ثقافة وفنون

الأحساء ملتقى الطبيعة .. واحة نخيل تحيطها رمال وجبال وبحر

الأحساء ملتقى الطبيعة .. واحة نخيل تحيطها رمال وجبال وبحر

الأحساء ملتقى الطبيعة .. واحة نخيل تحيطها رمال وجبال وبحر

الأحساء ملتقى الطبيعة .. واحة نخيل تحيطها رمال وجبال وبحر

على مدى ثلاثة أيام، طاف أكثر من 50 إعلاميا عربيا في ربوع الأحساء، عاصمة السياحة العربية لعام 2019، بدعوة من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، اكتشفوا خلال رحلتهم كنوزا وتراثا عريقا، وثقته عدسات الكاميرات في الصحافة العربية، إذ عبر إعلاميون عن دهشتهم وانبهارهم بما وجدوه من حفاوة استقبال، وبيئة ساحرة تضم واحة خضراء وسط صحراء الربع الخالي، وشواهد تاريخية تحكي إرث خمسة آلاف عام.
وتزامنت الجولة الإعلامية مع عقد الدورة الـ25 للمكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة، والدورة الـ22 للمجلس السياحي العربي للسياحة، التي انعقدت في الأحساء برئاسة أحمد بن عقيل الخطيب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بحضور وزراء السياحة العرب وعدد من المنظمات العربية والدولية، التي أشادت بالأحساء بوصفها بوابة السعودية للسياحة التراثية للعالم، ومتحفا تراثيا طبيعيا مفتوحا على مساحة 534 ألف كيلو متر مربع.

3 مسارات
دلفت الأحساء قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في يونيو من 2018، خلال اجتماع لجنة التراث العالمي في المنامة، وتتضمن بحسب مرشدين سياحيين ثلاثة مسارات رئيسة، الأول مصمم للمهتمين بالتراث ويعرف بوسط الهفوف، يتضمن قصر إبراهيم، منزل البيعة، وسوق القيصرية والمدرسة الأميرية، والثاني مخصص للمهتمين بالتاريخ ويتضمن وسط الواحة، وزيارة الخبازين للتعرف إلى طريقة صناعة الخبر الحساوي (الخبز الأحمر)، إضافة إلى واحات النخيل، جبل القارة، العيون العذبة، قنوات الري، مسجد جواثا، ومصنع الفخار والاستراحات.
فيما يلبي المسار الأخير اهتمامات عشاق السفاري ممثلة في بحيرة الأصفر ذات الطبيعة الخلابة والأعشاب الغريبة، التي تنمو حولها، مثل أشجار الأرطى، والشنان، والسرخس، التي تعرف بـ"كحل الصيف وبياض الشتاء"، نسبة لزيادة الصرف الزراعي، الذي يحول البحيرة للون الغامق صيفا، وشتاء تزداد مياه الأمطار فيصبح اللون فاتحا، وتعد بحيرة طبيعية منذ تكوين الواحة ويمكن الاستجمام في جنباتها والاستمتاع بجلسات الشاي والقهوة في أجواء معتدلة ومشاهدة الطيور المهاجرة.

أم النخيل
الأحساء، التي تغنى بها الفنانون والشعراء، كانت مثار إعجاب لضيوفها، ففي أم النخيل، وهو الاسم المستوحى من قصيدة الشاعر والأديب والوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي "أم النخيل" المنشورة في ديوانه "للشهداء" الصادر في 2001، تمكن الإعلاميون، ورافقتهم "الاقتصادية"، من زيارة مسجد جواثا التاريخي، ثاني مسجد صليت فيه صلاة الجمعة بعد مسجد النبي- صلى الله عليه وسلم- ويقع على بعد نحو 20 كيلو مترا باتجاه الشمال الشرقي لمدينة الهفوف، ثم انتقلوا لجبل القارة الذي تشكل قبل 2.5 مليون سنة، ويعرف بتشكيلاته الصخرية الفريدة من نوعها وانتصابه بجوار بساتين النخيل والمزارع الخضراء، واشتهر بكونه ملجأ الهاربين من حر الصيف، لبرودة أجوائه.
ومن القارة إلى القيصرية، أو أيقونة الأحساء، وشيخ الأسواق الشعبية في الساحل الشرقي ومنطقة دول الخليج، بما يحتضنه من صناعات تقليدية مثل صناعة المشالح والعبي والدلال، والأواني والأحذية الحساوية المحلية، والملبوسات والمنتجات الزراعية والجلدية والأعشاب، ويعود عمره لستة قرون تقريبا بحسب بيانات هيئة السياحة، وتم تجديده 2013 وظهر بطرازه المعماري التراثي وبالمواد نفسها المستخدمة سابقا، مع الحفاظ على تصميمه الأصلي، وبحلة جديدة عصرية لا تخلو من النفحة القديمة.
وتعد السوق الوجه الاقتصادي للأحساء وحياتها الاجتماعية، ويعود بناؤها الأولي إلى أيام الدولة الجبرية 795-931هـ، وتمت توسعتهت خلال الفترة العثمانية 957-931هـ، لتستقر في بنائها الحالي في عهد الملك عبدالعزيز، وهو عبارة عن صفوف مِن المحال الصغيرة والمتقاربة تقع في ممرات مغلقة، ومسقوفة وفق الطراز المعمول به في تركيا وبلاد الشام والعراق قديما.
ويحاكي تصميم السوق التراث القديم لأبناء المنطقة الشرقية من ممرات مغلقة ومسقوفة تميزت بارتفاعها لتشكل ارتياحا للمرتادين، والاستفادة من ذلك للتهوية والإضاءة الطبيعية، ما يجعل التجول في السوق متعة تشعرك بالحنين للماضي والعبق التاريخي.

بيئة خصبة للاستثمار
وحول الاستثمار في الأحساء، كشف عدد من المستثمرين السياحيين في المحافظة عن ارتفاع معدلات الزيارات السياحية، معبرين عن تفاؤلهم بمستقبل منطقتهم، وعدوها نموذجا للسياحة البيئية نظير تنوع مقوماتها، التي تجتمع فيها الجغرافيا، فهي واحة نخيل تحيطها رمال وجبال وبحر، ما جعلها في مصاف المدن العالمية كموقع تراث عالمي، ومدينة إبداعية في الحرف اليدوية والفنون الشعبية، وتمتلك مخزونا تراثيا وتاريخا عميقا.
واتفق عدد من المستثمرين السياحيين، على أن محافظة الأحساء تعد بيئة خصبة للربح والعمل والاستثمار في القطاع الحيوي، إذ أكد وليد بن حسن العفالق رئيس مجلس إدارة شركة الأحساء للسياحة والترفيه لـ"الاقتصادية" أن المحافظة شهدت انتعاشا وارتفاعا في معدلات زيارة السياح، ولا سيما مع تفعيل التأشيرة الإلكترونية للسياح القادمين من خارج المملكة، متوقعا أن تشهد مزيدا من الإقبال، خصوصا مع الزخم الإعلامي، الذي يرافق الأحساء هذه الأيام.
وأضاف العفالق، الذي تشغل شركته موقع جبل القارة الوجهة السياحية الأولى في الأحساء، أن المحافظة لا تزال بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات، وعدها بيئة خصبة ينتظرها مستقبل سياحي مشرق، فيما يتفق سعيد الجبران مدير عام مدينة جواثا السياحية مع سابقه، موضحا أن الأحساء تشهد نقلة نوعية في بنيتها التحتية والخدمات المقدمة فيها، في الوقت الذي رشحتها وكالة "بلومبيرج" العالمية لتكون ضمن ستة مواقع يمكن للسياح الأجانب زيارتها عند توجههم للمملكة.

خامس بلد حاضن للسياح على مستوى العالم
خلال اجتماع وزراء السياحة العرب في الأحساء، أكد أحمد الخطيب رئيس «هيئة السياحة» الأستاذ أن الاجتماع يؤكد أهمية العمل العربي المشترك في مجال السياحة، معتبرا أن المملكة وبقية الدول العربية لديها فرص سانحة للارتقاء بهذا القطاع وتحويله إلى مصدر مهم لدعم اقتصادياتها، يتوازى مع متوسط إسهام السياحة عالميا في الدخل القومي، الذي يصل إلى 10 في المائة، بينما هو حاليا في حدود 3 في المائة فقط في العالم العربي.
وقال إن العمل السياحي المشترك لا يهدد أي بلد عربي، بل يزيد الخيارات أمام السياح، الأمر الذي يجعل جميع البلدان العربية تستفيد من الزيادة السنوية للسياح على مستوى العالم، مبينا أن المملكة أعلنت هذا العام فتح أبوابها للسياح من مختلف بلدان العالم، لتترجم جزءا من «رؤية 2030»، وأوضح أن المملكة تعمل وفقا لاستراتيجية وطنية تسعى لتحويل السياحة إلى قطاع استثماري ضخم يحقق عوائد تصل إلى 10 في المائة من الدخل القومي، ويسهم في تقليص البطالة لتصل إلى 6 في المائة من خلال توفير نحو مليون فرصة وظيفية إضافية بحلول عام 2030، إذ تتطلع المملكة إلى أن تصبح خامس بلد حاضن للسياح على مستوى العالم، باستقطاب نحو 100 مليون زيارة في 2030.
وشهد الاجتماع انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة لعامي 2020 و2021، الذي ضم السعودية، البحرين، الأردن، المغرب، العراق، مصر، وتونس، فيما اختيرت المنامة عاصمة للسياحة العربية في 2020.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون