FINANCIAL TIMES

إفريقيا .. في أي حال تودع 2019؟

إفريقيا .. في أي حال تودع 2019؟

في الوقت الذي ينشر فيه هذا المقال، من المتوقع أن تتوجه نجمة البوب بيونسي و500 شخص آخرين من مشاهير الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية إلى غانا لحضور احتفال "عام العودة". إنها نصف حيلة تسويقية ونصف مبادرة حقيقية لإيجاد تفاهم أوثق بين غانا والأفارقة المغتربين، وهو حدث يوافق الذكرى المئوية الرابعة لبدء تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي. حجز فندق من قائمة أفضل الفنادق في أكرا سيكون مستحيلا.
يأتي وصول المجموعة الأولى من المشاهير في الوقت الذي ذهبت فيه جائزة نوبل للسلام للعام الثاني على التوالي إلى مواطن إفريقي. في 2019 كانت الجائزة من نصيب أبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، دفع بأجندة إصلاحات اقتصادية وسياسية جريئة تم دعمها بقرض من قبل صندوق النقد الدولي قيمته 2.9 مليار دولار للتصدي لرد الفعل العرقي القومي المتنامي. الانتخابات المقرر إجراؤها في أيار (مايو) 2020 ستكون حاسمة. وعلى الرغم كل مشكلات إثيوبيا، إلا أن اقتصادها سريع النمو يحمل آمال القارة.
هناك أمل كبير آخر بالنسبة لإفريقيا يتمثل في "منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية"، وهي منطقة تجارة حجمها ثلاثة تريليونات دولار، تضم 54 بلدا. وقد شهدت تقدما هذا العام بانضمام نيجيريا ذات الوزن الثقيل، بعد فترة من التردد. لكن أعمال شغب أظهرت كرها للأجانب في جنوب إفريقيا، فضلا عن إغلاق نيجيريا لحدودها البرية لمنع المهربين، هما أمران يشيران إلى بعض العقبات المقبلة.
في عام 2018 حقق اقتصاد القارة نموا دون 3 في المائة، وكان بطيئا إلى حد كبير، ويعود ذلك بشكل أساس إلى جنوب إفريقيا ونيجيريا. لكن غانا وإثيوبيا ورواندا وساحل العاج والسنغال وجيبوتي تمكنت جميعها من تحقيق معدلات نمو تراوح بين 6 و8 في المائة، وهي من بين أسرع معدلات النمو في العالم.
فيما يلي خمسة أشياء ساعدت على تشكيل القارة في 2019:
أولا، السودان. تستحق الثورة السودانية مزيدا من الاهتمام العالمي. ملايين الناس، كثير منهم من النساء والشباب، واجهوا الرصاص في سبيل تحقيق تغيير سلمي. تعرضوا لقمع وحشي، لكنهم انتصروا في نهاية المطاف. بعد 30 عاما في منصب الرئاسة، سقط عمر البشير. الآن هناك مجلس عسكري مدني هش مكلف بالإشراف على الانتقال إلى الديمقراطية. الاقتصاد لا يزال جاثيا على ركبتيه. ولا يزال الجنود يحملون السلاح. ما سيحدث في السودان خلال المرحلة المقبلة سيكون مهما لقارة قادتها بعيدون كل البعد عن العالم المعاصر ومتوسط أعمار سكانها 19 عاما.
ثانيا، تغير المناخ. هذا العام أصبح تأثير تغير المناخ واضحا في قارة بالكاد أسهمت في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكنها ستكون بين أول من يعاني. إعصار إيداي Idai، ثاني أكثر الكوارث فتكا بالأرواح في نصف الكرة الجنوبي، اجتاح موزمبيق وزيمبابوي وملاوي، وأودى بحياة 1300 شخص وشرد مليوني شخص آخرين. وتسبب في حدوث فيضانات، لكن الجفاف لا يزال يمثل مشكلة أكبر، بما في ذلك في زيمبابوي حيث ترك فشل المحاصيل، والحكومة، نحو ثمانية ملايين شخص على شفا مجاعة حادة.
في منطقة الساحل، يتسبب التصحر في تأجيج الصراع بين الرعاة الرحل والمزارعين المقيمين. مالي التي شهدت تصاعدا في الهجمات الإرهابية، يتداخل فيها هذا النوع من النزاعات، مع تنامي التطرف. وفي إثيوبيا ينتقل مزارعو البن إلى مناطق أكثر ارتفاعا مع ارتفاع درجات الحرارة. ويمكن للمرء أن يتوقع أن تخفف بعض الحكومات الإفريقية معارضتها للمحاصيل المعدلة وراثيا.
ثالثا، فيليكس تشيسكيدي. أصبح تشيسكيدي رئيسا للكونغو الديمقراطية بعد انتخابات أشارت تقارير أوردتها "فاينانشيال تايمز" إلى أنها كانت مزورة. لا يزال جوزيف كابيلا القوة التي
تقف وراء "عرش الكوبالت". طول الوقت الذي سيستمر فيه ذلك هو ما سيحدد مصير هذه البلاد الشاسعة الغنية بالموارد.
رابعا، "جوميا" Jumia. هذه الشركة التي ربما يطلق عليها، لسوء الحظ، أسم "أمازون" إفريقيا، حققت الاكتتاب العام الأولي الأكثر إثارة. ومن بين الشركات المدرجة الأخرى "هيليوس تاورز" Helios Towers و"بهارتي إيرتل آفريكا" Bharti Airtel Africa و"نتويرك إنترناشيونال" Network International. أصبحت "جوميا" المدرجة في بورصة نيويورك أول شركة ناشئة في القارة تصل قيمتها إلى مليار دولار. بعد ارتفاعها في البداية، تراجعت الأسهم مع تزايد الصعوبات اللوجيستية الميدانية للشركة. بلغت الخسائر نحو 55 مليون يورو في الربع الثالث. يتوقع بعضهم أن يتم بيعها في العام المقبل.
خامسا، التكنولوجيا المالية. هناك دلائل تشير إلى أن صناعة التكنولوجيا المالية المحلية في إفريقيا بات لديها أخيرا كتلة حرجة في هذا القطاع. في كانون الأول (ديسمبر) وحده تدفقت 400 مليون دولار على شركات نيجيرية ناشئة، علاوة على 1.2 مليار دولار مستثمرة أساسا في إفريقيا في 2019. لا يزال هذا مستوى منخفضا، لكنه يعد قفزة بالنسبة للقارة وهو مقارب لما كان عليه الحال في جنوب شرقي آسيا قبل خمسة أعوام، الآن يجذب نحو ثمانية مليارات دولارات من الاستثمارات سنويا.
جاك ما، المؤسس المشارك لمجموعة التكنولوجيا الصينية "علي بابا"، مفعم بتفاؤل شديد تجاه إفريقيا. في تشرين الثاني (نوفمبر) كان في غانا لمنح جائزة افتتاحية بقيمة مليون دولار في مسابقة "نيتبرنير" Netpreneur السنوية. جاك دورسي، الرئيس التنفيذي لـ"تويتر"، نجم إنترنت آخر، قال إنه سيقضي وقتا ممتعا في القارة في العام المقبل. نشر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" كتب فيها: "إفريقيا ستعرف المستقبل، خاصة في العملات المشفرة! لست متأكدا أين بالضبط، لكنني سأعيش فيها لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر في منتصف 2020".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES