FINANCIAL TIMES

نجاح اسكتلندي

نجاح اسكتلندي

يظهر البرلمان المبجل كيف يمكن للمحلية أن تنجح. كان هذا أسبوعاً كئيباً للسياسة البريطانية. تعرضت سلسلة من النواب من حزب العمال الحاكم وحزب المحافظين المعارض إما إلى تعليق العضوية، وإما إلى الإهانة بعد اختراقهم نظام نفقات عتيق الطراز. بل حتى مجلس اللوردات لم ينج من الفضيحة، إذ تم تعليق عضوية اثنين من أعضائه في أول إجراء من نوعه منذ الحرب الأهلية في القرن السابع عشر. باتجاه الشمال، وبعيداً عن تقاذف الاتهامات في ويستمنستر، هناك تجربة جادة في الإصلاح الدستوري. وأصبح من السليم القول بعد عشر سنوات إن البرلمان الاسكتلندي في إدنبره يمكن أن يكون أنموذجاً لمزيد من تفويض السلطة داخل المملكة المتحدة. ظل البريطانيون على مدى قرون يساوون بين الحضارة والمركزية. وهاجم إدموند بروك، وهو أحد أعظم الإيرلنديين في إنجلترا، الخطط الفرنسية الداعية إلى حكومة بلدية قوية، ووصفها بأنها "أمر وحشي بعيد عن التمدن". والحقيقة أن معظم الإنجازات التي ترمز لترابط الأمة من الإصلاحات العظمى إلى الخدمات الصحية الوطنية، استمدت سلطتها المحلية واكتسبت المسؤولية في لندن. ظل ويستنمنستر يحرس هذه السلطة بغيرة. لكن تمت إعادة إنشاء البرلمان الاسكتنلدي في 1999، وجرى منحه كثيرا من السلطات السياسية. وتمت ممارسة هذه السلطات خلال العقد الماضي بدرجات متفاوتة من الحكمة. وتجري إدارة الخدمات الصحية في اسكتلندا، في الوقت الراهن دون أي سوق داخلية. والرعاية الاجتماعية لكبار السن مجانية، إضافة إلى أن الطلبة في اسكتلندا لا يدفعون رسوماً تعليمية. إن الفوز بهذه الحرية لاختيار مسارهم كان نصراً للوطنيين المتشددين في هذا البلد. ووفقاً للترتيبات الجديدة، تعززت حركتهم من حيث القوة والمكانة. وظل الحزب الحاكم في اسكتلندا منذ عام 2007، هو الحزب الوطني الاسكتلندي المؤيد للاستقلال. غير أن الانكماش عمل على تهدئة وتخفيف الطموحات الوطنية الاسكتلندية. وبدلاً من الاستقلال الفوري والمباشر، يريد معظم الاسكتلنديين مزيدا من السلطة المحلية، لكن ضمن بريطانيا. وهناك وضع مماثل لذلك في ويلز، حيث تتم تجربة لتفويض السلطة على نطاق أصغر. ويريد الناس مشرعين محليين أقوى وحرية في ارتكاب الأخطاء، لكن ضمن إطار شبه اتحادي وفي إطار دولة بريطانية موحدة بصورة مؤكدة. وتناسب الترتيبات الحالية، إلى حد ما، إراداتهم التي اختاروها. لا تزال المملكة المتحدة تمر بتحول دستوري حرج. فأعضاء البرلمان الممثلون لاسكتنلدا وويلز في ويستمنستر منذ عام 1999، ظلوا موضع إهمال وتجاهل دستوري. وبمقدورهم التصويت على السياسة الاجتماعية للإنجليز، لكن ليس لناخبيهم ومناطقهم الانتخابية التي يظل شأن رعايتها الاجتماعية من اختصاص المشرعين المحليين. وعلى هؤلاء البرلمانيين، على الأقل، إنقاذ أنفسهم من التصويت على القوانين الإنجليزية فقط. إن على الرحلة الدستورية في المملكة المتحدة، على نطاق أوسع، أن تقودها إلى هيكل سياسي محلي. ويجب منح المقاطعات والبلدات المزيد من سلطة إنفاق وجمع الأموال. ويجب إتاحة الحرية للمدن الكبرى كي تتبع أولويات محلية. فحتى لندن التي تنتخب عمدتها وجمعيتها بصورة مباشرة، ليست لها سيطرة على مصيرها. وعلى ويستمنستر التغير على جهات كثيرة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES