الطاقة- النفط

الثقة تزداد بفعل ارتفاع الرهانات الصعودية على العقود المستقبلية لأعلى مستوى في 7 أشهر

الثقة تزداد بفعل ارتفاع الرهانات الصعودية على العقود المستقبلية لأعلى مستوى في 7 أشهر

غلب الهدوء على أسواق النفط أمس بسبب عطلات الأعياد، وأغلقت أغلب الأسواق أبوابها على ارتفاعات محدودة في ظل تعاملات ضعيفة قبل موسم الإجازات.
وتلقت الأسعار الدعم الرئيس من حالة التفاؤل المحيطة بمفاوضات التجارة خاصة مع إعلان الولايات المتحدة توقيع اتفاق جزئي وشيك مع الصين يكون بمنزلة دفعة جديدة للنمو الاقتصادي الدولي وبما يدحض مخاوف التباطؤ والركود.
ومنحت تصريحات روسية حول التمسك بالشراكة مع "أوبك" مزيدا من الثقة في السوق ونجاح مستقبل التعاون بين تحالف المنتجين في "أوبك +" خاصة مع بدء إجراء تخفيضات أعمق ابتداء من أول الشهر المقبل وعلى مدار الربع الأول بهدف امتصاص فائض المخزونات وعلاج وفرة المعروض النفطي في الأسواق.
ويرى محللون نفطيون أن ارتفاع الواردات الصينية بشكل قياسي من السعودية مؤشر جيد على استمرار قوة الطلب الصيني، الذي يقود الطلب العالمي بشكل عام، إضافة إلى بقاء دول "أوبك" وعلى رأسها السعودية كمورد رئيس للنفط إلى الأسواق الآسيوية سريعة النمو خاصة الصين والهند.
وفي هذا الإطار، ذكر لـ"الاقتصادية"، لوكاس بيرتريهر المحلل في شركة "أو إم إف" النمساوية للنفط والغاز، أن ارتفاع الأسعار المتوقع في العام المقبل لا يعتمد فقط على تخفيضات الإنتاج التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك +"، بل تتطلب تضافر أربعة عوامل لنجاح السوق النفطية في 2020 لعل أبرزها تسجيل تقدم فعلي في مفاوضات التجارة وتراجع المخزونات النفطية وانحسار المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها العميق في السوق، إضافة إلى تخفيضات الإنتاج.
وأوضح بيرتريهر، أن التوقعات إيجابية في ضوء وجود أساسيات قوية للسوق وغياب المخاطر الحقيقية على استقرار الإمدادات وبقاء الطلب في معدلات آمنة وجيدة، وقد انعكس ذلك بشكل واضح في ارتفاع الرهانات الصعودية على العقود المستقبلية للنفط إلى أعلى مستوى لها في سبعة أشهر خلال الأسبوع الماضي، ما يؤكد استمرار الحالة الإيجابية التي تدعم العوامل النفسية والمعنوية في السوق.
وأوضح لـ"الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن ارتفاع الطلب الصيني على النفط السعودي مؤشر إيجابي للغاية وداعم لاستقرار السوق واستمرارية الشراكة والتعاون بين كبار المنتجين والمستهلكين.
ولفت شيميل إلى أن قفزة واردات الصين من الخام السعودي -أكبر مورد لها- في الشهر الماضي أمر متوقع في ظل التفوق السعودي في خطط تعزيز الإمدادات في السوق الصينية، حيث زادت بأكثر من 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي، كما أنها تعكس أيضا حالة التعافي الكامل من تداعيات الهجوم الإرهابي في أيلول (سبتمبر) الماضي على منشأتين نفطيتين سعوديتين، وهي الحالة التي كانت قد تسببت في خصم فوري للمعروض بأكثر من خمسة ملايين برميل يوميا، قبل أن يتم تدارك الأمر بوتيرة سريعة وقوية أبهرت أسواق العالم نتيجة خطة التعافي القوية والسريعة لقطاع النفط السعودي.
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، إن هناك كثيرا من التوقعات الإيجابية المحيطة بسوق النفط في العام الجديد، وهي توقعات مبررة وفق أسس موضوعية لتطورات السوق، وتعتمد بشكل كبير على الآمال المعلقة في إنهاء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما يؤذن بتحسين النمو العالمي، ويعزز الطلب النفطي.
وذكر جيراس، أن خفض إنتاج تحالف المنتجين في "أوبك +" سيحدث كثيرا من التطورات الإيجابية في السوق، وقد نجح حتى الآن –وقبل بدء التطبيق الفعلي بداية العام المقبل– في بث أجواء إيجابية في السوق وتحسين الجانب المعنوي لدى المستثمرين، وظهر ذلك بوضوح من خلال تعافي أسعار خام غرب تكساس الوسيط تحديدا منذ أوائل شهر تشرين الأول (أكتوبر) بعد تسجيل مستوى منخفض في وقت سابق.
بدورها، ترى جولميرا رازيفا كبير المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن هناك بالفعل عديدا من العوامل الإيجابية التي ستؤثر في السوق في العام الجديد، لكن الأمر لا يمنع استمرار حدوث التقلبات، الأمر الذي دفع بالمنتجين إلى إعطاء تركيز أكبر لمراقبة تطورات السوق في العام الجديد من خلال لجان المتابعة الوزارية والفنية في "أوبك" وخارجها.
وأشارت لـ"الاقتصادية"، أن التقلبات ناتجة عن العوامل المتضادة التأثير في السوق، حيث نجد أن تخفيض الإنتاج من قبل تحالف المنتجين في "أوبك +" يقابله ارتفاع الإنتاج من دول أخرى مثل الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج، كما نشهد حالة من عدم اليقين بشأن توقعات الطلب، لافتة إلى أن السوق يأمل في تسجيل ارتفاعات سعرية مؤثرة في النصف الأول بفعل الطلب القوي في الأسواق الناشئة وخفض إنتاج "أوبك +"، ما قد يمكن بالفعل من تقليص مستوى المخزونات العالمية.
من ناحية أخرى، أغلقت معظم الأسواق أبوابها بسبب العطلة وغلب الهدوء على الأسواق، وكانت أسعار النفط ارتفعت أمس الأول في تداولات ضعيفة قبيل عطلة عيد الميلاد، بعد أن ذكرت روسيا أن التعاون مع "أوبك" بشأن تخفيضات الإمدادات سيستمر، ووسط موجة تفاؤل بأن الولايات المتحدة والصين ستوقعان اتفاقا للتجارة.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 81 سنتا، أو 1.22 في المائة، لتبلغ عند التسوية 67.20 دولار للبرميل بعد جلسة مختصرة عشية عطلة الأعياد، وصعدت عقود الخام الأمريكي 59 سنتا، أو 0.97 في المائة، لتسجل عند التسوية 61.11 دولار للبرميل.
وأوضح ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، أن "أوبك" وروسيا ستواصلان تعاونهما ما دام أنه "فعال ويحقق نتائج"، واتفقت "أوبك" ومنتجين آخرين في تشرين الثاني (نوفمبر) على تمديد وتعميق قيود الإنتاج السارية منذ 2017.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن نوفاك قوله إن بلاده خفضت إنتاجها النفطي باستثناء مكثفات الغاز بواقع 240 ألف برميل يوميا منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) مقارنة بالمستويات المسجلة في تشرين الأول (أكتوبر) 2018.
وتعهدت روسيا بخفض إنتاجها النفطي بما في ذلك المكثفات، وهي درجة من الخام الخفيف، بواقع 228 ألف برميل يوميا في إطار اتفاق عالمي.
وكان نوفاك أشار في وقت سابق من العام الجاري إلى أنه من المتوقع أن يبلغ إنتاج روسيا النفطي في 2019 مستوى قياسيا مرتفعا عند 560 مليون طن (11.25 مليون برميل يوميا).
وقد يؤدي خفض الإنتاج إلى إزاحة ما يصل إلى 2.1 مليون برميل يوميا من السوق أو نحو 2 في المائة من الطلب العالمي.
ويعتقد بيورنر تونهوجن رئيس أبحاث سوق النفط لدى "ريستاد إنرجي"، أنه على الرغم من ذلك، فإن "أوبك" تحتاج إلى فعل مزيد لتحقيق التوازن في السوق على أساس مستدام.
ولقيت السوق دعما بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه والرئيس الصيني شي جين بينج سيحضران مراسم توقيع المرحلة الأولى من اتفاق التجارة بين البلدين.
ومع هذا، فإن السوق تواجه رياحا معاكسة من تزايد المعروض، وأظهر مسح أولي أن مخزونات الخام في أكبر اقتصاد في العالم من المتوقع هبوطها بنحو 1.8 مليون برميل الأسبوع الماضي، فيما سيكون ثاني انخفاض أسبوعي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط