FINANCIAL TIMES

الصين تفشل في إسكات صوت من القبر

الصين تفشل في إسكات صوت من القبر

حين مات رئيس الحزب الشيوعي السابق، زهاو زيانج، قبل أربع سنوات، كان الخبر الوحيد الذي نشر في الصين بيانا من سطرين بثته وكالة الأنباء الرسمية، شينخوا. كانت السلطات في بكين تخشى من أن يؤدي موت الزعيم الذي جرد من حقه بسبب معارضته لسحق المتظاهرين بعنف عام 1989، إلى إعادة فتح الجدل حول حالات القتل التي وقعت في ميدان تيانانمن. لكن لم يكن من السهل إسكات زهاو. فقبل أسابيع فقط من الذكرى السنوية العشرين للإجراءات الصارمة، فإن مذكراته السرية على وشك أن تنتشر، استناداً إلى 20 شريطاً مسجلا استطاع الأصدقاء والرفقاء أن يهربوها من البلاد. تقول رواية مباشرة نادرة جدا للسياسة الصينية النخبوية بعنوان "سجين الدولة" Prisoner of the State، إن قرار فرض القانون العرفي في أيار (مايو) 1989 لم يكن قانونيا، وإن القمع العنيف للمحتجين كان "مأساة" . وهي أيضا تلقي الضوء على دينج إكسياوبنج، الزعيم الأعلى السابق، موحية بأن زهاو كان المحرض الحقيقي لكثير من الإصلاحات الاقتصادية في البلاد، وأن دينج كان مؤيدا متحمساً لديكتاتورية الحزب الواحد. قضى زهاو 16 سنة في الإقامة الجبرية ولم يكن يغادر بيته في بكين إلا إلى لعبة الجولف في بعض الأحيان. لكنه بدأ عام 2000 تسجيل أفكاره سرا على أشرطة مسجلة عليها أوبرا بكين. ويقول باو تونج، وهو مساعد سابق لزهاو، ساعد في ترتيب نشر الكتاب: "بنشر النسخة البريطانية أولا، سيحصل هذا الكتاب على الاعتراف من المجتمع الدولي ولن تستطيع الصين نفي صدقيته، أو وجوده، بحظره أو محوه". والسلطات الصينية لن تألو جهدا في منع النقاش حول احتجاجات ميدان تيانانمن. وبدأت بالفعل إجراءات صارمة ضد المثقفين المؤيدين للديمقراطية قبل ذكرى الرابع من حزيران (يونيو). ومع هذا يقول زهاو إن المواجهة كان بالإمكان تجنبها. فقد كان عدد قليل من المحتجين معارضين للحزب، حسبما يكتب، وكان كثير منهم يثيرون شكاوى مشروعة. لكن المحافظين داخل القيادة، خصوصا رئيس الوزراء لي بينج، دفعوا الطلاب إلى التطرف بتبني أساليب أكثر مواجهة، وأثروا على دينج لاتخاذ موقف متطرف. وبعد طلبه اجتماعا شخصيا مع دينج، ظهر في بيته يوم 17 أيار (مايو)، ليجد بقية أعضاء اللجنة الدائمة للحزب الشيوعي هناك. وخسر زهاو النقاش حول استخدام القوة ضد الطلاب. وعلى عكس روايات أخرى للاجتماع، يقول إنه لم يتم التصويت لصالح فرض القانون العرفي، وكان القرار غير قانوني. ومع أن المادة حول تيانانمن هي الأكثر حساسية سياسيا، إلا أن المؤرخين سيهتمون بوصفه للإصلاحات الاقتصادية في الصين. ويسجل لدينج الفضل في تأييد الإصلاح ضد محافظين معارضين. لكن زهاو يقول في كتابه إن كثيرا من الأفكار كانت أفكاره. فقد كان زهاو هو الذي ألح على تفكيك التعاونيات الزراعية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وأنه هو الذي أقنع دينج بتأييد إيجاد مناطق تجارة حرة خاصة أدت إلى طفرة الصناعات التصديرية. في مقدمة الكتاب يقول رودريك ماكفاركوهار، وهو خبير في السياسة الصينية في جامعة هارفارد: "بقراءة رواية زهاو غير المزخرفة وغير المتباهية لفترة رئاسته، يصبح واضحا أنه هو وليس دينج الذي كان مهندس الإصلاحات. لم يصنع دينج الاختراق المتعلق بالأفكار، بل زهاو هو الذي صنعه". ويضم الكتاب هجوما سياسيا جارحا على دينج، الذي بدت خطاباته في معظم الأحيان تغازل أفكار الإصلاح. وهو يقول إن دينج كان يؤمن بديكاتورية يديرها الحزب، وحين كان يتحدث عن الديمقراطية "لم تكن أكثر من كلمات فارغة". وتظهر سياسات زهاو على أنها تبنّ متردد للإصلاح الديمقراطي، وهو ينفي أنه كان مؤيدا للديمقراطية متعددة الأحزاب حين كان في السلطة. لكنه يقول إنه أخذ يعتقد أن الإصلاحات الاقتصادية في الصين لا يمكن أن تنجح إلا إذا كانت هناك مساءلة أكبر وحرية تنظيم ونظام قضائي أكثر استقلالا. ويقول: "النظام البرلماني الديمقراطي الغربي هو الذي أظهر أكبر قدرة على الحياة، وإذا لم نتحرك نحو هذا الهدف سيكون من المستحيل أن نعالج الأوضاع الشاذة لاقتصاد السوق في الصين".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES