FINANCIAL TIMES

تحويل الشركات العائلية إلى صناديق استثمار لمنافسة الأثرياء

تحويل الشركات العائلية إلى صناديق استثمار لمنافسة الأثرياء

ما سر الاحتفاظ بالثروة في العائلة؟ قد يكمن ذلك في صناديق عهدة الاستثمار.
تم إطلاق صندوق ويتان للاستثمار عام 1909 لإدارة ملكية لورد فارينجدون الأول، أي ألكسندر هندرسون.
استحوذت عائلة كايزر على شركة كاليدونيا للاستثمار في الخمسينيات، كشركة قابضة على مصالحها المختلفة في مجال الشحن.
كما تم إطلاق آر آي تي كابيتال بارتنرز RIT Capital Partners، وهو أداة لثروة عائلة روتشيلد، كصندوق استثمار في الثمانينيات.
كل صناديق العهدة المذكورة وغيرها كثير، تحتفظ بروابط عائلية قوية اليوم. غالبا ما يكون أفراد العائلة من كبار المساهمين، ويجلسون في مجالس الإدارة كأعضاء أو رؤساء غير تنفيذيين وأحيانا يكون لهم دور في اختيار الاستثمارات.
على مدى أجيال، لجأت أغنى العائلات في بريطانيا إلى الصناديق المغلقة للحفاظ على ثروتها وتنميتها.
مع ذلك، باعتبارها شركات مدرجة في البورصة بإمكان المستثمرين من القطاع الخاص أيضا شراء الأسهم في الصناديق.
يجادل البعض أن الصناديق التي فيها العائلات من كبار المساهمين تتماشى بشكل جيد مع الذين يبحثون عن استراتيجية استثمار طويلة الأجل.
تقول ربيكا أوكيفي رئيسة الاستثمار في منصة استثمارية: "الاستثمار إلى جانب العائلات الثرية قد يبدو بمنزلة حلم بعيد المنال، لكن بفضل هيكلة صندوق عهدة الاستثمار، لا يجب أن يكون كذلك ويمكن أن يسمح للمستثمرين بالوصول إلى رأس المال طويل الأجل متعدد الأجيال. إنه مناسب تماما لحجة ’إذا لم تتمكن من التغلب عليهم، انضم إليهم‘ بالنسبة إلى الذين ليس لديهم الموارد المالية نفسها".
نظر قسم إف. تى موني في الصحيفة FT Money في صناديق العهدة الأكثر رسوخا لفهم ما تقدمه للمستثمرين من القطاع الخاص وإيجابيات وسلبيات الاستثمار مع أغنى العائلات.

أموال العائلة
أحد الأسباب المقنعة للاستثمار في الصناديق المدعومة من العائلات الثرية هو أنها "تدعم استثماراتها".
يقول بين نيوويل، المحلل في وكالة إنفيستيك، إن "المشاركة في الاستثمار" ترسل رسالة واضحة وقوية لكل من المستثمرين الحاليين والمحتملين".
نشرت شركته تقريرا يسلط الضوء على مستوى الاستثمارات الشخصية التي يحتفظ بها أعضاء مجلس الإدارة والمديرين، في الصناديق التي يشرفون عليها.
أظهر التقرير أن أعضاء مجلس الإدارة والتنفيذيين استثمروا ما مجموعه 3.4 مليار جنيه في صناديقهم. أكبر استثمار لمدير عائلة روتشيلد، التي استثمرت 703 ملايين جنيه في آر آي تي كابيتال RIT Capital، متقدمة بشكل مريح على الاستثمار الأعلى التالي من قبل الفرق الإدارية لشركة بيرشينجسكويربنحو 668 مليون جنيه، ومجموعة تيتراجون المالية بقيمة 257 مليون جنيه ومجموعة أباكس جلوبال ألفا بحجم 194 مليون جنيه.
كما تصدر استثمار عائلة روتشيلد أيضا قائمة أعضاء مجلس الإدارة الأكثر مشاركة. صناديق أخرى أسستها العائلات تبرز بشكل كبير أيضا.
وهذه تشمل ثلاثة أعضاء من عائلة كايزر في مجلس إدارة شركة كاليدونيا. وليم وايت الرئيس التنفيذي وجيمي كايزر-كولفين العضو التنفيذي، كلاهما من أحفاد المؤسس ولديهما استثمار بقيمة 34 مليون جنيه و11 مليون جنيه في الصندوق على التوالي. مساهم آخر من العائلة، تشارلز كايزر، استثمر 1.2 مليون جنيه.
وليم سالومون، مساهم من العائلة وعضو في مجلس إدارة شركة هانسا للاستثمار لديه استثمارات بقيمة 21 مليون جنيه. وهاري هندرسون، المساهم من العائلة ورئيس مجلس إدارة شركة ويتان، لديه استثمار بقيمة ثمانية ملايين جنيه في الصندوق.
تقول أنابيل برودي-سميث من اتحاد شركات الاستثمار، وهو هيئة الصناعة: "من المطمئن للغاية الاستثمار مع هذه العائلات الغنية. في بعض الحالات، كانت تستثمر خلال الحربين العالميتين، والكساد العظيم، وازدهار وكساد التكنولوجيا والأزمة المالية".
صناديق العهدة المدعومة من العائلة عادة ما تتبع استراتيجيتين استثماريتين أساسيتين؛ نهج نمو عالمي يبحث عن محفظة دولية متنوعة أو استراتيجية استثمار مرنة.
ضبط التخصيص بين فئات الأصول المختلفة. من الصناديق الستة التي لديها روابط عائلية ونظر فيها قسم إف. تي. موني FT Money، صندوق برونر للاستثمار وماجيدي للاستثمارات وصندوق ويتان تشترك في القطاع العالمي لاتحاد شركات الاستثمار، بينما تعد شركات كاليدونيا وهانسا وآر آي تي جزءا من قطاع الاستثمار المرن لاتحاد شركات الاستثمار.
تضيف السيدة برودي-سميث: "من الواضح أن هذه استراتيجيات أساسية للعائلات التي تستثمر عليها والمستثمرون الآخرون قد يجدون هذا أمرا مشجعا".
المحافظ المتنوعة المعروضة تعني أن هذه الصناديق يمكن أن توفر مكانا واحدا للمستثمرين الذين يريدون الوصول إلى مجموعة من الاستثمارات في مكان واحد.
العائلات الغنية عادة ما تقدر أرباح الأسهم بشكل كبير لذلك ليس من المستغرب أن كثيرا من الصناديق توفر دخلا ثابتا للغاية.
صناديق برونر وكاليدونيا وويتان كلها تظهر في قائمة "أبطال أرباح الأسهم" لاتحاد شركات الاستثمار من الصناديق التي زادت أرباح أسهمها خلال 20 عاما متتاليا أو أكثر.
صندوق كاليدونيا زاد أرباح أسهمه كل عام خلال الأعوام الـ52 الماضية، وصندوق برونر خلال 47 عاما وصندوق ويتان خلال 44 عاما. الصندوقان الأخيران يحققان عوائد بنسبة 2.3 في المائة، بينما يحقق صندوق كاليدونيا عوائد بنسبة 2 في المائة، اعتبارا من الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. في حين أن هذه العوائد ليست الأعلى المتاحة، إلا أن التركيز على تقديم أرباح أسهم ترتفع باستمرار، ومن المرجح أن يكون جذابا لبعض الباحثين عن الدخل.
صندوق العهدة الذي يكون أداة لأصول عائلية كبيرة من المرجح أيضا أن يشدد على إدارة الاستثمار بعناية، الأمر الذي قد يناسب بعض المستثمرين الأكثر حذرا.
يوضح جيسون هولاندز، العضو المنتدب في مجموعة تيلني: "يغلب على هذه الصناديق التركيز على الحفاظ على رأس المال الحقيقي الذي يسعى إلى الحفاظ على القيمة الحقيقية لثروة تلك العائلة علاوة على التضخم. هناك بالتأكيد مكان في السوق للصناديق التي توفر عائدا ثابتا جيدا، وتنمو من حيث القيمة الحقيقية، ومستعدة للتخلص من الخطر عندما تكون الآفاق غير مؤكدة".

الصراع على السلطة
مع ذلك التركيز على الحفاظ على الثروة من قبل بعض الصناديق، يعني أنها قد لا تحقق أداء استثنائيا للغاية.
تقول السيدة أوكيفي، "إنها تماما فكرة ’الثراء البطيء‘ وعدم المخاطرة بمجرد حين تصل هناك". قد تكون هذه استراتيجية الاستثمار الخاطئة بالنسبة إلى المستثمرين الذين يتطلعون إلى بناء أصولهم. نهج الحفاظ على الثروة من المرجح أن يحقق أداء ضعيفا، عندما تكون السوق قوية لأنه قد يفوت الفرص التي قد تغتنمها صناديق العهدة التي تركز على النمو.
في الوقت نفسه، على الرغم من أن إدراج أموال العائلة في صندوق استثمار قد يطمئن المستثمرين، إلا أن تقرير شركة إنفيستيك استنتج أن المشاركة في الاستثمار "ليست ضمانة لتحقيق عوائد مرتفعة".
يعتقد خبراء الاستثمار أيضا أن حجم مقتنيات العائلة يلعب دورا مهما في مدى جودة خدمة مصالح المستثمرين من القطاع الخاص.
ديفيد ليديل، الرئيس التنفيذي لخدمة استشارات استثمار على الإنترنت يقول: "هناك فرق كبير بين حصة عائلة تبلغ أقل من 25 في المائة وواحدة تسيطر على الصندوق بشكل فعال. لدى عائلة روتشيلد حصة تبلغ نحو 20 في المائة؛ إذا قارنت ذلك بصندوق كاليدونيا حيث لدى عائلة كايزر حصة تبلغ نحو 48 في المائة فهذا يعني أنهم من الناحية العملية يمتلكون الصندوق".
يضيف مايك جيليجان، رئيس أبحاث الصناديق في كيليك آند كو: "بالنسبة إلي، الأمر الرائع سيكون عائلة لديها، من حيث القيمة المطلقة، استثمار كبير ذو مغزى بالنسبة إليها وهو عدد كبير جدا، لكنه ليس كبيرا جدا إلى حد يجعلها تمارس نفوذا لا مبرر له".
يقول إن مقتنيات العائلة بنسبة تراوح بين 25 و50 في المائة أو أكثر من الأسهم قد يؤدي إلى تضارب المصالح مع المستثمرين من غير العائلة.
على سبيل المثال، قد تكون العائلة مترددة في إجراء عمليات إعادة شراء الأسهم إذا كان الصندوق يتداول بسعر منخفض واسع بالنسبة إلى قيمة صافي الأصول، لأن هذا سيزيد حصتها أكثر.
تضييق السعر المنخفض قد يكون أيضا أقل أهمية بالنسبة إليها، مما هو للمستثمرين من القطاع الخاص، لأنها تنوي الاحتفاظ بالأسهم على المدى الطويل، عبر أجيال.
أفراد العائلة الذين لديهم نسبة كبيرة من الأسهم قد يقللون أيضا من سيولة الصندوق، أي مدى سهولة شراء وبيع الأسهم. هذا سيكون له التأثير الأكبر في صناديق الاستثمار الصغيرة نسبيا المدعومة من واحد أو اثنين من كبار المساهمين.
يضيف جيمس كارثو، رئيس قسم أبحاث شركات الاستثمار في شركة كوتد ديتا QuotedData، "حقيقة أن العائلة تسيطر على مجلس الإدارة تعني أنها تستطيع القيام بأشياء لا يستطيع مدير الاستثمار العادي القيام بها".
على سبيل المثال، قد يقرر صندوق العهدة الاستثمار في مشاريع مفضلة شخصيا أو الاحتفاظ بمزيد من النقدية في الميزانية العمومية أكثر مما قد تفعل الصناديق الأخرى.
يقول كارثو: "هذا قد يكون أمرا جيدا أو سيئا".
إذا كان المستثمرون من القطاع الخاص يكرهون الاتجاه الذي يتخذه الصندوق، باستثناء بيع أسهمهم، فلا يمكنهم فعل كثير. الحصة المسيطرة للعائلة تعني أن من المرجح أن تكون لها الكلمة الأخيرة.
يقول ألان بريرلي، المحلل في وكالة إنفيستيك: "المشاركة في الاستثمار مهمة، لكن هناك أوقات يكون لدى المديرين أو كبار المساهمين كثير من الاستثمار فوق الحد وهذا يمنحهم القوة؛ عندها تعتمد على جودة مجلس الإدارة. ما نراه هو استقطاب حقيقي في جودة مجالس الإدارة، كما هو الحال مع صندوق وودفورد بيشنت كابيتال؛ حيث يقود مجلس الإدارة والمدير السفينة نحو جبل جليدي".
الأفراد الذين يفكرون بالاستثمار في الصناديق المدعومة من العائلات، ينبغي عليهم التأكد أنهم يفهمون هذه المشكلات وأن أفقهم الاستثماري ورغبتهم في اتخاذ المخاطر يتناسبان مع نهج الصندوق.
يشدد هولاندز على أنه لا ينبغي على المستثمرين اختيار صندوق مدعوم من عائلة وفقا لقوة الاسم فحسب، بل أيضا على أساس مدى كونه مناسبا لأهدافهم الأوسع.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES