FINANCIAL TIMES

«المركزي التركي» يثير المخاوف بلجوئه إلى أداة تمويل غامضة

«المركزي التركي» يثير المخاوف بلجوئه إلى أداة تمويل غامضة

أثار البنك المركزي التركي موجة جديدة من القلق بين المستثمرين والمحللين بعد أن قال إنه يزود النظام المالي بمليارات الليرة عبر سوق غامضة.
عقب سلسلة حامية من أسئلة الصحافيين والمحللين يوم الخميس اعترف المحافظ، مراد أويسال علنا لأول مرة أن البنك المركزي يستخدم بورصة إسطنبول لإجراء عمليات مقايضة -أخذ الدولار من الشركات المالية التركية مقابل الليرة- متخذا ذلك وسيلة لـ"توفير التمويل للمصارف".
في السابق كان البنك المركزي قد فعل ذلك على نطاق واسع من خلال سوق الريبو، حيث يتبادل المستخدمون ضمانات رهنية عالية الجودة مقابل النقد، أو من خلال تسهيل مقايضاتها، حيث تكون أسعار الفائدة متاحة للجمهور.
التحول إلى البورصة يثير مخاوف من أن البنك المركزي يمكن أن يخفض فعليا أسعار الفائدة المرجعية. ينظر محللون إلى ذلك على أنه مجازفة محفوفة بالمخاطر، بالنظر إلى أن التضخم لا يزال بالقرب من ضعف نسبة 5 في المائة المستهدفة، وبالنظر إلى سلسلة البنك المركزي الأخيرة من التخفيضات في أسعار الفائدة.
تحول تركيا إلى استخدام سوق المقايضات في بورصة إسطنبول يثير أيضا أسئلة جديدة حول المستوى الحقيقي لاحتياطيات العملات الأجنبية المتوافرة لدى البنك المركزي للدفاع عن الليرة وتخفيف عبء الديون الخارجية الكبير عن تركيا.
هالوك بورومجيكجي، مؤسس شركة بورومجيكجي للأبحاث والاستشارات -مقرها إسطنبول- الذي تحدى أويسال في اجتماع الخميس بشأن عدم الشفافية، قال: "نحن لا نعرف حجم هذه الصفقات. ولا نعرف سعر الفائدة المطبق على هذه الصفقات. هذه علامات استفهام".
كان الاقتصاديون والمحللون في حيرة في الأشهر الأخيرة بسبب الانخفاض الحاد في أحجام التمويل المقدمة للسوق من خلال القناة التقليدية المتمثلة في اتفاقيات إعادة الشراء قصيرة الأجل.
يوم الخميس، أكد أويسال الشكوك حول تحول البنك المركزي إلى البورصة بدلا من ذلك، قائلا إن القيمة الإجمالية المستحقة في سوق المقايضة في بورصة إسطنبول كانت تراوح بين 12 و13 مليار دولار. ولم يوضح ما هي حصة البنك المركزي من التمويل الكلي الذي يمثلها ذلك.
أثناء حديثه في لقاء البنك المركزي المعتاد حول تقرير التضخم سعى أويسال إلى تهدئة بعض المخاوف، قائلا إن استخدام المقايضات لتوفير التمويل للسوق كان "أداة تقليدية تستخدمها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم" وإن البنك كان صريحا بشأن هذه المسألة. وأشار إلى أن السعر المطبق على هذا التمويل القائم على المقايضات ينسجم مع السعر المرجعي للريبو لمدة أسبوع وهو 14 في المائة، لكنه لم يذكر تفاصيل دقيقة.
مسؤول تنفيذي في مصرف استثماري تركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أشار إلى عدم وضوح بشأن السعر الذي يقدم به البنك المركزي تمويل الليرة لأن الآليات التي يستخدمها البنك المركزي قد "تفككت".
تعرض البنك المركزي إلى انتقادات في وقت سابق من هذا العام بعد أن ذكرت "فاينانشيال تايمز" أن الدولارات التي اقترضها من خلال تسهيلات المقايضة الخاصة به كانت تساعد على إخفاء انخفاض في صافي الاحتياطيات وهو انخفاض يعتقد كثير من المستثمرين أنه ناتج عن تزويد المصارف الحكومية بالدولار، وهي بدورها تبيعه لدعم الليرة.
منذ آب (أغسطس) تلاشى استخدام هذا التسهيل بالكامل. لكن في الوقت الحالي من الواضح أن استخدام المقايضات استمر من خلال بورصة إسطنبول.
البيانات المحدودة المتاحة للجمهور حول سوق المقايضة في البورصة تجعل من الصعب على المستثمرين تقدير تأثيرها في احتياطيات البنك المركزي، التي ارتفعت بعد أن تراجعت إلى أدنى مستوياتها في آذار (مارس) 2019.
وفي حين ينشر البنك المركزي أرقاما أسبوعية عن صافي وإجمالي احتياطيات العملة الأجنبية، يتم نشر البيانات حول المقايضات قصيرة الأجل على أساس شهري، مع تأخر يستمر عدة أسابيع. أحدث البيانات -صدرت الأسبوع الماضي- تعود إلى 30 أيلول (سبتمبر) وأظهرت أن إجمالي المقايضات واجبة الدفع، استحقاق أقل من شهر واحد، يبلغ 12.5 مليار دولار.
قال محلل مقيم في لندن طلب عدم الكشف عن اسمه: "إذا استطعنا الحصول على معلومات في الوقت المناسب عن حجم هذه المقايضات، فيمكن معالجة القضايا المتعلقة بالمستوى الحقيقي للاحتياطيات بسهولة". وتابع: "لكن الأمر الآن ليس بهذه السهولة".
وبعد أن تعرض للضغط بشأن سبب تمويل السوق من خلال مقايضات، قال أويسال إن المصارف التركية كان لديها حاجة "هيكلية" إلى هذه الأدوات، مضيفا: "لا نريدهم أن يعتمدوا كليا على المصارف في الخارج".
أوجور جورس، معلق اقتصادي بارز ومسؤول سابق في البنك المركزي الذي أثار القضية في اجتماع يوم الخميس، يرى أن استخدام المقايضات يمكن أن يكون طريقة بارعة لمساعدة المصارف على الحصول على الليرة، الذي أصبح أمرا أكثر صعوبة منذ بدأت أنقرة جهودا للتصدي للمضاربين الأجانب.
مع ذلك، يعتقد جورس أيضا أن من الممكن أن يكون الهدف الآخر لهذه السياسة هو توفير العملات الأجنبية للمصارف المملوكة للدولة، لتمكينها من بيع الدولار لدعم الليرة ظاهريا. قال: "هناك آلية ضخمة أنشأها البنك المركزي للتدخل في سوق العملات. إنه يصطاد عصفورين بحجر واحد".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES