FINANCIAL TIMES

ازدهار تجارة الرمل .. 40 مليار طن استهلاك صناعة البناء سنويا

 ازدهار تجارة الرمل .. 40 مليار طن استهلاك صناعة البناء سنويا

الطلب المتزايد على أكثر المواد الطبيعية استخداما في العالم، الرمل، يغذي أعمال الحفر في المواطن الطبيعية الهشة للحيوان والنبات، ويدفع عددا متزايدا من الدول إلى حظر الصادرات من هذه المادة.
وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، عند المقارنة بالوزن نجد أن استخدام صناعة البناء للرمل والحصى والصخر المجروش يفوق مجموع الاستهلاك العالمي لجميع أنواع الوقود الأحفوري والمعادن مجتمعة. وتتوقع المنظمة أن يتضاعف الطلب على الرمل والحصى في صناعة البناء خلال العقود الأربعة المقبلة لتلبية احتياجات عدد السكان المتزايد في العالم وارتفاع مستويات المعيشة.
جان شاتو، كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، قال: "الاقتصادات الناشئة تحاول اللحاق. إنها بحاجة إلى الرمل لبناء البنية التحتية والطرق والمنازل. ليس هناك بديل على الإطلاق. تحتاج إلى الصخور والرمل لبناء العالم. لا يمكنك بناء عالم من البلاستيك".
الجهد الهائل لاستغلال الرمل والحصى يوجد ما سماه برنامج الأمم المتحدة للبيئة "أحد تحديات الاستدامة الرئيسية في القرن 21".
ريتشارد لي من الصندوق العالمي للطبيعة، قال: "إن حجم البنية التحتية المخطط لها للتوسع العمراني ضخم للغاية لدرجة أنه ما لم تكن هناك حلول مستدامة (...) سيكون لاستهلاك الرمل تأثير متزايد في الأنهار والسواحل".
أحد المكونات الرئيسية للخرسانة هو الرمل، الآخر الأسمنت. وتعد
الصين أكبر منتج للأسمنت في العالم. وفقا لدراسة أكاديمية، تشير التقديرات إلى أن عمال الحفر يستخرجون 236 مليون متر مكعب من الرمل خلال فترة عامين فقط، ما يغير شكل منطقة الحفر بشكل كبير.
في جميع أنحاء العالم، يتم استخراج نحو 28 مليار طن من الرمل سنويا، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكن هذا قد يكون تقديرا أقل من الواقع. فقد أشارت أبحاث تم الاستشهاد بها في تقرير حديث للأمم المتحدة، إلى أن صنع الخرسانة يتطلب مقابل كل طن واحد من الأسمنت ما يصل إلى عشرة أطنان من الرمل. ووفقا للمسح الجيولوجي الأمريكي، يتم إنتاج 4.1 مليار طن من الخرسانة على مستوى العالم. هذا يعني أن صناعة البناء يمكن أن تستخدم أكثر من 40 مليار طن من الرمل كل عام.
يقول المدافعون عن البيئة إن التباين بين الرقمين يوضح مدى غموض سلسلة التوريد.
ديف تكنر، كبير مستشاري المياه العذبة في الصندوق العالمي للطبيعة، قال: "من الصعب حقا تتبع (ما يجري في الصناعة) نحن نعرف من الذي يستخرج هذه المواد (...) وأين ينتهي بها المطاف، لكننا لا نعرف ما يحدث في الوسط. إنه صندوق أسود تماما".
كثير من أكبر مدن العالم تقع على حدود مائية. مع توسعها، يتم استخدام استصلاح الأراضي بشكل متزايد لتوسيع مباني المدينة المطلة على البحار والمحيطات، ما يتطلب كميات هائلة من الخرسانة، وبالتالي الرمل.
إلى حد بعيد الطلب الأكبر على الرمل لاستصلاح الأراضي يأتي من سنغافورة التي وسعت كتلتها الأرضية 25 في المائة منذ عام 1965. لأن ظروفها الجيولوجية تفتقر إلى أماكن لاستخراج الرمل، تعتمد المدينة على الدول المجاورة، مثل ماليزيا وكمبوديا، لاستيراد ما تحتاج إليه.
تزايد الطلب يعني تجارة متنامية. على الرغم من أن واردات سنغافورة من الرمل مستمرة في الارتفاع، جاعلة واردات أي دولة أخرى تبدو ضئيلة، إلا أن الطلب على الرمل الأجنبي يتزايد أيضا في أماكن أخرى. بلجيكا وهولندا وفرنسا من أكبر مستوردي الرمل في العالم، لكن بعض أكبر الزيادات في الواردات جاءت من دول ذات نمو سكاني كبير.
وفقا لبيانات قاعدة الأمم المتحدة للبيانات الإحصائية لتجارة السلع الأساسية، استوردت البحرين أكثر من 570 ألف طن من الرمل العام الماضي، وهي أكبر كمية مسجلة. الهند استوردت أكثر من 520 ألف طن من الرمل في 2018، وارتفعت وارداتها عن المتوسط السنوي البالغ نحو 50 ألف طن في الأعوام الثمانية السابقة. كذلك ارتفعت واردات تايلاند من الرمل في الأعوام القليلة الماضية.
تصعب مراقبة تجارة الرمل وقد ثبتت صعوبة تطبيق اللوائح. عوائق الدخول في الصناعة منخفضة — كل ما يحتاج إليه مستخرج الرمل الطموح هو فريق من الحفارين وأدوات محمولة وشاحنة.
هذا يعني أن البيانات الرسمية لتصدير الرمل تؤخذ بنوع من الشك من قبل بعض المدافعين عن البيئة. مثلا، منذ بداية العقد حتى 2016، أظهرت البيانات التجارية للأمم المتحدة أن سنغافورة استوردت أكثر من 80 مليون طن من الرمل من كمبوديا. لكن تم تسجيل 2.8 مليون طن فقط من الرمل غادرت كمبوديا واتجهت إلى سنغافورة خلال الفترة نفسها.
قال لي: "كثير من مواقع الرمل غير رسمية. هذا جزء من التحدي. من الصعب حقا معرفة ما يحدث في أي موقع".
المدافعون عن البيئة يقولون إن ارتفاع الطلب على الرمل يعني أن تطوير البدائل أصبح أكثر إلحاحا بالنسبة لبعض الدول. قليل من المواد رخيص ومتاح بسهولة، لكن إعادة تدوير مواد البناء القديمة يمكن أن يساعد على تقليل الطلب، في حين يمكن تصميم المدن بطريقة تقلل من الحاجة إلى الخرسانة.
المشكلة أصبحت ملحة. مع توسع المدن، يقل عدد الأراضي المحلية التي يتوافر فيها الرمل.
قال جيسون ويليت، مختص في مجال البناء لدى هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية: "لا يمكن أن تنفد الصخور لدينا، لكن يمكن أن تنفد الأماكن التي يمكننا استخراج الصخور منها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES