الطاقة- النفط

بعد أعوام الركود .. مشاريع النفط البحرية مرشحة للانتعاش بفعل الصعود التدريجي للأسعار

بعد أعوام الركود .. مشاريع النفط البحرية مرشحة للانتعاش بفعل الصعود التدريجي للأسعار

بعد أعوام الركود، يرى محللون نفطيون أن مشاريع النفط البحرية باتت مرشحة للانتعاش بفعل الصعود التدريجي لأسعار النفط التي تواصل الارتفاع في ظل توقيع اتفاق التجارة الأولي بين الولايات المتحدة والصين، الذي يعزز الطلب الصيني ويبدد المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي، وتزامن ذلك مع بيانات إيجابية عن وضع المخزونات النفطية التي انخفضت على نحو أكثر من المتوقع مسبقا.
ويواصل المنتجون في تحالف "أوبك+" جهودهم لتقليص المعروض العالمي من النفط على مدى الربع الأول، مع نفي أي تفكير في تمديد العمل بتخفيضات الإنتاج إلى حزيران (يونيو) المقبل، إلا بعد إعادة تقييم وضع السوق خلال اجتماع المنتجين في "أوبك" وخارجها في آذار (مارس) المقبل في فيينا.
وعدّ مختصون ومحللون نفطيون توقيع اتفاق التجارة الأولي خطوة مهمة طال انتظارها لاحتواء النزاعات التجارية وبدء تفادي مسار التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين خاصة مع الإعلان عن بدء الإعداد للمرحلة الثانية من المفاوضات، وهو ما انعكس على الفور على مسار الأسعار، التي تلقت دعما وزخما إيجابيا جيدا متزامنا مع استمرار انخفاض المخزونات النفطية، التي كانت العنصر الأكبر في الضغط الهبوطي على الأسعار خلال الأسابيع الماضية.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، أندريه جروس مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم إيه سي" الألمانية، "إن السوق أصبحت في وضع أكثر تفاؤلا وثقة بعد نجاح مفاوضات احتواء النزاعات التجارية"، لكن منظمة أوبك ما زالت تتوقع - بحسب أحدث تقاريرها - اتساع وفرة المعروض بسبب زيادات إنتاجية واسعة ومؤثرة من البرازيل والنرويج وجيانا إضافة إلى الإنتاج الأمريكي المتزايد من النفط الصخري، ما يتطلب جهودا أكبر لتحالف "أوبك+" للدفاع عن الأسعار واستمرار تماسكها وصمودها أمام العوامل العكسية وغير المواتية في السوق.
وأضاف جروس أن "تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها يمثلون بإنتاجهم نحو نصف المعروض العالمي من النفط، وهم معنيون بالحفاظ على استقرار وتوازن السوق بشكل مستدام، ولذا فهم يقيمون السوق بصفة مستمرة لتجنب عودة التخمة إلى الأسواق"، منوها بأن الأنظار كانت متجهة فقط في السابق إلى الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، إلا أن الاهتمام تحول الآن إلى لاعبين جدد يقومون بدور مهم في زيادة المعروض، ومن هنا جاءت التخفيضات الأعمق على مدار الربع الأول، التي قد تمتد إلى فترة أطول بعد إعادة تقييم الوضع في السوق.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت الدولية، أن الولايات المتحدة تقاوم صعوبات السوق وتحاول الحفاظ على مستوى الإمدادات الوفيرة من النفط الصخري، خاصة أنها تمثل نحو ثلث الإنتاج الجديد من الخام، عادّا الاتفاق الجديد سيعزز الأسعار وسيشجع على مزيد من النمو في الاستثمارات النفطية الجديدة، بسبب توافر البيئة السعرية الملائمة.
وذكر لديسما، أن بعض المشاريع البحرية للنفط كانت معطلة في فترات سابقة بسبب ضعف الأسعار، وهي مشاريع مرشحة للانتعاش والرواج مرة أخرى خلال الفترة المقبلة مع الصعود التدريجي في مستوى الأسعار وهو ما قد يترجم إلى ضغوط على المنتجين بسبب الزيادات الإنتاجية التي قد تفوق التوقعات المسبقة، خاصة إذا استمر صعود الأسعار إلى مستويات مغرية للمستثمرين مع زيادة شهية الاستثمار في الصناعة النفطية.
من ناحيته، يرى أولتراس فيفراس مدير الاستثمار في أحد بنوك مولدوفا، أن آفاق الطلب النفطي أصبحت الآن أكثر إيجابية بعد احتواء المشكلات التجارية، ومن المتوقع أن يسجل معدلات نمو مرضية، لكن تبقى المشكلة في أن المعروض النفطي والإمدادات الجديدة قد ينموان بمعدل الضعف تقريبا بحسب تقديرات "أوبك" ووكالة الطاقة وبنوك استثمارية أخرى، ما يعمق الفجوة بين العرض والطلب.
وأشار لـ"الاقتصادية"، إلى أن المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط تثير مخاوف من وقت إلى آخر بشأن احتمال حدوث خلل كبير في الإمدادات، إلا أن كبار المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا يرسلون دائما إشارات إيجابية ومعززة للثقة بالسوق من خلال القدرة الواسعة على التعامل مع المخاطر والحرص الدائم على تقليل التداعيات السلبية وتعزيز حالة الثقة بتوازن السوق بشكل مستدام.
بدوره، يقول لـ"الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن هناك بالفعل جهودا حثيثة من تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها لاستنزاف فائض المخزونات النفطية، كما أن هناك أيضا مؤشرات قوية على نجاح هذه الخطة على مدار الربع الأول، حيث أظهرت البدايات تراجعا في المخزونات هذا الأسبوع على نحو يفوق التوقعات المسبقة".
ولفت هوبر إلى أن إنتاج "أوبك" الإجمالي سجل انخفاضا جديدا وقياسيا الشهر الماضي إلى 29.44 مليون برميل يوميا مقابل 29.55 مليون برميل يوميا في الشهر السابق عليه، بفعل التخفيضات الطوعية والإضافية التي تقوم بها السعودية، التي تحث بقية المنتجين على تحقيق أفضل مستوى ممكن من الامتثال لتخفيضات الإنتاج.
من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار النفط أمس بدعم من توقيع طال انتظاره لاتفاق التجارة الأولي بين الولايات المتحدة والصين الذي يمهد لقفزة في مشتريات الصين من منتجات الطاقة الأمريكية، بينما انخفضت مخزونات النفط في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام القياس العالمي برنت 30 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 64.30 دولار للبرميل، بينما صعد الخام الأمريكي 30 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 58.11 دولار للبرميل.
وبموجب اتفاق "المرحلة 1" الذي يدعو إلى هدنة في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، تلتزم الصين بشراء النفط والغاز الطبيعي المسال وغيرهما من منتجات الطاقة من الولايات المتحدة بقيمة إضافية قدرها 50 مليار دولار على مدى عامين.
وقال فيريندرا شوهان محلل النفط لدى "إنرجي أسبكتس"، "إن الاتفاق التجاري يدعم بالتأكيد المعنويات.. كما أن المخزونات الأمريكية أظهرت انخفاضا يفوق المتوقع، وهذا قدم الدعم أيضا للأسعار"، في الوقت الذي ترى فيه مصادر تجارية ومحللون أن الصين قد تواجه صعوبات للوفاء بالهدف، ومن المرجح أن تكون مكاسب النفط محدودة قبيل ظهور مزيد من التفاصيل بشأن كيفية تنفيذ الالتزامات.
وسجلت مخزونات الخام في الولايات المتحدة هبوطا أكبر من المتوقع الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام انخفضت بمقدار 2.5 مليون برميل إلى 428.5 مليون برميل بينما كان محللون شملهم استطلاع توقعوا انخفاضا قدره 474 ألف برميل.
وقالت إدارة معلومات الطاقة "إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت 342 ألف برميل الأسبوع الماضي".
وأضافت أن "مخزونات البنزين زادت 6.7 مليون برميل إلى 258.3 مليون برميل، بينما كانت توقعات المحللين تشير إلى زيادة قدرها 3.4 مليون برميل".
وارتفعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 8.2 مليون برميل على مدار الأسبوع الماضي لتصل إلى 147.2 مليون برميل مقابل توقعات بزيادة قدرها 1.2 مليون برميل، وهبط صافي واردات الولايات المتحدة من الخام الأسبوع الماضي بمقدار 595 ألف برميل يوميا.
من جانبه، يتوقع "يو.بي.إس" أن يجري تداول برنت عند قاع نطاق بين 60 و65 دولارا للبرميل في النصف الأول من 2020، طالما لم تقع اضطرابات للإمدادات في الشرق الأوسط.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 65.32 دولار للبرميل أمس مقابل 65.63 دولار للبرميل في اليوم السابق، وأفاد التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سابع انخفاض له على التوالي، مشيرا إلى أن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 69.58 دولار للبرميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط