FINANCIAL TIMES

«الأبواب الخلفية» تفجر معركة مؤجلة في واشنطن

«الأبواب الخلفية» تفجر معركة مؤجلة في واشنطن

لماذا يطلب فرع من حكومة الولايات المتحدة بابا خلفيا في واحدة من أكثر أجزاء التكنولوجيا الاستهلاكية استخداما، في الوقت نفسه تقريبا الذي يتخلى فيه الفرع الثاني طوعا عن هذا الباب الخلفي في جزء آخر؟
حدث هذا في الأسبوع الماضي، حين تم التدقيق في أمان اثنين من منصات الحوسبة الشخصية المميزة – برنامج ويندوز من "مايكروسوفت" وهاتف آيفون من "أبل". الرسائل المتباينة من واشنطن تظهر التقدم الذي أحرزته صناعة التكنولوجيا في الوصول إلى تفاهمات جديدة مع وكالات الأمن القومي وإنفاذ القانون بشأن الوصول إلى معداتها وخدماتها - ولكن أيضا إلى أي مدى لا يزال يتعين عليهم الذهاب.
مر نحو من أعوام منذ أن عملت تسريبات إدوارد سنودن على تفجير قنبلة في إطار العلاقة المتهاونة بين صناعة التكنولوجيا ومؤسسة الأمن القومي. تسريبات سنودن كشفت ما بدا أنه رغبة من جانب بعض الشركات الأمريكية لتخريب خصوصية وأمان عملائها بشكل منهجي بغية الامتثال لطلبات الأمن القومي السرية.
كانت هذه ساعة حساب أجبرت الشركات على أن تكون أكثر صراحة حول وضع خصوصية مستخدميها أولا، بينما تحاول رسم خط متشدد بين ما لديها استعداد لتفعله وما ترفض أن تفعله لتلبية مطالب الحكومة بالمساعدة.
بدأ الاصطدام في واشنطن يوم الإثنين الماضي، عندما طالب وزير العدل، وليام بار، شركة أبل بالمساعدة على جعل أجهزة إنفاذ القانون تقتحم جهازي آيفون مغلقين. كانت الأجهزة مملوكة لمطلق نار متورط فيما وصفه وزير العدل بأنه حادث إرهابي في فلوريدا الشهر الماضي. الرئيس دونالد ترمب، متابعا عبر تغريدة، ذكر شركة أبل بأنها مرت بالحرب التجارية مع الصين إلى حد كبير دون أن يلحق بها أذى، لذلك ربما يكون الوقت قد حان لإظهار بعض الامتنان والمساعدة على طلب الحكومة.
أدى الطلب على الفور إلى إيقاظ مشكلة ظلت نائمة منذ عام 2016، عندما خاض مكتب التحقيقات الفيدرالي معركة مع شركة أبل حول الوصول إلى هاتف آيفون خاص بإرهابي آخر. أصبحت هذه القضية نقطة خلاف كبير، حيث جادلت شركة أبل بأن إنشاء باب خلفي في التكنولوجيا الخاصة بها من شأنه أن يعرض جميع مستخدميها للخطر.
قارن في الوقت نفسه طلب بار مع ما حدث في صباح اليوم التالي: أعلنت وكالة الأمن القومي علنا أنها أحالت طواعية ثغرة أمنية اكتشفتها في نظام التشغيل ويندوز 10 للسماح لشركة ويندوز بحل المشكلة. هذا لم يكن خطأ عاديا في البرنامج. قد يؤدي وجود خلل في الطريقة التي يتعامل بها نظام ويندوز 10 مع الشهادات الرقمية إلى السماح للمهاجمين بخداع جهاز الكمبيوتر لكي يعطي شهادة توثيق للبرامج الضارة كأنها تأتي من مصدر حسن السمعة – وهي وسيلة لتسلل البرامج المارقة إلى الجهاز دون أن يتم اكتشافها. قامت الوكالة في الماضي بتخزين ثغرات البرامج التي من هذا القبيل للاستخدام ضد الخصوم.
من الواضح أنه من السذاجة الاعتقاد أن وكالة الأمن القومي تخلت للتو عن محاولة الالتفاف على الأمن الرقمي في المستقبل. الجواسيس، في النهاية، لا بد لهم من التجسس. لكن الانفتاح حول هذا الخطأ الفاضح يجعل هذه لحظة مهمة في العلاقات مع صناعة التكنولوجيا، واعترافا بأن الأمن الأوسع للبنية التحتية الرقمية في البلاد يتفوق على أي مهمة تجسس فردية.
أحد العوامل التي أثرت بلا شك في المواقف في وكالة الأمن القومي هي الصعوبة التي عانتها الوكالة في الماضي في إبقاء ترسانتها من أسلحة الإنترنت الخاصة بها تحت القفل والمفتاح. أدى تسرب مجموعة من الأخطاء البرمجية في البرنامج السري قبل عامين إلى واحدة من أكثر هجمات "الفدية" تدميرا على الإطلاق: ما يسمى برنامج "وونا كراي" WannaCry الضار، الذي ينسب على نطاق واسع إلى كوريا الشمالية.
كانت العناوين التي تلت ذلك - بما في ذلك "القراصنة يحدثون الشلل في المستشفيات باستخدام البرمجيات الخبيثة المسروقة من وكالة الأمن القومي" - هي النوع الذي يجعل حتى الجواسيس يخافون.
هذا هو بالضبط تسريب من النوع الذي يكمن وراء المعارضة الواسعة في عالم التكنولوجيا لإنشاء الأبواب الخلفية عمدا في منصات التكنولوجيا الشائعة الاستخدام مثل آيفون. قد تسمح الأبواب الخلفية لوكالات إنفاذ القانون بالوصول إليها بسهولة عند الحاجة، لكن ذلك سيكون على حساب إضعاف الأمن العام بشكل عام. مع ذلك، بار والبيت الأبيض اللذان على ما يبدو يتوقان لخوض معركة بشأن الاستخدام الواسع للتشفير من قبل شركات مثل "فيسبوك"، جعلا الحكومة فيما يبدو في وضع عراك قانوني حتمي حول هذه القضية.
تظهر المعركة التي تلوح في الأفق إلى أي مدى لا يزال يتعين على شركات التكنولوجيا العمل على إقناع الحكومة بأن الصفقة التي عرضتها قابلة للتطبيق. تستجيب "أبل"، مثلا، لطلبات تطبيق القانون بمحاولة اقتحام الهواتف المقفلة أو تسليم البيانات الموجودة في خدمة السحابة "آيكلاود".
لكن المجال الذي ترسم فيه الخط الفاصل هو عندما يتعلق الأمر بإنشاء الأبواب الخلفية المتعمدة في المنتجات المستقبلية. بدلا من ذلك، هي تعمل على جعل هذه المنتجات آمنة بشكل متزايد - بما في ذلك ضد محاولة الاقتحام على أيدي أجهزة إنفاذ القانون. يبدو أن هذا الهدف غير المتوافق عليه على وشك أن يوضع قيد الاختبار.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES