ثقافة وفنون

شعرية الماء

شعرية الماء

الماء لم يدرس في ثقافتنا العربية دراسة وافية، مع العلم أنه العصب الفضائي الذي يشمل في أبعاده معظم الثقافة العراقية، إلا أنه غائب عنها إنتاجا ونقدا، باستثناء قليل من الأعمال القصصية والشعرية التي بنت بيوتها على حواف الأنهار وفي القرى والأرياف، مع العلم أن الماء بأشكاله الطبيعية: البحر والنهر والشط والمطر والأهوار والمستنقعات والبحيرات والروافد، والينابيع، والعيون، والثلوج، والسواقي، يملأ الأرض العراقية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ما يشكل غيابه عن الإنتاج الثقافي ظاهرة لافتة للنظر. والتعليل الأولي لهذا الشح الإبداعي في التعامل مع الماء كفضاء، مصدره ارتباط الماء وأشكاله الطبيعية بالريف، وليس بالطبيعة المدنية، والشعر والأدب بوجه خاص ينأى بمادته عن الريف إلا حين تمتد بعض جذور الشخصيات والأفكار إلى الريف. كل إنتاجنا الثقافي والأدبي إنتاج المدينة وعلاقاتها، ويعد الإنتاج الإبداعي من ضمن لهجات المدينة وحوارها الاجتماعي، وهو ما يطلق عليه "المحادثة المدينية"، التي تبني تصوراتها على الإشكاليات التي تفرضها حياة المدينة، ولذلك ليس من المستغرب أن يغيب الماء عن تصورات الشعراء والروائيين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون