FINANCIAL TIMES

كيف يخسر الغرب سباق التكنولوجيا مع الصين؟

 كيف يخسر الغرب سباق التكنولوجيا مع الصين؟

لا عليك من الرسوم الجمركية والحصص. العنصر المثير في مسابقة القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين هو السباق العالمي من أجل الأسبقية الرقمية. بالنظر إلى الأمور التي على المحك -الاقتصادية والعسكرية- فإن فترة من التنافس الشرس أمر لا مفر منه. الخطر هو أن المنافسة التي لا مفر منها ستنتقل إلى صراع غير ضروري.
لا تزال بعض الحكومات الغربية تناقش ما إذا كانت ستسمح لشركة هواوي الصينية للاتصالات بتوفير المعدات لشبكات الجيل الخامس الجديدة التي ستدعم البنية التحتية الوطنية الحيوية. قالت الولايات المتحدة لا. كذلك الحال بالنسبة لأستراليا. تتمثل إحدى طرق تفكير الآخرين في هذه المسألة في التساؤل عما إذا كانت بكين ستسمح لشركاتهم بتضمين هذه التكنولوجيا في الأنظمة الوطنية الصينية.
أي شكوك حول الإجابة ستكون قد تبددت الأسبوع الماضي، من خلال الأخبار التي تفيد بأن الحكومة الصينية قررت أن كيانات الدولة والمؤسسات العامة يجب أن تزيل في غضون ثلاثة أعوام جميع أجهزة الكمبيوتر والبرمجيات الأجنبية. نحن نتحدث هنا عن بكين التي تعكف على تمزيق التكنولوجيا الأجنبية القديمة. بالتالي فكرة السماح للغرباء بلعب دور في بناء اتصالات الجيل المقبل فكرة تفوق الخيال.
ليس عليك أن تصدق أن "هواوي" تخضع لسيطرة الحزب الشيوعي الصيني لتقول إنه سيكون من الحماقة على ألمانيا، أو فرنسا، أو بريطانيا السماح للصين بدور في الجيل الخامس. المخاطر والأمور التي على المحك عالية جدا. ستوفر هذه الشبكات فائقة السرعة سرعات البيانات اللازمة للقفزة الكبيرة التالية للأمام -لشبكة إنترنت الأشياء، والتعلم الآلي المحسن إلى حد كبير، والذكاء الاصطناعي. من الواضح منذ الآن أن التطبيقات ستكون مهمة في الفضاء والأنظمة العسكرية المتقدمة بقدر أهميتها في تحويل البيئات الحضرية وطريقة عيش الناس.
في ظل هذه الظروف، من نافلة القول إن الصين ستستخدم كل الأدوات التي لديها في محاولة سرقة التفوق، وفي الوقت المناسب، لتصبح المزود المهيمن وواضع المعايير في التكنولوجيات الجديدة. نحن نعرف هذا ليس فقط لأن بكين أقرت قانونا للمخابرات ينص على أن الشركات الصينية تدين بالولاء النهائي للدولة، لكن لو أتيحت الفرصة لوكالات الاستخبارات الغربية فإنها لن تتوانى عن اغتنام أي فرصة تقدم نفسها للدخول داخل شبكات الصين.
بالطبع، دونالد ترمب لا يجعل الأمر سهلا على حلفاء أمريكا. نهج الرئيس الأمريكي القوي والمتشدد هو طريق يفضي بالتأكيد إلى حدوث شقاق مع بكين، ويتجاوز كثيرا حقيقة أن الجانبين سيبذلان دائما قصارى جهدهما للتجسس على بعضهما بعضا. ترهيب ترمب للحلفاء له نتائج عكسية. التهديد بالانتقام إذا لم يسيروا وراء أمريكا دعوة مؤكدة للتحدي من جانب الأوروبيين.
لكن الاستهانة بترمب ليست سببا كي يتجاهل الأوروبيون مصالحهم الخاصة. في هذه اللحظة هم متخلفون في المركز الثالث. هناك أشخاص، في بريطانيا على وجه الخصوص، يقولون إن مخاطر مشاركة "هواوي" يمكن تخفيفها عن طريق تشديد المراقبة. وكالة الاتصالات السرية البريطانية GCHQ لديها بالأصل رقابة وثيقة على عمل الشركة الصينية في شبكات الاتصالات الحالية. لكن بالنسبة للجيل الخامس تتطلب الرقابة موارد متنامية باستمرار، وتكون عواقب عدم إتقانها أعلى بشكل لا يمكن قياسه.
على أي حال، ينبغي أن تشعر أوروبا بالقلق من أن تترك في المؤخرة. فهي تأتي وراء كل من الولايات المتحدة والصين في تكنولوجيات مثل تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي. وجود "نوكيا" و"إريكسون"، يمنحها اللاعبين العالميين الوحيدين القادرين على المنافسة مع "هواوي". سيكون من الغريب تماما التخلي عن هذه الميزة المتواضعة عن طريق شراء الأجهزة الصينية.
روبرت زوليك، المسؤول الأمريكي ورئيس البنك الدولي السابق، قال ذات مرة إن هدف السياسة الأمريكية تجاه الصين يجب أن يكون إقناعها بأن تصبح "صاحب مصلحة مسؤولا" في النظام الدولي القائم على القواعد. في الآونة الأخيرة كانت الموضة هي السخرية من هذا الطموح باعتباره ساذجا. ألم تظهر بكين مرارا وتكرارا أنها مستعدة لتجاهل القواعد وخرقها في السعي لتحقيق مصلحتها الوطنية؟
جزئيا، نعم. محاولات الصين للتلاعب بالنظام لا يمكن إنكارها. لكن لا يترتب على ذلك أن تصبح الولايات المتحدة شريكا راغبا في تدمير مجموعة من القواعد التي صممت وصنعت إلى حد كبير في واشنطن. وكما لاحظ زوليك في خطاب ألقاه هذا الشهر أمام مجلس الأعمال الأمريكي - الصيني، أن من النادر أن تكون سياسة المواجهة مفيدة لمصالح الغرب إذا كانت تحفز الصين "على التصدر في نظام مواز، منفصل، مع قواعد مختلفة للغاية".
المتنافسون ليسوا بحاجة إلى أن يصبحوا أعداء صريحين. يجب أن تكون المنافسة حافزا لتحسين أداء كل متنافس بدلا من محاولة للتغلب على المنافسين. بعبارة أخرى، إذا أرادت أمريكا الفوز في سباق التكنولوجيا، فعليها أن تقدم اللعبة الخاصة بها. يركز النهج البديل، الذي يبدو أن ترمب يفضله، على إسقاط المنافسين. سيؤدي ذلك فقط إلى مواجهة صينية - أمريكية أوسع.
بطبيعة الحال، يجب أن تكون الرسالة الموجهة إلى الرئيس الصيني تشي جينبينج واضحة. لا تستطيع بكين إلقاء الحواجز الخاصة بها والشكوى عندما تفقد إمكانية الوصول إلى التكنولوجيات الغربية المتقدمة. لا تزال هناك قطاعات كبيرة في صنع السياسات العالمية يستفيد فيها كلاهما من التعاون.
كما يقول زوليك، التنافس مع الصين يكون بإنتاج أفكار أفضل وتكنولوجيات أكثر ذكاء، وليس بالتنمر والتقوقع.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES