FINANCIAL TIMES

صناديق المؤشرات تواجه مشكلة الحجم الكبير

صناديق المؤشرات تواجه مشكلة الحجم الكبير

إدارة الصناديق السلبية هي نجاح كبير مبني على مغالطة كبيرة، تلخصها طريقة الراحل جون بوجل، لإقناع الآخرين بالشراء: "لا تبحث عن الإبرة في كومة قش. فقط اشتر كومة القش".
ما زال هذا الاتجاه بارزا في التسويق من قبل "فانجارد"، شركة صناديق الاستثمار المشتركة التي أسسها بوجل. "بلاك روك" و"ستيت ستريت"، الشركتان الكبيرتان الأخريان في عالم صناديق الاستثمار الأمريكية، لديهما بدائلهما الخاصة. المعنى الضمني: الصناديق التي تتعقب مؤشرات الأسهم والسندات التي تحصن عملاءها ضد الأخطاء البشرية. هذا مستحيل.
يجب على شخص ما أن يصنع كومة القش في المقام الأول. في هذه الحالة، المديرون النشطون هم الذين يختارون الأوراق المالية التي يعتقدون أنها ستتفوق في أدائها. لكن اتجاه بوجل المطمئن، إلى جانب الرسوم المنخفضة للغاية، أنشأ صناعة أدت إلى وصول مجاني مربح على ظهور منتقي الأسهم. إنه ناجح لدرجة أن صناديق المؤشرات ستواجه قريبا المشكلة التي تواجه جميع العمالقة، من "ستاندرد أويل" إلى "فيسبوك"، وهو تأثيرها الضخم على الأعمال والمجتمع.
تدير" فانجارد" ونظيرتاها أصولا بقيمة 15 تريليون دولار، معظمها تدار بطريقة سلبية، مقارنة بمجموعة الأسهم والسندات العالمية ذات السمات المشتركة التي يقدر "معهد شركات الاستثمار الأمريكية" قيمتها بـ190 تريليون دولار. كانت معدلات النمو مثيرة. "بلاك روك"، أكبر الشركات الثلاث الكبرى، زادت أصول العملاء 20 ضعفا إلى سبعة تريليونات دولار خلال 15 عاما، وفقا لبيانات شركة إس آند بي جلوبال.
لا توجد علامات على الفتور. القيمة العالمية لصناديق المؤشرات الخاضعة للتنظيم تجاوزت أخيرا مستوى عشرة تريليونات دولار. السبب؟ يقول بن جونسون، من "مورنينج ستار"، مجموعة تصنيف الصناديق: "الرسوم صغيرة جدا لأن صناديق المؤشرات ولدت منافسة مفيدة بشكل كبير للمستثمر". قد تكون الرسوم أقل من 0.1 في المائة سنويا لصناديق المؤشرات المتداولة في البورصة التي هو خبير فيها.
المستثمرون من القطاع الخاص دفعوا في السابق خمس إلى عشر مرات أكثر للاحتفاظ بالصناديق المشتركة التقليدية. في كثير من الأحيان، كان مديرو الصناديق التقليديون أصحاب أملاك، يفرضون رسوما حادة على العملاء لامتلاك سوق الأسهم.
صناديق المؤشرات صنعت فجوة في أنموذج العمل هذا. لكن لا يزال منتقو الأسهم يسيطرون على أربعة أخماس الأسهم العالمية. علاوة على ذلك، لا يوجد سبب للاعتقاد بأن تسعير الأسهم سيتعطل، حتى لو كان المديرون النشطون قد امتلكوا أقل بكثير. هذه أخبار جيدة لمعدي المؤشرات المرجحة برأس المال السوقي والمديرين غير النشطين الذين يستخدمونها. اقتصاديات الحجم لدى الشركات الثلاث الكبرى ستواصل ارتفاعها لأعوام، جاذبة مزيدا من الأصول. استنادا إلى بحث صدر العام الماضي عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة، وفقا للمعدلات الحالية ستسيطر الشركات الثلاث الكبرى على أكثر من ربع أسهم مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بحلول عام 2028، ارتفاعا من الخمس في عام 2018. لوسيان بيبشوك، من كلية الحقوق في جامعة هارفارد، وسكوت هيرست، من جامعة بوسطن، أشارا إلى أن ميل هذه الشركات إلى الأسهم التي لحاملها حق التصويت، التي تحتفظ بها لصالح العملاء يفوق المتوسط. وخلصا إلى أن الثلاثة الكبار في طريقهم للسيطرة على 40 في المائة من الأصوات في الشركات الأمريكية في بضعة عقود.
في سيناريو مشابه، سيحدد نحو 12 شخصا أجندة للشركات العامة الأمريكية، وفقا لأكاديمي آخر هو جون كوتس. سيكون ذلك تركيزا خطيرا للسلطة. يجادل جيم رولي، من "فانجارد"، بالقول: "لا يوجد صندوق مؤشر ضخم يستحوذ على كل شيء - بدلا من ذلك، هناك مجموعة متنوعة للغاية من صناديق المؤشرات (يديرها المديرون السلبيون)". هذا يبدو مخادعا. موظفو أي شركة يتقاسمون قيما مشتركة - بما في ذلك المولعين بحوكمة الصناديق السلبية. وكلما زادت هيمنة عدد قليل من المستثمرين، كان ذلك أسوأ بالنسبة لديمقراطية المساهمين.
ضغط التأثير على الثلاثة الكبار سيزداد أيضا. بعد ضغوط من النشطاء، انضمت "بلاك روك" إلى مبادرة Climate Action 100+، التي تشجع شركات الطاقة على تقليص الانبعاثات وأعلنت عن صناديق خضراء جديدة. يرى بعضهم أن ذلك نوعا من حسن الإدارة. لكن هل يستطيع المستثمرون الذين تكون أصواتهم محورية بشكل متزايد في عمليات الاستحواذ والتعيينات العليا أن يدعوا، صادقين، أنهم غير نشطين؟ ليس تماما. من خلال التصويت، يختارون الفائزين، أو يحاولون، تماما مثل المديرين النشطين.
يمكنك قول الشيء نفسه عن مجموعة من صناديق المؤشرات التي تستثمر في كل شيء، بدءا من المشاريع الخضراء العصرية إلى شركات الماريجوانا. هنا يتخذ العاملون في مجموعات المؤشرات مثل مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال MSCI قرارات جوهرية أكبر بشأن الإدراج مقارنة باتخاذهم القرارات بشأن المؤشرات المرجحة برأس المال السوقي تماما. حتى المجموعات الخبيرة القديمة تسبب اختلالات. الشركات المدرجة في المؤشرات الشعبية لديها تكاليف تمويل أقل من غيرها. شركات الاتحاد السوفياتي السابق مدرجة في بورصة لندن جزئيا لهذا السبب.
في الولايات المتحدة، صناديق المؤشرات متهمة بإحداث تأثير مناهض للمنافسة أشد إثارة للاضطرابات. يجادل بعض الأكاديميين بأن ملكيتها المركزة لصناعات مثل شركات الطيران والأدوية قد تزيد أسعار السفر والأدوية.
صحة هذه المخاوف أقل أهمية من رواجها المتنامي. باعتبارها شركات ضخمة، الثلاث الكبرى ستثير عداء متزايدا من السياسيين والمنظمين. أزمة الشرعية للرأسمالية الحديثة هي مسألة متعلقة بالحجم والانفصال عما حولها.
المجموعات التي جمعت تريليونات الدولارات من خلال الاستعانة بمصادر خارجية في قرارات الاستثمار تبدو كأنها مثال رئيسي على المشكلة. لم تعد تكفيها الإشارة الى مدى انخفاض رسومها. قبل وفاته في العام الماضي، كتب بوجل أنه إذا كانت صناديق المؤشرات تملك أكثر من 50 في المائة من سوق الأسهم فلن "يخدم ذلك المصلحة الوطنية". هذا اقتباس لن تجده معروضا بوضوح على موقع "فانجارد" الإلكتروني.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES