FINANCIAL TIMES

السوق تتساءل .. هل بتنا على مشارف نهاية الأسهم الصاعدة؟

السوق تتساءل .. هل بتنا على مشارف نهاية الأسهم الصاعدة؟

فترة الازدهار حلت مرة أخرى في الشركات الأمريكية، مع موافقة عدد من الرؤساء التنفيذيين على دفعة من عمليات الاندماج تقدر بعدة مليارات من الدولارات. لكن عمليات الاندماج التي تجاوزت 70 مليار دولار الأسبوع الماضي وحده شملت صفقات استحواذ على "تيفاني"، شركة المجوهرات الراقية، و"تي دي أمريتريد" TD Ameritrade، شركة الوساطة ذات العمولة المنخفضة، تركت المستثمرين مع سؤال ملح: هل هذا إشارة إلى نهاية وشيكة للسوق الصاعدة؟
ارتفاع نسبة صفقات الدمج والاستحواذ القائمة على الأسهم -بلغت أعلى مستوى لها منذ عام 2000- ليس إلا جرس إنذار لسلوك محتمل في أواخر الدورة.
عمليات الاستحواذ التي يدفع فيها المستحوذ من خلال أسهمه فقط، مثلما فعلت شركة تشارلز شواب للوساطة الأسبوع الماضي، عندما وافقت على شراء منافستها الأصغر "تي دي أمريتريد" مقابل نحو 26 مليار دولار، تمثل نحو 20 في المائة من الصفقات هذا العام، وفقا لشركة ريفينيتيف المزودة للبيانات.
التقييمات المرتفعة لعمليات الاستحواذ التي بلغت قيمتها 3.4 تريليون دولار، وتم الاتفاق عليها حتى الآن خلال هذا العام، أثارت قلق المستثمرين في الأسهم الأمريكية.
الشركات ومجموعات الاستحواذ تدفع نحو 22.5 ضعف الدخل الصافي الذي يحققه الهدف خلال عام. على الرغم من انخفاض ذلك عن أعلى مستوى له في 2018، إلا أنه لا يزال ثاني أعلى مستوى منذ 1998. أثر ذلك في كيفية اتخاذ الشركات القرار بشأن هيكلة عمليات الاستحواذ وما إذا كانت ستمضي قدما في صفقة ما إطلاقا.
وينستون تشوا، المحلل في شركة تريم تابز لأبحاث الاستثمار، أشار إلى أن موجات الاندماج والاستحواذ تميل إلى الوصول إلى الذروة في وقت قريب من بلوغ السوق ذروتها، فيما "تحاول الشركات شراء النمو بدلا من نمو الشركات بشكل طبيعي".
في الماضي تزامن عقد الصفقات القياسية مع ذروة السوق، مثلما حدث عشية طفرة وانهيار "الدوت-كوم" في عامي 1999 و2000، ثم مرة أخرى قبل الأزمة المالية في عامي 2006 و2007.
مارك جرانت، كبير الاستراتيجيين العالميين لدى بنك الاستثمار "بي ريلاي إف بي آر" B. Riley FBR، يعتقد أن الأسهم "متثاقلة" بالنظر إلى التقييمات الممتدة وتباطؤ الزخم في الأرباح. قال: "سلسلة صفقات الاندماج والاستحواذ تظهر أن الشركات تبحث عن نمو".
المتفائلون يعتقدون أن هذه المرة مختلفة. بالنسبة لهم يمكن للسياسات النقدية الداعمة من البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، أن تطيل عمر دورة عمليات الاندماج والاستحواذ وسوق الأسهم المعمرة والضعيفة.
جيم بولسن، من مجموعة لوثولد، قال: "رد الفعل على عمليات الاندماج والاستحواذ يمكن أن يغذي ويمدد أي ارتفاع مستمر في سوق الأسهم. ربما يشير ذلك في النهاية إلى ذروة السوق، لكن يمكن أن تكون من مستويات أعلى بكثير. عمليات الاندماج والاستحواذ مجرد مؤشر واحد من بين كثير من ظروف سوق الأسهم المؤثرة".
في الوقت نفسه، نجد أن شهية المستثمرين القوية للعوائد والإيرادات، خاصة في ظل خلفية من تريليونات الدولارات في السندات ذات العائد السلبي، دفعتهم إلى البحث عن دخل وفرص في الأسهم.
"ما نشهده في الآونة الأخيرة في نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ هو أن الشركات والمستثمرين الآخرين خلصوا إلى أنه على الرغم من التقدم في العمر في الدورة الحالية، إلا أننا لسنا على وشك الهبوط إلى فترة ركود، بل الدورة الحالية لا تزال ترتع في رخاء"، حسبما قال إريك شوبي، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ الأمريكية في مكتب ألين آند أوفري للمحاماة.
توماس هايس، المستثمر في صندوق تحوط، من شركة جريت هيل كابيتال للاستثمار، يعتقد أن إبرام الصفقات حتى الآن يمكن أن يتسارع دون أن يكون إنذارا ببلوغ قمة السوق، ولا سيما إذا تم الاتفاق على صفقة تجارية بين الولايات المتحدة والصين وتم تجنب حدوث تباطؤ عالمي. كمرجع لذلك يمكن للمستثمرين أن يعودوا إلى النظر في 2015، عندما سجلت عمليات الاندماج والاستحواذ مستوى قياسيا. وفي حين تلا ذلك العام تباطؤ قصير في بداية 2016 مع انخفاض في أسعار السلع الأساسية، إلا أن كلا من إبرام الصفقات وأسعار الأسهم تعافى في نهاية المطاف.
أضاف: "الدورة لديها مجال للاستمرار وستنعكس في تسريع عمليات الاندماج والاستحواذ. إنها علامة على أن الأرواح الحيوانية تعود إلى السوق وأن الخوف بدأ يذوب".
لكن اندفاع صفقات الاندماج والاستحواذ الضخمة في ضوء العمر الطويل للارتفاع الحالي في أسواق الأسهم الرئيسة يترك كثيرا من مراقبي السوق عالقين في حالة توتر. خطر التراجع على المدى القريب لمؤشر إس آند بي 500 القياسي "مرتفع للغاية" بعد ارتفاعه 25 في المائة حتى الآن هذا العام، حسبما قالت لوري كالفاسينا، رئيسة قسم استراتيجية الأسهم الأمريكية في شركة آر بي سي كابيتال ماركتس.
"مستويات الثقة تتجه نحو الانخفاض وهي أقل بكثير من أعلى مستوياتها في الدورة الحالية. التدهور الجدير بالملاحظة حدث في مقياس ثقة الرؤساء التنفيذيين من "مجلس المؤتمر" الذي يقترب بالفعل من المستويات التي نشهدها عادة في فترات الركود"، على حد قولها.
المصرفيون الذين يعملون على عمليات الاندماج قالوا إن ارتفاع الأسعار للشركات، وكذلك الخوف من أن سوق الأسهم حان وقت تصحيحها، دفعت مجالس الإدارات إلى استخدام أسهمها الخاصة في الصفقات، معتدة بموقف فحواه إذا انخفضت الأسهم فسيتم على الأقل إنقاذها من أن تدفع نقدا أكثر للاستحواذ.
الأخبار التي تفيد بأن "كيه كيه آر"، شركة الأسهم الخاصة العملاقة، تقدمت بعرض قيمته 70 مليار دولار لشراء سلسلة صيدليات وولجرينز بوتس أليانس، التي ستكون أكبر عملية استحواذ ذات رفع مالي في التاريخ إذا تم الاتفاق عليها، تردد صداه أيضا في جميع أنحاء "وول ستريت" حيث أشار بعض المستثمرين إلى آخر طفرة كبيرة في شركات الأسهم الخاصة، قبل الأزمة المالية. قبل أيام حذرت وكالة فيتش للتصنيف من أن خسائر القروض ذات الرفع المالي، وهي سوق حاسمة في تمويل عمليات الاستحواذ، ستكون أكبر مما كان معتقدا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES