة التالية. ـــــــــــــ
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES