FINANCIAL TIMES

حتى لا ينطلي التحايل باسم «الضرائب» .. لا تدفع أبدا

 حتى لا ينطلي التحايل باسم «الضرائب» .. لا تدفع أبدا

لا يوجد شيء مرعب أكثر من الاعتقاد أنك مدين لمصلحة الضرائب.
عندما أغلقت الهاتف مع متصل كان قد أصر أنني أدين بمبلغ 2,350 جنيها لدائرة الإيرادات والجمارك الملكية، كنت في حالة من الذعر.
كنت أمشي إلى المكتب صباح أحد الأيام، وسماعات الهاتف في أذني، عندما تلقيت مكالمة من رقم يبدأ برمز مدينة لندن 020.
رسالة مسجلة قالت إن المكالمة هي من دائرة الإيرادات والجمارك الملكية، تحذرني من وجود دعوى قضائية ضدي وصدور أمر باعتقالي. ماذا تقول؟
قالت الرسالة: "اضغط على الرقم واحد إذا أردت التحدث مع ممثل بشأن قضيتك".
ضغطت على الرقم واحد، وأنا مليئة بالقلق من أن وضعي كأجنبية قد تسبب في مشكلة ما.
شخص فيما بدا أنه داخل مكتب مزدحم طلب اسم عائلتي، ثم سحب سجلي وأخبرني برمزي البريدي، شقة انتقلت إليها قبل أقل من شهرين. حتى الآن، صدقته.
أخبرني الرجل أن دائرة الإيرادات والجمارك تعتقد أنني ارتكبت عملية احتيال ضريبي.
وقال إنني إدين برصيد مستحق يبلغ 2,350 جنيها، بموجب المادة 150 من قانون الضرائب في بريطانيا.
شرحت أنني لا أحسب ضرائبي بنفسي، لكن الرجل قال إن الشركة التي قدمت ضرائبي ربما ارتكبت الخطأ الذي بت مسؤولة عنه الآن.
وزعم أن دائرة الإيرادات والجمارك الملكية حاولت الاتصال بي، وتسليم الرسالة لكنها لم تتمكن من الوصول إلي.
قلت إنني لم أتلق قط أي مكالمة، وإن الرسالة الأخيرة التي وصلتني من دائرة الإيرادات والجمارك، قالت إن كل شيء على ما يرام فيما يتعلق بضرائبي.
أجاب الرجل بسرعة إنهم أخطأوا في الحساب عندما أرسلوا تلك الرسالة الأولية، لكن الآن ليس هناك شك أني أدين لهم بمبلغ 2,350 جنيها، وكان علي الدفع فورا.
ربما تكون قد تلقيت مكالمة كهذه بنفسك. لم تكن لدي فكرة أن عمليات الاحتيال باستخدام اسم دائرة الإيرادات والجمارك الملكية شائعة جدا، لكنني اكتشفت منذ ذلك الحين أنه تم الإبلاغ عن نحو 200 ألف مكالمة كهذه في العام الماضي وحده، وأفترض أن كثيرا منها لم تسجل.
عمليات الاحتيال التي تنتحل شخصية السلطات الضريبية مستمرة منذ عام 2016 على الأقل في بريطانيا. على الرغم من محاولات السلطات ودائرة الإيرادات والجمارك الملكية إيقاف آلاف المحتالين المزعومين وراء هذه الهجمات، إلا أنني على دراية بمثال واحد فقط على الإدانة الأخيرة لعملية احتيال ذات صلة لانتحال موقع إلكتروني.
في الوقت الحالي، أفضل شكل من أشكال دفاعنا ضد هؤلاء المجرمين هو نشر الأمر.
أردت الكتابة عما حدث معي لأن أساليب الضغط التي استخدمها الرجل الذي يبدو محترفا على الجانب الآخر من الهاتف كانت مقنعة جدا، حيث إني كدت أمد يدي إلى بطاقتي الائتمانية.
أخبرتني دائرة الإيرادات والجمارك الملكية: "يستخدم المحتالون مجموعة من الأساليب، بما في ذلك الاتصال بدافعي الضرائب وتقديم عرض برديات ضريبية زائفة، أو تهديدهم بالقبض عليهم إذا لم يدفعوا الضرائب المستحقة عليهم فورا"، مضيفة أن محاولات الاحتيال "مصدر قلق كبير".
"هذه الاحتيالات غالبا ما تستهدف كبار السن والضعفاء الذين يتم الاتصال بهم وإخبارهم أنهم يدينون بالضرائب، في بعض الأحيان يكون ذلك مصحوبا بالتهديدات باتخاذ إجراءات قانونية" حسبما أضاف.
مع تقدم محادثتي مع ممثل دائرة الإيرادات والجمارك الملكية المزيف، وجهت طعنات إلى التناقضات في كلامه، لكن الرجل كان سريعا جدا بالرد على كل سؤال، ولم يتأثر بالأسئلة لدرجة أنني اقتنعت أن الأمر صحيح.
لم يكن يبدو مرتبكا عندما أوضحت أنني لم أعمل في بريطانيا سوى منذ عام 2017، وكان يطالب بفاتورة الضرائب من عام 2015. كان لديه جواب لكل شيء.
بعد نحو ثماني دقائق من مكالمتي الهاتفية الصباحية المنهكة، سألت عما يمكنني فعله لحل هذه المشكلة.
حتى لو كان ذلك خطأ، لم أرغب في أن يتم اعتقالي. أوضح الرجل أن لدي خيارين: الأول هو التعامل مع هذا في المحكمة، وتعيين محام جنائي ومحاربة التهم.
مع ذلك، أوضح أنه إذا حكمت المحكمة ضدي، قد أخاطر بدفع 79 ألف جنيه كرسوم جزائية، وقضاء خمسة أعوام في السجن.
السيناريو الثاني كان "التعويض خارج المحكمة" الذي يتضمن الموافقة على تسوية الفاتورة على الفور.
لإقناعي أن هذا كان الشيء الصحيح الذي يجب فعله، استخدم عبارات مثل: "نعتقد أنك تتصرفين بحسن نية، من المهم أنك صادقة هنا، وأنك إذا ارتكبت أي خطأ، فأنت تعترفين به. نود منحك فرصة لتصحيح الأمر".
ثم سأل عن الخيار الذي أردت اختياره. قلت إنني لن أفعل أي شيء إلى أن أرى بعض الوثائق التي تفيد أني متهمة به.
محتال دائرة الإيرادات والجمارك أخبرني أنه إذا أنهيت المكالمة، فإنه سيتم اعتقالي وأواجه السجن لمدة خمسة أعوام.
كان مصرا على هذه النقطة لدرجة أنني أدركت أخيرا أن هذه يجب أن تكون عملية احتيال.
أنهيت المكالمة، وتوجهت مباشرة إلى مكتب "إف تي موني" FT Money منفعلة ومضطربة، وأخبرت كلير باريت رئيسة التحرير بما حدث.
ابتسمت وقالت: "أوه، لا تقلقي، هذه عملية احتيال، الكل في بريطانيا يتلقى مكالمة كهذه".
شعرت بارتياح كبير، لكن أيضا، يا لها من عملية احتيال! عمليات الاحتيال عبر الهاتف كهذه العملية شائعة جدا. في الأسبوع نفسه تلقت كلير مكالمة مماثلة هي نفسها.
أخبرتهم أنها تعمل في مكتب الإعلام التابع لدائرة الإيرادات والجمارك الملكية، وأغلقوا الهاتف على الفور. يقول قراء آخرون لصحيفتنا إنهم يعرفون أن المكالمات خدعة، لكنهم يبقون المحتالين يتحدثون لأطول فترة ممكنة لمنعهم من خداع الآخرين.
ليست المكالمات الهاتفية فقط هي التي يجب أن تقلق بشأنها. وفقا لبيانات عام 2019 من دائرة الإيرادات والجمارك الملكية، أبلغ نحو 900 ألف شخص عن تلقي رسائل بالبريد إلكتروني أو رسائل نصية أو مكالمات احتيالية من أشخاص يدعون أنهم من مصلحة الضرائب ويحثونهم بطريقة أو بأخرى على دفع المال أو تقديم تفاصيل حساباتهم المصرفية.
الخدعة الأكثر شيوعا التي أبلغ عنها أكثر من 620 ألف شخص عام 2019، كانت برديات ضريبية غير متوقعة للأشخاص تعرض عبر الهاتف أو رسالة بريد إلكتروني أو رسالة نصية.
يتم توجيه الضحايا إلى مواقع إلكترونية مزيفة تحمل شعار دائرة الإيرادات والجمارك الملكية، وخداعهم لإدخال بياناتهم المصرفية ومعلوماتهم الشخصية التي تستخدم بعد ذلك لسرقة أموالهم.
قالت "يو كيه فاينانس" UK Finance، وهي جمعية المهن المصرفية إن 56 مليون جنيه ضاعت بسبب عمليات الانتحال في النصف الأول من عام 2019 وحده، حيث انتحل المجرمون شخصية شرطي أو موظف مصرف أو غيرهم من المسؤولين.
هل تريد التأكد من أن هذا لن يحدث لك أبدا؟ إليك بعض النصائح من دائرة الإيرادات والجمارك الملكية حول كيفية معرفة إذا كانت عملية احتيال:
- دائرة الإيرادات والجمارك الملكية لن تتصل بك أبدا عبر الهاتف، وتطلب منك بياناتك المصرفية.
- دائرة الإيرادات والجمارك الملكية لن تعلمك أبدا برديات ضريبية، أو تقدم لك دفعة تسديد عن طريق رسالة بريد إلكتروني أو رسالة نصية.
- لحماية نفسك، إياك أن ترد على الرسائل النصية، أو تنزل المرفقات أو الضغط على روابط في رسائل نصية أو رسائل بريد إلكتروني لا تتوقعها.
- إذا تلقيت مكالمة ولم تكن متأكدا، فاذهب إلى الموقع الإلكتروني للتقييم الذاتي التابع لدائرة الإيرادات والجمارك، وتحقق من وضعك الضريبي هناك.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES