FINANCIAL TIMES

المخزونات العالمية في أدنى مستوى منذ 7 أعوام

المخزونات العالمية في أدنى مستوى منذ 7 أعوام

وفقا لتحليل مؤشرات مديري المشتريات الصادر عن شركة بيكتيت لإدارة الأصول، انخفض مخزون الصناعات التحويلية العالمي إلى أدنى مستوياته منذ عام 2012.

تصاعد تعطيل الإمدادات الناتج عن تفشي فيروس كورونا في الصين ضرب الاقتصاد العالمي في واحدة من أضعف نقاطه منذ أعوام.
تعطيل سلاسل الإمداد العالمية نتيجة لمحاولات الصين الحد من انتشار الفيروس أدى إلى آثار غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم. شركات صناعة السيارات، مثل "هيونداي" و "نيسان" وكذلك "جيه سي بي" ـ المصنعة لمركبات البناء والمركبات الزراعية - من بين الشركات التي أجبرت على إغلاق مصانعها أو خفض إنتاجها خارج الصين، في حين حذرت شركة أبل من أن إمدادات جهاز "آيفون" ستتأثر نظرا لإغلاق مصنعها داخل الصين لمدة طويلة.
شركة جاكوار لاند روفر لجأت إلى نقل قطع غيار السيارات في حقائب جوا إلى خارج الصين من أجل الحفاظ على استمرار خطوط الإنتاج.
هذه الاضطرابات في الإمدادات، وكثير غيرها، فضلا عن نقل مراكز الإمداد، حدثت في وقت انخفض فيه مخزون الصناعات التحويلية العالمي إلى أدنى مستوياته منذ عام 2012، وفقا لتحليل مؤشرات مديري المشتريات، الصادر عن شركة بيكتيت لإدارة الأصول، التي تتم متابعتها عن كثب.
في كانون الثاني (يناير) انخفض مقياس إجمالي مخزون الصناعات التحويلية المرتبط بالناتج المحلي الإجمالي في 30 دولة رئيسية، إلى متوسط متحرك لمدة ثلاثة أشهر بلغ 46.9 - على مقياس حيث أي شيء أقل من 50 يمثل مستويات مخزون منخفضة - حتى قبل أن يبدأ اندلاع فيروس كورونا في تعطيل سلاسل الإمداد.
هذا هو أدنى مستوى قراءة منذ أواخر 2012، ما يشير إلى أن المصنعين والموردين النهائيين كانوا معرضين بشكل خاص لاضطرابات في الإمدادات في تلك المرحلة، ما يزيد من تأثير التأخير غير المسبوق في استئناف الإمدادات من الصين بعد عطلة رأس السنة القمرية.
تشير البيانات إلى الضعف الكامن في التحول العالمي نحو أنموذج الإنتاج "في الوقت المناسب"، الذي يحد من حجم رأس المال المرتبط بالمواد ومنشآت التخزين، لكنه يترك الشركات عرضة للصدمات الخارجية.
ما يثير الإشكال هو أن مستويات المخزون كانت منخفضة بشكل خاص في هونج كونج، عند مستوى 42.5 فقط، مع وجود مستودعات فارغة في السويد فقط.
علاوة على ذلك، هذا النقص في المخزونات حدث تماما في الوقت الذي كان فيه الطلب النهائي يرتفع من مستويات منخفضة، حيث نسبة الطلبات الجديدة إلى المخزونات في جميع أنحاء الاقتصادات الـ30 ترتفع بشكل حاد منذ أن وصلت إلى أدنى مستوى دوري في تشرين الأول (أكتوبر)، وفقا لحسابات شركة بيكتيت، المستندة إلى متوسطات مرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي مستمدة من عدد من استطلاعات التصنيع. هذا يشير إلى أن المخزونات المتاحة عادة ستنفد بشكل أسرع من المعتاد.
ارتفعت طلبيات التصنيع الجديدة من 48.8 في كانون الأول (ديسمبر) ـ الشهر السابع على التوالي من الانكماش ـ إلى 50.7 في كانون الثاني (يناير)، وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2019.
على الرغم من التهديد الذي يواجه الانتعاش الاقتصادي الناشئ من التعطيلات الناجمة عن فيروس كورونا، إلا أن باتريك زويفل، كبير الاقتصاديين في شركة بيكتيت لإدارة الأصول، جادل بأن انخفاض المخزون هو مؤشر بارز يشير إلى ارتفاع النشاط في الأشهر المقبلة، في الوقت الذي تعمل فيه الشركات على رفع مخزوناتها إلى مستويات أكثر استقرارا.
قال زويفل: "في الوقت الذي بدأ فيه فيروس كورونا يؤثر فينا كانت لدينا قوة دفع قوية". أضاف: "إنها شاملة إلى حد كبير، لكنها في الأساس قصة من الأسواق الناشئة"، مع انتعاش في العالم النامي أقوى من العالم المتقدم.
بيانات مؤشر مديري المشتريات تزيد على نطاق واسع من تقييمه المتفائل، خاصة في الأسواق الناشئة، حتى لو كان من المرجح أن يتأخر أي انتعاش واسع النطاق بسبب التدابير المتخذة للسيطرة على الفيروس.
مؤشر مديري المشتريات في جميع أنحاء العالم انتعش وصعد إلى 49.9، وهو أقل من مستويات التوسع، بعد انخفاضه إلى أدنى مستوى دوري في صيف 2019 ، وفقا لمقياس بيكتيت ، مدفوعا بارتفاع طلبيات التصدير.
تركز الانتعاش في الأسواق الناشئة، حيث ارتفع إجمالي مؤشر "إي إم بي إم أي" EM PMI الى 50.5 في كانون الثاني (يناير)، وهو أعلى مستوى خلال عشرة أشهر، بعد أن كان في حالة انكماش بين حزيران (يونيو) وتشرين الثاني (نوفمبر) 2019.
على النطاق العالمي، كان الانتعاش في معنويات الأعمال مدفوعا بانتعاش معنويات المستهلكين.
قال زويفل: "المستهلك هو الذي يقود الدورة. كان الانخفاض في معنويات المستهلكين في آذار (مارس) الماضي، ثم عدنا أخيرا إلى مستويات أعلى قليلا من المستويات الحيادية. مؤشرات مديري المشتريات تبعت ذلك وهذا ينبغي أن يكون محركا للنمو العالمي. كان الأمر يشبه رياحا خلفية قوية، قبل أن نرى تأثير صدمة فيروس كورونا مباشرة ".
علاوة على ذلك، الرصيد الصافي للبنوك المركزية الذي يخفض أسعار الفائدة، بدلا من رفعها، قفز إلى 63 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية.
أنجيزا كاديلي، خبيرة الاقتصاد في شركة بيكتيت لإدارة الأصول، قالت إن تخفيضات أسعار الفائدة التي تم دفعها في الأسواق الناشئة العام الماضي كانت كبيرة بما فيه الكفاية لرفع نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.5 نقطة مئوية هذا العام، في حين أن البنوك المركزية في دول مثل المكسيك وروسيا لا تزال "بحاجة إلى مزيد من التخفيف".
وقال زويفل إن مقياس الرصيد الصافي كان مؤشرا مهما على المديين المتوسط إلى الطويل، حيث يغلب عليه التقدم على قراءات مؤشرات مديري المشتريات نحو ثمانية أشهر.
أضاف: "نحن في بيئة لا يزال فيها النمو أقل من إمكانياتها في الأسواق الناشئة، لكنه ينتعش، والتضخم لا يزال منخفضا"، مضيفا أن هذا جعل سندات الأسواق الناشئة، إلى جانب الأسهم "جذابة"، حيث إننا لم نصل إلى تلك المرحلة في الدورة بعد التي تبدأ فيها البنوك المركزية بالتشديد، التي تشكل عادة رياحا معاكسة للدخل الثابت.
لكن السؤال الأهم الآن هو كيف ستتأثر هذه الخلفية المواتية بتداعيات فيروس كورونا؟
أظهرت بيانات صادرة يوم الجمعة أن صادرات كوريا الجنوبية إلى الصين تراجعت 22.3 في المائة على أساس سنوي في أول 20 يوما من شباط (فبراير)، عند تعديلها حسب أيام العمل، مقارنة بالفترة نفسها من 2019، وفقا لحسابات "كابيتال إيكونوميكس". انخفضت واردات كوريا من الصين 35 في المائة على الأساس نفسه.
نظرا لأن بيانات التجارة الكورية تعد عموما دليلا على بقية شرقي وجنوب شرقي آسيا، تخشى الشركة الاستشارية أن يكون هذا سابقة خطيرة لتعطل مقبل في سلاسل الإمداد.
تتوقع "بيكتيت" انخفاضا بواقع 1.9 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الأول، ما يؤدي إلى انخفاض النمو على أساس سنوي إلى 4.1 في المائة، لكنها خفضت توقعها للعام بالكامل 30 نقطة أساس إلى 5.6 في المائة.
تستند التوقعات إلى افتراض حدوث حالات مؤكدة من الإصابة بفيروس كورونا في أوائل شهر آذار (مارس)، وهي توقعات تستند إلى تقديرات الأطباء وغيرهم من المهنيين الطبيين المدربين الذين يديرون صناديق الرعاية الصحية التابعة للمجموعة السويسرية، على الرغم من أن زويفل يعترف بأن هذا أبعد ما يكون عن اليقين.
قال: "لدينا صدمة أقوى في الربع الأول (مقارنة بغيرهم من المتنبئين) لكننا أكثر إيجابية بشأن الانتعاش. لا نزال نرى أن الأمر سيكون انتعاشا سريعا في الأسواق الناشئة. سيكون هناك طلب مكبوت، وفي الصين سيتخذون الإجراءات الضرورية للتأكد من عدم وجود أي اضطراب أو صدمة كبيرة. لقد أصبحوا أكثر مرونة في مجال السياسة النقدية".
أضاف: "توجد مخاطر هناك، لكنها ستؤخر الانتعاش فحسب. ولا نزال نؤمن بتوقعاتنا بأن الأسواق الناشئة ستتفوق على الأسواق المتقدمة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES