FINANCIAL TIMES

حرب رقمية بين «بلومبيرج» وترمب لجذب الناخبين

حرب رقمية بين «بلومبيرج» وترمب لجذب الناخبين

تضج وول ستريت والعاصمة واشنطن بالحديث عن قوة المال في السياسة. ذلك ليس بالمستغرب بعد إعلان مايكل بلومبيرج، عمدة نيويورك السابق دخوله السباق الديمقراطي للترشح للرئاسة، ويخطط الرجل لاستخدام مبالغ كبيرة من ثروته في حملته الانتخابية.
أفادت تقارير أخيرة أن بلومبيرج أنفق نحو 30 مليون دولار على حملة إعلانات تلفزيونية، ما أثار موجة من الشكاوى الغاضبة ضد الملياردير من منافسيه في السباق الديمقراطي (ناهيك عن أن إعلاناته التلفزيونية غير مقنعة للغاية).
وعلى الرغم من نفيه الحديث عن الإعلانات التلفزيونية، إلا أن هناك تفاصيل أخرى حول المنافسة لم تحظ بالاهتمام كما ينبغي: مثل أموال الإعلانات التي يتم إنفاقهاعلى المنصات الرقمية من قبل شركات من شاكلة فيسبوك وجوجل.
حتى قبل ثلاثة أعوام، كان هذا موضوعا كثيرا ما يتجاهله معظم الديمقراطيين، ويرجع ذلك جزئيا إلى الافتراض على نطاق واسع، أن الإعلانات السياسية على منصات مثل فيسبوك، كانت أقل أهمية من الإعلانات التلفزيونية.
ذلك كان أيضا بسبب غطرسة الديمقراطيين المفترضة، من أنهم يتمتعون بميزة قوية على الجمهوريين في الفضاء الإلكتروني، بعد حملات باراك أوباما الرقمية الناجحة في عامي 2008 و2012.
السباق الرئاسي عام 2016 أظهر أن هذه الافتراضات كانت خاطئة، إذ يمكن للإعلانات الرقمية أن تسدد ضربة أقوى من الإعلانات التليفزيونية.
على الرغم من أن الديمقراطيين اعتادوا أن يكونوا متقدمين على الجمهوريين في هذا المجال، إلا أن الحملة الإلكترونية التي أطلقها دونالد ترمب خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2016 (مستخدما مجموعة كامبريدج أناليتيكا البحثية التي فقدت مصداقيتها الآن)، كانت أكثر براعة من أي شيءأعده الديمقراطيون ويعود ذلك جزئيا إلى أنها اعتمدت مستوى من المراسلة المشخصنة و"الحقائق" المتلاعب بها جعلت المراقبين المتحضرين ينفجرون غضبا.
بعد ثلاثة أعوام، أثارت صدمة هزيمة الديمقراطيين وفضيحة "كامبريدج أناليتيكا" هجوما مضادا.
تحاول بعض الشركات الناشئة، بدعم من الديمقراطيين، تسخير الأدوات الرقمية لمحاربة ترمب على الإنترنت. وهناك شركات ناشئة أخرى تسعى إلى تتبع الإعلانات السياسية عبر الإنترنت لإيجاد قدر من الشفافية، للمرة الأولى.
على أن هذا لم يحظ باهتمام كبير نسبيا بين الناخبين أو الديمقراطيين. وهذا أمر مؤسف.
انظر إلى النتائج التي توصلت إليها شركة أكرونيم الناشئة، التي تم إطلاقها في أعقاب الانتخابات الرئاسية 2016 من قبل تارا ماكجوان خبيرة تكنولوجيا شابة من واشنطن ذات شخصية جذابة كانت عنصرا مهما ضمن فريق أوباما الرقمي عام 2012.
نشرتها الأسبوعية عن الإنفاق الرقمي، في الأسبوع الذي يبدأ من 10 إلى 16 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهو آخر البيانات المتوافرة في الوقت الذي نشرت فيه هذه المقالة)، تشير إلى أن مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، قد أنفق كثيرا على الإعلانات على مواقع فيسبوك وجوجل. كان توم ستاير، الناشط البيئي الملياردير، قد أنفق 1.4 مليون دولار.
قد يفاجئ هذا كثيرا من المراقبين، لأن نتائج التصويت لمصلحة ستاير كانت منخفضة في الانتخابات التمهيدية، لدرجة أنه لم يكن يظهر إلى حد كبير في الأخبار الرئيسة.
ومع ذلك، استخدم فريقه وسائل التواصل الاجتماعي بهدف جذب التبرعات الشعبية اللازمة لإبقائه في المناظرات ونشر الرسائل البيئية.
على الرغم من ضعف استطلاعات ستاير، إلا أن هذا يبدو أنه يساعد على توسيع نطاق النقاش بشأن القضايا البيئية بين أعضاء الحزب الديمقراطي.
احتل مرشح آخر هو بيت بوتجيج المركز الثاني بعد ستاير في الأسابيع الأخيرة، لكن إجمالي إنفاقه الرقمي للعام (البالغ تسعة ملايين دولار) أكبر من أي مرشح بارز آخر من الحزب الديمقراطي: إليزابيث وارين وبيرني ساندرز متأخران بفارق بسيط، في حين أن كامالا هاريس وجو بايدن أقل بفارق كبير.
هذا أمر لافت للنظر لكن ما يلفت النظر بشكل مضاعف وفقا لحسابات "أكرونيم" أن فريق ترمب أنفق نحو 28 مليون دولار على إعلانات شركتي جوجل وفيسبوك، منذ انتخابات منتصف المدة للعام الماضي أكثر بكثير من أي مرشح من الحزب الديمقراطي.
تقول نشرة أكرونيم الإخبارية: من المقرر تسارع هذه الوتيرة مشيرة إلى أن: "فريقه يواصل نشر إعلانات على موقع فيسبوك، وتصف إجراءات المساءلة بأنها خدعة مضحكة، وترفع مقاطع فيديو يتم فيها تمزيق "آدم شيف الصغير" النائب الديمقراطي الذي يقود إجراءات المساءلة.
ربما يكون ترمب على وشك مواجهة خصم مناسب له في الفضاء الإلكتروني. وفقا لنشرة "أكرونيم"، يخطط بلومبيرج لإنفاق 100 مليون دولار على الإعلانات الرقمية المناهضة لولاية ترمب في حملته الانتخابية الرئاسية المرتقبة.
هل هذا أمر جيد؟ بعض المراقبين لا يعتقدون ذلك. كتب تيم بيرنرز لي، الرجل الذي اخترع الشبكة العالمية، مقالة مؤثرة في صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع، يدعو فيها إلى فرض حظر على جميع الحملات السياسية الرقمية. اتخذت منصة تويتر بالفعل الإجراءات اللازمة بشأن ذلك وتدعي كل من شركتي فيسبوك وجوجل تشديد الضوابط أيضا.
ومع ذلك، فإن الحقيقة القاسية هي أنه حتى مع تراجع مجموعات مثل تويتر، بدأت قنوات رقمية جديدة في الظهور.
تشير "أكرونيم" إلى أن الجماعات اليمينية المؤيدة لترمب قد بدأت أخيرا في استخدام منصة الفيديو المملوكة للصين "تيك توك"، التي تحظى بشعبية لدى جيل الألفية، لنشر رسالتهم.
هذا يجعل شخصيات مثل ماكجوان تستنتج أن الديمقراطيين يجب أن ينضموا إلى المعركة.
وتقول: "كان الديمقراطيون متأخرين عن الجمهوريين عام 2016 لأن الجمهوريين كان لديهم مزيد من الحوافز للابتكار. لقد تخطونا.
بيد أني على ثقة كبيرة أن الديمقراطيين سيستخدمون الآن كل أداة وقناة رقمية متاحة لمصلحتهم، فقد كان عام 2016 بمنزلة نداء صحوة، ونحن نعلم أننا بحاجة إلى أن نكون متواضعين ونتبنى استراتيجيات جديدة" حسبما أضافت.
بعبارة أخرى، قد تبدو حملة ترمب الرقمية الهجومية في 2020 لطيفة. فكر في ذلك عندما ترى الإعلان التلفزيوني التالي لبلومبيرج.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES