ثقافة وفنون

السعودية واليابان .. التجربة الثقافية في أبهى صورها

السعودية واليابان .. التجربة الثقافية في أبهى صورها

السعودية واليابان .. التجربة الثقافية في أبهى صورها

السعودية واليابان .. التجربة الثقافية في أبهى صورها

وظفت العلاقات السعودية اليابانية التاريخ كبوابة؛ تعبر من خلالها إلى المستقبل؛ فاليابان كانت دولة مهمة وعظيمة في نظر السعوديين، وصفها بذلك الملك عبدالعزيز أثناء لقائه الوزير المفوض الياباني في القاهرة، حينما قال "نحن نريد أن تكون لنا علاقات طيبة بالدول المجاورة وبالدول القوية في أوروبا، ونحن نحترم اليابان باعتبارها بلدا عظيما في جنوب شرق آسيا".
أما العلاقة اليوم؛ فتعبر عنها الصورة الملتقطة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وشينزو آبي رئيس الوزراء الياباني، الذي ارتدى "الفروة" في جلسة ودية داخل بيت شعر سعودي في محافظة العلا، بما تحمله من متانة هذه العلاقات الاستراتيجية، التي تؤطرها رؤية مشتركة، تتوج 60 عاما من التعاون الذي يعبر عن الإخلاص والصدق والالتزام بين الطرفين، والفهم المشترك حيال قضايا المنطقة الراهنة.

البداية من رحلة حج

يوثق التاريخ أن أول زيارة لياباني إلى الجزيرة العربية كانت في عام 1909، حينما قدم الياباني المسلم ياماوكا كوتارو، الذي سمى نفسه لاحقا "عمر"، إلى الأراضي المقدسة، موثقا رحلته وأداءه الحج في كتاب، لتتوالى بعد ذلك زيارات الرحالة إلى المملكة طوال القرن الـ20، وتتطور آفاقها إلى أعلى المستويات، وصولا إلى الزيارات الرسمية من مسؤولي اليابان.
ونتيجة لهذه الزيارات، نشطت العلاقات السعودية اليابانية، من خلال النشاط الاقتصادي والتجاري، ومنح حق امتياز التنقيب عن النفط لشركة يابانية، وتبادل التمثيل السياسي والقنصلي، وازدادت حرارة العلاقات بين الدولتين مع مرور الوقت، ولا سيما العلاقة بين الأسرتين المالكتين في الدولتين، وفق تقاليدهما العريقة.
ووفقا لكتاب "العلاقات السعودية اليابانية" للدكتور فهد السماري، الصادر عن دارة الملك عبدالعزيز، بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين بشكل رسمي في عام 1957، وكانت المملكة من أوائل الدول التي ساندت اليابان وصوتت معها، حين بحث موضوع قبولها عضوا في الأمم المتحدة.

الرؤية المشتركة

شهد عام 2016 إنشاء مجموعة مشتركة للرؤية السعودية اليابانية 2030، تتمحور حول التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والأمنية والثقافية، وممازجة الفرص التي تتوافق مع رؤية المملكة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الياباني.
مهد لهذه الرؤية تقارب بين الدولتين، من خلال زيارات كبار المسؤولين، خصوصا زيارة شينزو آبي رئيس الوزراء إلى المملكة عام 2013، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اليابان عام 2014 حينما كان وليا للعهد، حيث وصف تجربة اليابان بأنها مثيرة للإعجاب ومسيرتها ملهمة للدول في سعيها إلى التنمية والتقدم.
فيما أسس لهذه الرؤية المشتركة، اللقاءات التي عقدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثناء زيارته اليابان، في عام 2016، تلاها بعام، زيارة رسمية للملك سلمان بن عبدالعزيز، جرى خلالها توقيع المذكرة الرسمية للرؤية، التي تعمق العلاقات الاستراتيجية.
وفي ضوء هذه العلاقة التكاملية، أصبحت اليابان الشريك التجاري الثالث للمملكة، والشريك الاستثماري الثاني في مجال البتروكيماويات، وتبادل تجاري يتجاوز 38.4 مليار دولار.

المملكة شريك ثقافي

تعد المملكة شريكا ثقافيا لليابان، تشارك في فعاليات ثقافية أهمها معرض طوكيو الدولي للكتاب، الذي تشارك فيه منذ عام 2010 كضيف شرف، عبر ندوات وأنشطة وعروض سعودية تقليدية، إضافة إلى الكتب.
يأتي ذلك في الوقت الذي يدرس فيه نحو 460 طالبا وطالبة سعوديين، ضمن برنامج الابتعاث الخارجي، فيما خصصت جامعة الملك سعود قسما في كلية الآداب لدراسة اللغة اليابانية.
ومن أبرز الأنشطة الثقافية بين الدولتين إقامة الأسبوع الثقافي الياباني في أبريل 2017، الذي صاحبه إحياء فرقة أوركسترا فنية يابانية مكونة من 85 فردا حفلا موسيقيا كبيرا في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، الأول من نوعه في الشرق الأوسط، إذ لم يتم إحياء حفلات فنية لأوركسترا يابانية في أي من دول المنطقة.
من جانبه، استضاف المتحف الوطني في طوكيو معرض "روائع آثار المملكة عبر العصور"، الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في 29 يناير 2018، وهي المحطة الـ14 للمعرض، التي اختتمت في 13 مايو، بعد تمديدها 56 يوما إضافيا نظرا إلى الإقبال الاستثنائي والكبير من الزوار اليابانيين على المعرض، وما وجده من اهتمام واسع في الأوساط الرسمية والإعلامية والثقافية في اليابان.
وتذكر هذه الخطوات بأهم المحطات الثقافية بين الدولتين، ولعل أبرزها إنشاء المعهد العربي الإسلامي في طوكيو عام 1982، الذي يتبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أدخل تعليم اللغة العربية إلى اليابان، وأعيد بناؤه ليكون مركز إشعاع حضاري وثقافي.
ومن خلال الرؤية المشتركة لعام 2030، تسعى المملكة إلى ترسيخ مفهوم "السعودية المضيافة" ورفع الإنفاق الأسري على الأنشطة الترفيهية الثقافية والأسرية داخل المملكة من 2.9 في المائة إلى 6 في المائة، والترويج لهويتها وثقافتها المضيافة حول العالم، مستفيدة من القيم الناعمة للمملكة واليابان، وإطلاق إمكانات تنشيط المشهد الاجتماعي والثقافي في كلتا الدولتين.

7 % من السعوديين
زاروا اليابان

ذهبت العلاقات السعودية اليابانية إلى آفاق بعيدة، دفعت صحيفة "عرب نيوز" السعودية، إلى أن تصدر نسخة يابانية، تستهدف اليابانيين المهتمين بقضايا الشرق الأوسط، وتولي الفن والثقافة اهتماما خاصا، ولا سيما أن اليابانيين اهتموا بالشعوب الإسلامية والثقافة العربية.
في النسخة اليابانية من الصحيفة، كتب الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة مقالة، تحدث فيها عن ارتباط السعوديين بالثقافة اليابانية، من خلال الإنتاج المرئي، عبر سلسلة من الرسوم المتحركة والأدب والرياضة وفنون الطهي والمنتجات اليابانية، مبينا أنها تحتل مكانا رفيعا في خيارات السعوديين، موضحا أن أكثر من 7 في المائة من سكان المملكة سبق أن زاروا اليابان، وهم العرب الأكثر زيارة لها.
وأكد وزير الثقافة ما يجمع السعوديين واليابانيين من قيم حضارية والتقاء ثقافي، متجاوزين ظروف الجغرافيا وصعوبات التواصل، حيث أسهمت الرحلات الثقافية والسياسية والاقتصادية معرفة الشعبين لبعضهما بعضا أكثر، مرحبا بمشاركة المبدعين في اليابان في عام الخط العربي، عام 2020، الذي يحمل تشابها ثقافيا مع الخط الياباني، من حيث دقة الرسم الجمالي للحروف، ويذهب مع الخط الياباني إلى أبعد من كونهما أداة اتصالية، إلى ميادين الفنون البصرية بكل سماتها الجوهرية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون