أخبار

مسرّب الوثائق الاستخباراتية: أريد أن يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق

 مسرّب الوثائق الاستخباراتية: أريد أن يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق

 مسرّب الوثائق الاستخباراتية: أريد أن يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" وموقع "ذي إنترسبت" الإلكتروني، أمس، عن مئات التقارير الاستخباراتية الإيرانية المسربة التي تظهر عمق نفوذ طهران في العراق، حيث تتواصل احتجاجات مناهضة للحكومة منذ أسابيع وتتهم إيران بمواصلة التدخل في شؤون البلاد.
وتقدم الوثائق "صورة مفصلة عن مدى القوة التي عملت فيها طهران لترسيخ نفسها في الشؤون العراقية، ودور قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ورجل طهران الأساسي في العراق، الذي دأب على زيارة بغداد خلال الاضطرابات السياسية.
وفي خضم أكبر وأكثر الاحتجاجات دموية في العراق منذ عقود، ترأس سليماني اجتماعات في بغداد والنجف خلال الأسابيع الأخيرة، لإقناع الأحزاب السياسية برص الصفوف حول رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، بحسب ما ذكرت مصادر لـ"الفرنسية".
في أحد التسريبات الإيرانية، يوصف عبدالمهدي بأنه كانت له "علاقة خاصة" بطهران حين كان وزيرا للنفط في العراق في عام 2014، فيما قال مكتب رئيس الوزراء إنه "لا يملك تعليقا" على التقرير في الوقت الحالي.
وقالت الصحيفة والموقع الأمريكيان إنهما تحققا من نحو 700 صفحة من تقارير كتبت في عامي 2014 و2015 من قبل وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، وأرسلت إلى "ذي إنترسبت" من قبل شخص رفض الكشف عن نفسه.
وقال المصدر المجهول، الذي رفض اللقاء بالصحافي شخصيا، إنه يريد أن "يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق".
وخاض البلدان اللذان كانا خصمين إبان حكم نظام صدام حسين، حربا امتدت لثماني سنوات (1980 - 1988). وعاد عدد كبير من المعارضين لنظام صدام حسين بعدما كانوا في إيران، إلى ممارسة دور سياسي في بغداد بعد الإطاحة بحكم البعث إثر غزو أمريكي للبلاد في عام 2003.
وأوضحت الوثائق أيضا أن رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي وإبراهيم الجعفري، ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، هم سياسيون لهم صلات وثيقة بإيران.
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، تمكنت طهران من حصد مزيد من المكاسب والنفوذ بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، التي قالت إنها تركت المخبرين العراقيين لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "عاطلين ومعدمين".
وأشار التقرير إلى أن هؤلاء لجأوا بعد ذلك إلى إيران، وقدموا معلومات عن عمليات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) في العراق، مقابل أموال.
وفي أحد الأمثلة، تشير الصحيفة إلى أن ضابطا في الاستخبارات العسكرية العراقية سافر من بغداد إلى مدينة كربلاء، للقاء مسؤول في المخابرات الإيرانية. وخلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات، قال المسؤول العراقي إن رئيسه، الفريق حاتم المكصوصي، أخبره أن ينقل رسالة إلى إيران مفادها أن "جميع استخبارات الجيش العراقي، اعتبرها تحت أمرك".
وعرض المكصوصي تزويد إيران بمعلومات حول نظام سري أنشأته الولايات المتحدة للتنصت على الهواتف العراقية، يديرها مكتب رئيس الوزراء والاستخبارات العسكرية، وفق التقرير نفسه.
وسمح ذلك لإيران بتوسيع نفوذها من خلال علاقاتها الوثيقة مع جيل جديد من السياسيين الذين أصبحوا قادة للعراق، وساعدها في تشكيل قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية موالية لها. وجعلها ذلك أيضا شريكا تجاريا رئيسا للعراق الذي يستورد منها الكهرباء والغاز الطبيعي لدعم منشآت الطاقة المدمرة، في بلد أصبح ثاني أكبر مستورد للمنتجات الإيرانية بينها السيارات والسجاد والمواد الغذائية.
واستخدمت إيران العمل الاستخباراتي للمحافظة على دورها في العراق، بحسب ما ذكرت الصحيفة والموقع الأمريكيان، لتحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في "منع انهيار العراق ومنع استقلال إقليم كردستان الشمالي.
وأشارت الوثائق إلى أن "التركيز الأكبر" كان باتجاه "المحافظة على العراق كدولة تابعة لإيران، والتأكيد على بقاء الفصائل السياسية الموالية لطهران في السلطة".
ويواجه النفوذ الإيراني الواسع في العراق، استنكارا شديدا عبر الاحتجاجات التي تجري منذ أسابيع في العراق، حيث يتهم أغلبية المتظاهرين إيران بدعم نظام سياسي ينخره الفساد والمحسوبيات.
وقالت امرأة عراقية ستينية لـ"الفرنسية" إن "إيران تأتي لتتدخل .. ولكن نحن نصنع قرارنا"، مضيفة أن "الشرارة انطلقت من العراق إلى إيران"، في إشارة إلى موجة التظاهرات التي تشهدها مدن إيران منذ الجمعة الماضي رفضا لزيادة أسعار الوقود.
وشهدت مدن الحلة والنجف والناصرية والديوانية والكوت جنوبا، أمس، إضرابات واعتصامات مناهضة للحكومة، وأغلقت الدوائر الحكومية والمدارس.
وقام متظاهرون في محافظة البصرة الغنية بالنفط، بغلق طرق مؤدية إلى حقول النفط في الشعيبة والبرجسية.
وفي بغداد، تواصلت الاعتصامات والتظاهرات التي أخذت في التمدد من ساحة التحرير إلى جسري السنك والأحرار، رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
وأمام اتساع رقعة التظاهرات، قامت قوات الأمن بوضع حواجز أسمنتية حول مبنى المصرف المركزي العراقي، تحسبا لأي طارئ، بحسب مصادر أمنية.
وعبر متظاهرون في ساحة التحرير عن تضامنهم مع ما عدوه حركة احتجاج شقيقة جديدة، في إيران.
وقال المتظاهر عبدالهادي (55 عاما)، "اليوم الشعب الإيراني، مثل الشعب العراقي، الاثنان يطالبان بحقوقهما المسلوبة، ضد حكم الجار والسياسيين الفاسدين".
وتتواصل الاحتجاجات في العراق، مع اتساع نطاق الإضرابات وإغلاق المتظاهرين مدخل ميناء السلع الرئيس في البلاد، إضافة إلى المدارس والمقار الحكومية في كثير من مدن جنوب البلاد استجابة لدعوات الإضراب العام.
وقتل ما لا يقل عن 315 شخصا منذ بدء الاحتجاجات الحاشدة في بغداد وجنوب العراق في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهي التظاهرات الأضخم منذ سقوط صدام حسين في 2003.
وقالت مصادر في ميناء أم قصر العراقي، إن المئات سدوا مدخل الميناء القريب من البصرة ومنعوا الموظفين والشاحنات من دخوله ما أدى إلى تراجع العمليات بنسبة 50 في المائة، في الميناء الاستراتيجي.
وأضافت أنه في حالة استمرار الحصار فإن العمليات ستتوقف كليا. وسبق إغلاق مداخل الميناء من 29 تشرين الأول (أكتوبر) إلى التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر).

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار