ثقافة وفنون

وزارة الثقافة .. تتبع رحلة الكلمة عبر 1400 عام و2020 عاما للخط العربي

 وزارة الثقافة .. تتبع رحلة الكلمة عبر 1400 عام و2020 عاما للخط العربي

 وزارة الثقافة .. تتبع رحلة الكلمة عبر 1400 عام و2020 عاما للخط العربي

انتصرت وزارة الثقافة للخط العربي، من خلال قرار أمير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، بتسمية العام المقبل 2020 بـ"عام الخط العربي"، إذ تستند في ذلك إلى نتاج إنساني ومعرفي عميق، وإرث فكري موغل في التاريخ، يتعدى عمره 1400 عام.
ففصول من التاريخ شهدتها المملكة، استدعت أن تكون حامية لهذا التراث، إذ ترافق تطوير الخط العربي مع أحداث تاريخية مهمة على أرضها، مثل ظهور الإسلام وتدوين القرآن الكريم بالخط المكي، وقد عرف المسلمون في عصر صدر الإسلام نوعين من الخط، هما الحجازي وكان يسمى الخط "الدارج"، واستخدم بشكل يومي لليونته وعدم خضوعه لقواعد ثابتة، فيما كان الخط الثاني "الكوفي"، الذي انطلقت منه الخطوط العربية كلها، وكان كتّاب الوحي يكتبون به الآيات القرآنية على سعف النخل، دون همزات وتشكيلات.
اقترن الخط العربي بالزخرفة المستخدمة على جدران المساجد والقصور، واتسع نطاقه كونه يعكس ثقافة المنطقة، ولارتباطه بالقرآن الكريم، إذ حمل الخط العربي على عاتقه نقل الآيات بعمقها الديني والفكري، لينتشر في المحصلة إلى أوج ظهوره بين الأمم الإسلامية وغيرها، في آسيا وإفريقيا وأوروبا حتى بلغت حدوده من أقاصي الهند وأرخبيل الملايو "ماليزيا" شرقا، إلى أقصى بلاد المغرب وبحر الأدريتيك غربا، ومن أعلى تركستان وأواسط روسيا شمالا، إلى أداني زنجبار جنوبا، وقد تخطى ذلك الآن، وبلغ قارة أمريكا والعالم كله، وأصبح يضم أمما لا تحصى.
وخطى الخط العربي خطوات طويلة مع تطور الحضارة، ونضج حتى وصل إلى مراحل إبداعية، إذ وصل في زمن العباسيين إلى 80 نوعا بعد انتشار الإسلام في شتى البقاع، كما أن الخط العربي لم يعد محصورا في اللغة العربية، إذ تستخدمه لغات أخرى في أنحاء العالم مثل بعض اللغات الإفريقية، واللغتين الفارسية والتركية، وبعض اللغات الهندية، وانتشر في الأندلس حينما كانت تحت حكم العرب مدة طويلة تصل إلى ثمانية قرون، ومع ازدهار الأندلس ازدهر الخط العربي بازدهار عملتها النقدية.
هنا في المملكة، جاء الاحتفاء بالخط العربي تقديرا لما يمثله من أهمية في التعبير عن مخزون اللغة العربية وما يمتلكه من تاريخ وجماليات في هندسته وتفاصيله وأشكاله، حيث جاء هذا الاحتفاء تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف 18 ديسمبر الجاري.
وكانت وزارة التعليم قد أعلنت العام الماضي عن عودة منهج الخط إلى المرحلة الابتدائية، بدءا من الصف الثالث الابتدائي، لما لهذه المهارات من دور في تعلم الطفل الصبر والمحاكاة والتنظيم، يصنع من خلاله صورة بصرية جميلة وتغذية بصرية، من خلال الخطوط والحروف.
وتكاملا مع هذه الجهود، ستعمل وزارة الثقافة خلال عام الخط العربي 2020 على تقديم فعاليات نوعية تخدم الخط العربي وتعزز من حضوره في المجتمع على مدار العام، كما ستعمل على تحفيز الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية للمشاركة في الحدث والإسهام في إبراز أهمية الخط العربي، إلى جانب تشجيع الأفراد والمهتمين بعرض مواهبهم عبر منصات متنوعة، إسهاما منها في نقل هذا الفن الأصيل من جيل إلى جيل.
فـ"الثقافة" تسعى من وراء هذه الخطوة إلى تعزيز الأبعاد الثقافية والحضارية للمملكة، كون اللغة والخط بُعدين يتصلان بالحضارة العربية التي انطلقت من المملكة، ولهما من الجماليات والعمق الفني والهندسي والتاريخي والمعرفي ما يؤهلهما لأن يبقيا تراثا مستمرا عبر الأجيال.
ولعل أسمى وصف لجماليات الخط العربي وأبعاده الحضارية، مقولة الرسام والفنان التشكيلي الإسباني الشهير بيكاسو، حينما قال "أقصى نقطة أردت الوصول إليها في الفن التشكيلي وجدت الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد".
وتؤسس الجهود الحكومية بقيادة وزارة الثقافة لانطلاق مزيد من المبادرات المتعلقة بالخط العربي، مثل تأسيس الجمعيات والمسابقات التي تعنى بالخطاطين، تزامنا مع جهود "الثقافة" في إبراز فن الخط العربي بوصفه فنا قائما بذاته، وتعزيز وتحفيز ممارسات الخط العربي على مستوى المؤسسات والأفراد، وتقديم الدعم للمتخصصين والموهوبين، إضافة إلى نشر ثقافة استخدام الخط العربي بين النشء، وتوحيد جهود القطاعات المعنية والمبادرات الفريدة حول الخط العربي.
----------
"التعاون الإسلامي" .. صف يصعب شقه أو التعويل على غيره
تركي التركي من الرياض

"التعاون الإسلامي" ائتلاف تاريخي يجمع 57 دولة تحت مظلة العمل المشترك، نتج عنه كثير من الوقفات الأخوية الجادة والمؤسسات الفرعية المتخصصة والفاعلة، ومع ذلك يظن البعض أن الخروج عن الصف الإسلامي وتشكيل أنوية أخرى بعيدا عن هذا الائتلاف فكرة تستحق الترويج والعمل عليها، بالدعوة إلى قمم جانبية مصغرة كالتي تعقد اليوم في ماليزيا.
وهم يغذيه أصحاب المواقف العدائية المعلنة تجاه دور رائد للمملكة العربية السعودية في العالمين العربي والإسلامي. فالمال ليس الأداة التي يمكن التعويض بها عن ثقل قيادي ومكانة تاريخية وإسلامية تراكمية ومستحقة لما تقوم به السعودية شعبا وحكومة تجاه العالم الإسلامي وقضاياه العادلة، في مقدمتها القضية الفلسطينية.
أما التلويح بالقضية الفلسطينية وتوظيفها من منطلقات حزبية سياسية فهو أسوأ ما يمكن أن يقدمه المجتمعون في ماليزيا لهذه القضية المحورية من قضايا العالم الإسلامي، وهو أيضا ما يمكن أن يؤخذ كمثال جلي للمقارنة بين طبيعة العمل الوحدوي الذي تقوم به منظمة التعاون الإسلامي في تعاملها مع القضايا الإسلامية من منظور عام ومشترك، وما قد تقوم به هذه القمم الهامشية من إحياء للنعرات الطائفية الدينية والحزبية السياسية.
فـ"التعاون الإسلامي" -رغم كل الخلافات الوارد حدوثها- لم تنزع يوما إلى استثناء دولة ما أو تغليب حزب أو طائفة، بل كانت على الدوام فوق كل هذه الفروقات الطبيعية. ومنجزاتها الإنسانية والمؤسسية هي التي تتحدث عنها، وليس الآخرون؛ حيث يعد إنشاء البنك الإسلامي للتنمية من أبرز منجزات منظمة التعاون الإسلامي، إذ عزز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في 57 دولة إسلامية، ويقدم خدماته في مجالات جودة المياه والطاقة وصحة المرأة، وإدخال التقنيات الجديدة لتحسين جودة التعليم، وبرامج للمنح الدراسية لفائدة الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء.
كما يحسب لمنظمة التعاون الإسلامي إنشاء 34 منظمة متخصصة تخدم التخصصات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والعلمية والاجتماعية والإنسانية، وإقرار برنامجي العمل العشري الأول في 2005 في مكة المكرمة والثاني في إسطنبول 2016.
ومن المؤتمرات المؤثرة على مستوى لم الشمل وائتلاف الصف التي سبق أن دعت إليها منظمة التعاون مؤتمر العلماء المسلمين بشأن أفغانستان في 10 يوليو 2018 في مكة المكرمة، ووثيقة مكة التي جمعت علماء سنة وشيعة من العراق، من أجل تخفيف الاحتقان الطائفي في 2006.
كما لم تخل أعمال المنظمة من قرارات تصب في المصلحة المجتمعية للمسلمين أيا كانت أوطانهم، باستحداث إدارة الشؤون الإنسانية في المنظمة، لمد يد العون والمساعدات إلى المتضررين في العالم الإسلامي، كما أصدرت قرار 18/16 لمكافحة "الإسلاموفوبيا"، وإنشاء مركز صوت الحكمة الذي يدفع إلى مكافحة الكراهية والتطرف، ونشر خطاب معتدل على شبكات التواصل الاجتماعي لتقديم الصورة الصحيحة للإسلام.
وإن كانت المنظمة تستند إلى إرث تاريخي ضارب في جذوره الثقافية والإسلامية فإنها في المقابل أيضا لم تغفل عن المستقبل والإعداد الجيد له، بإطلاق أول قمة علمية من نوعها في كازاخستان، التي أعلنت عن استراتيجية علمية للابتكار والبحث العلمي حتى عام 2026.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون