FINANCIAL TIMES

الدولار مهيمن على الاقتصاد العالمي أكبر مما يعتقد

الدولار مهيمن على الاقتصاد العالمي أكبر مما يعتقد

قبل عطلة الأعياد مباشرة، حضرت ندوة في البنك المركزي الأوروبي، في إطار مؤتمر أكاديمي على شرف بنوا كوريه، الذي انتهت فترة عضويته في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي بنهاية العام الماضي. يمكن استعراض المؤتمر بأكمله هنا، لكنني أريد مشاركة جزء واحد من المناقشة التي وجدتها مثيرة للاهتمام بشكل خاص.
وضع ماريو دراجي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، سقفا عاليا نوعا ما بالنسبة إلى المؤتمر: فقد أبرزت ملاحظاته الاستهلالية أن فترة عمل كوريه تميزت بسؤالين: أولا، ما إذا كان البنك المركزي قادرا على التحكم في شروط التمويل في الاقتصاد. وثانيا، بشكل حاسم، ما إذا كانت شروط التمويل هذه تؤثر في السلوك الحقيقي - الاستثمار، والاستهلاك، والادخار - بالطريقة التي يريدها البنك المركزي. هذه أسئلة كبيرة بالفعل، والممارسات الكاملة للبنوك المركزية تعلو وتهبط مع الإجابات.
ألقى كوريه نفسه خطابا ختاميا حادا مميزا، تناول أسئلة دراجي مباشرة. أظهر كيف كانت لسياسة البنك المركزي الأوروبي آثار حقيقية في الاتجاه المطلوب، لكنه اعترف أيضا بأن الفوائد لم تكن مرئية بما يكفي لكثير من الناس. ثم ذهب بعيدا بشكل ملحوظ إلى رئيس البنك المركزي الحالي من خلال التوصية بالكيفية التي يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يفعل ما هو أفضل. اقترحت كلمته "منطقة تسامح" للتضخم بدلا من الهدف الدقيق، الذي يتصور اعتماد مقياس تضخم مختلف. واقترب من القول إنه يمكن منح الجمهور إمكانية الوصول المباشر إلى البنك المركزي من خلال عملة رقمية للبنك.
يرتبط هذا بشكل غير مباشر بنقاش أوسع حول اختيار عملة المعاملة، وبشكل خاص الاستخدام الدولي لليورو. ارتفع هذا النقاش في الآونة الأخيرة إلى قمة جدول أعمال السياسة في الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أنه لم يتم التطرق إليه في مؤتمر البنك المركزي الأوروبي. لكن ما تمت مناقشته كان مساهمة مثيرة للاهتمام بشكل خاص من هيون سونج شين، رئيس الأبحاث في بنك التسويات الدولية، الذي أضاف إلى أدلة متزايدة تشير إلى أن الهيمنة الساحقة للدولار في المعاملات التجارية عبر الحدود توجد نقاط ضعف غير مدركة للاقتصاد الحقيقي وتعقيدات للسياسة.
يرتبط نمو التجارة العالمية عكسيا بالقوة الكلية للدولار، ويجادل شين بأن هذا الأمر يتعلق بالأهمية المتزايدة لسلاسل التوريد عبر الحدود في التجارة الدولية. كلما كانت هذه السلاسل أطول، زادت المكاسب المحتملة في الكفاءة، لكن زادت كذلك متطلبات التمويل. وغالبا ما يتخذ هذا التمويل شكل إقراض بالدولار للشركات التي لا تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، لكنها تتاجر بالدولار. الآن، اتضح أن توافر الائتمان المقوم بالدولار يختلف مع سعر الصرف الواسع - عندما تكون الدولارات رخيصة، تقرض المصارف بحرية أكبر. "قد يكون السبب في ذلك أن المصارف نفسها أكثر عرضة للمخاطر عندما يرتفع الدولار، لأن المقترضين الذين يعملون في سلاسل القيمة العالمية قد يعانون بعد ذلك عدم توافق العملة المتفاقم". بالتالي ارتفاع الدولار يجعل تمويل سلاسل القيمة عبر الحدود أكثر تكلفة. وهذا يعيق نمو التجارة.
ليست هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يؤذي بها الدولار القوي الاقتصاد الحقيقية. آلية شين هي إضافة إلى كيف أن الدولار الأمريكي الأقوى يؤدي إلى تفاقم شروط التبادل التجاري بالنسبة إلى البلدان التجارية "غير الأمريكية"، التي وثقتها جيتا جوبيناث كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، وغيرها. "يوضح شين أن كلا التأثيرين يلعب دوره". لقد عرفنا لعقود أن الدولار القوي غالبا ما يهدد مالية الاقتصادات الناشئة التي تميل إلى الاقتراض بالدولار، الأمر الذي يضر بنشاطها الاقتصادي، بما في ذلك التجارة.
كتبت جوبيناث في "فاينانشيال تايمز" هذا الأسبوع، أن من غير المحتمل إسقاط هيمنة الدولار. ذلك ربما يكون صحيحا. ومن المؤكد أنه يجب - كما كتبت - أن يكون لدى المنافس، مثل اليورو أو الرنمينبي، مؤسسات محلية أقوى بحيث تكون خيارات متفوقة للمتداولين عبر الحدود. لكن ما أصبح أكثر وضوحا - وتضيف مساهمة شين إلى هذه المعرفة - هو أن الهيمنة الحالية للدولار لها تداعيات أعمق في نسيج الاقتصاد العالمي أكثر مما كنا نظن.
هذا يعني أن الخطر أكبر، أيضا، من أن صنع السياسة الداخلية للولايات المتحدة سيكون في تعارض مع بقية العالم. من المفترض أن يكون جون كونالي وزير الخزانة في عهد ريتشارد نيكسون، قد أبلغ نظراءه الأوروبيين في عام 1971 أن الدولار "هو عملتنا، لكنه مشكلتكم". نمت المشكلة فقط أكبر منذ ذلك الحين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES