FINANCIAL TIMES

مربو الماشية في بريطانيا منزعجون من الأطعمة النباتية

مربو الماشية في بريطانيا منزعجون من الأطعمة النباتية

في صباح أحد الأيام في الفترة الأخيرة، شاهدت أبي ريدر اثنين من الغرباء يتجولان في مزرعة الألبان التابعة لها التي تضم 200 بقرة جنوبي ويلز. تبين أنهما من أنصار حقوق الحيوان، ما جعلها تشعر بشيء من القلق.
من المحتمل ألا يكون هناك ضرر من هذين الشخصين، لكن ريدر (38 عاما) تخشى تداعيات ظهورها في برنامج "مدينة الأطعمة النباتية" في "بي بي سي"، الذي يضم خمسة نشطاء نباتيين أرسلوا إلى ويلز لإقناع الناس بقضيتهم.
قالت ريدر، المزارعة المحلية الوحيدة التي ترغب في مقابلة النباتيين: "إنني متوترة للغاية بشأن سلامة المزرعة. لم نشهد أي حوادث، لكن تم إبلاع جميع الموظفين أن أناسا قد يأتون إلى المزرعة بكاميرات أو كاميرات خفية".
مثل ريدر، هناك شعور لدى مزارعي الماشية البريطانيين بأن أسلوب حياتهم وأعمالهم تتعرض للتحدي مع فوز النباتيين بالأتباع: يمثلون 1 في المائة فقط من السكان البريطانيين، لكن صفوفهم تضاعفت أربع مرات خلال الأعوام الخمسة الماضية، وفقا إلى الجمعية النباتية.
نحو 12 مزارعا تحدثوا إلى "فاينانشيال تايمز" قالوا إنهم يشعروا بنفور وإعجاب كبيرين من نمط الحياة الذي يتجنب أتباعه جميع المنتجات المشتقة من الحيوانات، من اللحوم إلى الجلود. يعتقد كثير من الناس أن حركة الأطعمة النباتية يتم الترويج لها من قبل شركات المواد الغذائية الكبيرة التي تتوق إلى الاستفادة من الأطعمة المصنعة بدرجة عالية على الرغم من علامتها التجارية "المستندة إلى النباتات" التي تدل في ظاهرها أنها صحية.
كما أنهم غاضبون بشكل خاص من تأثير الحركة، التي لا تزال على نطاق ضيق، على الأشخاص الذين يشعرون بالقلق من الاحتباس الحراري، ما دفع كثيرين إلى رؤية الخراف والأبقار في بريطانيا على أنها لا تزيد على كونها مصدرا خطيرا للانبعاثات، بدلا من كونها جزءا مهما من الطبيعة والاقتصاد الريفي.
تتبدى معالم الصراع بين المزارعين والنباتيين إلى حد كبير على الإنترنت. في كل كانون الثاني (يناير)، تندلع المعارك على موقع تويتر حيث تجري مواجهات بين المزارعين مع ناشطين يجندون أشخاصا للتخلي عن اللحوم خلال هذا الشهر.
في الأسبوع الماضي احتج المزارعون على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر مجموعات الصناعة ضد فيلم وثائقي للقناة الرابعة استضافه جورج مونبيوت، الناشط النباتي، الذي توقع أن يتم قريبا استبدال أغذية تزرع في المختبرات بالزراعة. وتذمر آخرون من "الوسم المضلل" لخبز "ستيك" النباتي الجديد من "جريجز" ووجبة M&S النباتية الجاهزة "تشيكن"، قائلين إن من "الجنون" أن يسمح للمسوقين بتسمية هذه المنتجات باللحوم.
قال ماثيو جلوفر، الذي ابتكر "شهر يناير النباتي" في عام 2014، إن المزارعين والنباتيين بحاجة إلى "التخفيف من حدة الغضب" بالنظر إلى أن لديهم كثيرا من العوامل المشتركة، مثل حب الطبيعة. ودعا إلى بذل جهود لسد الفجوة الديموغرافية بين النباتيين الذين هم إلى حد كبير أصغر سنا وأغلبهم من الإناث والحضر. قال: "تميل وسائل التواصل الاجتماعي إلى إبراز الأسوأ لدى الناس. نحن لا نجلس على الطاولة ونتحدث مع بعضنا بعضا".
لكن من المحتمل أن يتم تجاهل الدعوات إلى المصالحة من جانب الجناح الأكثر تشددا في حركة النباتيين، التي تتبنى أحيانا تكتيكات المناصرة المتطرفة مثل خطف الخنازير، وتشويه محال الجزارة، وقذف الناس بمقاطع فيديو عن المسالخ.
أحد التفسيرات لقلق المزارعين، على الرغم من الطبيعة المتخصصة للأطعمة النباتية، أنها أصبحت جزءا من روح العصر، وأن تأثيرها يتردد على نطاق واسع. مثال على ذلك "مغير اللعبة" The Game Changers، وهو فيلم وثائقي من نتفليكس عن نخبة الرياضيين النباتيين وعديد من أبطال النظام الغذائي المشاهير، بمن فيهم نجم البوب بيلي إيليس والممثل جواكيم فينكس.
سبب آخر وراء هوس مزارعي الماشية بشأن النباتيين هو أن كثيرا منهم يعانون اقتصاديا. يأكل البريطانيون كميات أقل من اللحوم والألبان والبيض أسبوعيا مقارنة بالوجبات الغذائية في منتصف السبعينيات، وفقا للإحصاءات الحكومية. يعرف كثيرون الآن بأن عليهم أن يخفضوا استهلاك اللحوم لأسباب صحية أو بسبب المخاوف البيئية.
وفي الوقت نفسه، أسعار لحوم الأبقار خلال معظم العام الماضي كانت أقل بكثير من متوسط خمسة أعوام، وفقا لبيانات مجلس تنمية الزراعة والبستنة، ما ترك كثيرا من مزارع الثروة الحيوانية البريطانية غير قادرة على تغطية تكاليف الإنتاج والاعتماد بشكل كبير على الإعانات الحكومية.
نشأ مزيد من التوتر بسبب عدم اليقين المتعلق بـ"بريكست". تخطط المملكة المتحدة لإصلاح نظامها لإلغاء الإعانات ابتداء من عام 2021، وقد تعني القواعد التجارية الجديدة قريبا منافسة ورسوما جمركية جديدة.
غالبا ما تندلع المعارك بين المزارعين والنباتيين عندما يجادل النباتيون - كما يفعل نشطاء "مدينة الأطعمة النباتية" مرارا وتكرارا - بأن الاستغناء عن اللحوم ومنتجات الألبان هو الشيء "الأكبر الوحيد" الذي يمكن للفرد القيام به للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. يعترض المزارعون على هذا لأن لحم البقر الذي يتم إنتاجه محليا له بصمة كربونية أقل من اللحوم المنتجة في أماكن أخرى. ليس فقط أن الأبقار التي ترعى على المراعي تساعد على تخزين الكربون في التربة، بل إن معظم أراضي الدولة غير مناسبة لأي شيء آخر غير الماشية.
قالت مينيت باترز، رئيسة الاتحاد الوطني للمزارعين، وهو هيئة للصناعة تدير أيضا الثروة الحيوانية، وهي تدير أيضا مزرعة للماشية في ويلتشير: "ليست لدينا مشكلة مع النباتيين. باعتبارنا زراعا، نحن سعداء جدا بدعم هذا النمط من الحياة من خلال ما ننتجه من فواكه وخضراوات. تأتي المشكلة عندما يبدأ النباتيون في إلقاء المواعظ على الجميع حول كيفية إنقاذ الكوكب. لا حرج في اتباع نظام غذائي نباتي، لكن لا ينبغي أن يذكر كحل وحيد لتغير المناخ".
الحقيقة تكمن في مكان ما بين المواقف المتطرفة، كما يقول العلماء. يعتمد اكتشاف تأثير الكربون الناتج عن اتباع نظام غذائي نباتي على المكان الذي يأتي منه اللحم وما الذي يحل محله. أدرك الاتحاد الوطني للمزارعين أن الزراعة يجب أن تسهم في مكافحة تغير المناخ ووضع هدف طوعي للمزارع البريطانية للوصول إلى صافي انبعاثات كربون صفرية بحلول عام 2040.
مع ذلك، يشعر بعض النباتيين أنهم على الجانب الصحيح من التاريخ. قال جوناثان بيتريدس، الذي أسس شركة ناشئة مقرها لندن تسمى "أوولبلانتس" Allplants تصنع وجبات مجمدة من النبات: "لا أعتقد أن هذا يتعلق حقا بالمزارعين مقابل النباتيين. الأمر في الواقع يتعلق بكيفية اضطرار المزارعين إلى التكيف مع تعطيل في السوق، حيث إن الناس يتناولون كميات أقل من اللحوم".
رجل الأعمال البالغ من العمر 35 عاما، الذي تحول إلى شخص نباتي منذ بضعة أعوام، شبه المزارعين بسائقي الشاحنات الذين سيتم استبدالهم قريبا بالسيارات ذاتية القيادة.
قال: "أعتقد اعتقادا راسخا أن تربية الحيوانات من أجل اللحوم ومنتجات الألبان ستصبح قديمة في العقود المقبلة، وإلا فإن كوكبنا لن يستطيع البقاء على قيد الحياة. سيتعين على المزارعين التكيف ويجب أن يحصلوا على مساعدة من الحكومة والمجتمع من أجل ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES