FINANCIAL TIMES

الجيل الخامس .. فرص كبيرة للصين داخل الوطن

الجيل الخامس .. فرص كبيرة للصين داخل الوطن

كثير من الغيوم تلقي بظلالها على توقعات الأسهم الصينية إلى درجة تصعب معها رؤية أي بصيص ضوء. لكن إذا بدأ الاضطراب الذي أحدثته الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ الاقتصاد الصيني في الانحسار، فسيكون لدى المستثمرين الحرية لمطاردة كثير من القصص الإيجابية.
إحدى هذه القصص هي اعتماد الصين السريع لمعدات اتصالات الجيل الخامس G5 التي يقول الخبراء إنها ستكون إيذانا ببداية عصر من الاتصالات فائقة السرعة وستؤدي إلى رقمنة كثير من مجالات الحياة.
صانعو السياسة الغربيون يركزون على مدى وصول الصين إلى شبكات الجيل الخامس في البلدان الأخرى، لكن بالنسبة للعديد من الشركات الصينية، هذا يتجاهل ما يحدث في الوطن. تقدر الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول GSMA، وهي هيئة تجارية في لندن لمشغلي شبكات الهواتف المحمولة، أنه بحلول عام 2025 قد يكون لدى الصين نحو 600 مليون مشترك في شبكة الجيل الخامس - أو نحو 40 في المائة من الإجمالي العالمي.
هذا التحول في البنية التحتية الرقمية للبلد سيكون له أثران كبيران في المستثمرين. أولا، إنشاء مثل هذه الشبكة سيكلف ثروة، ما يؤكد أنها ستكون نعمة على الشركات التي تزود الأجهزة.
ثانيا، من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى إنشاء شبكة هائلة من "إنترنت الأشياء"، حيث يتم تشغيل التصنيع، والهواتف الذكية، وإمدادات الكهرباء، وعدة وظائف أخرى من خلال شبكات اتصالات الجيل الخامس.
تقدم الصين كان أسرع من المتوقع. قال تشن تشاوشيونج، نائب وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في البلاد، هذا الشهر إن شركات الاتصالات ركبت 86 ألف محطة قاعدية لشبكة الجيل الخامس هذا العام - ما يتيح تغطية الشبكة لمدن مثل بكين وشانغهاي وجوانزو وهانجتشو. وبحلول نهاية هذا العام، من المتوقع أن يتجاوز العدد 130 ألفا.
مراقبو السوق يقولون إن كثيرا من الموردين، الذين يوفرون المكونات التي تسمح لهذه المحطات القاعدية بالعمل، لم يشهدوا بعد طفرة في الطلب. لكن هذا قد يكون على وشك أن يتغير.
جاري تشيونج، مدير الأبحاث في شركة هيتونج سيكيورتيز للسمسرة، كان يتحدث إلى صانعي المكونات. وهو يتوقع ارتفاع طلبيات معدات شبكة الجيل الخامس بنهاية الربع الرابع - ضاربا مثلا بشركة ما يسمى جهاز تكامل نظام الأتمتة، التي قالت إنها تتوقع عددا كبيرا من الطلبات خلال الفترة من كانون الأول (ديسمبر) إلى الربع الأول من العام المقبل.
وقال تشيونج: "كان من الممكن أن تصل الطلبات في وقت مبكر، لكن يبدو أن العملاء أخروا عمليات الشراء حتى اللحظة الأخيرة، لذلك نعتقد أنه لا يوجد مجال كبير لمزيد من التأخير".
من المحتمل أن يكون أحد المستفيدين من هذه الموجة المتوقعة من الطلبات هم صانعو ألواح الدوائر المطبوعة، التي يتم استخدامها في المحطات القاعدية لشبكة الجيل الخامس لاتاحة سرعات تنزيل أكبر. مواصفات هذا الجيل من ألواح الدوائر المطبوعة أكثر تطورا بكثير من مثيلاتها في شبكات اتصالات الجيل الرابع.
شركة مكفيجن Machvision، المدرجة في سوق الأسهم التايوانية، هي أكبر صانع في البلاد لأحدث تكنولوجيا لإنتاج لوائح الدوائر المطبوعة. وهي تستخدم ما يسمى الفحص البصري الآلي، الذي يسمح بفحص لوائح الدوائر المطبوعة بكل تفاصيلها الدقيقة من خلال "عين" آلية - بهدف إنشاء تكنولوجيا عالية الجودة وأكثر موثوقية. منافسو "مكفيجن" المدرجين في الولايات المتحدة يتضمنون شركتي "أوربوتيك" Orbotech و"رودولف" Rudolph.
ويرى تشيونج إمكانيات لشركة بريسيشن تسوجامي تشاينا Precision Tsugami China المدرجة في هونج كونج، التي فازت ببعض الطلبيات المرتبطة بشبكة الجيل الخامس في بداية هذا العام. "إس. تي ميكرو إلكترونكس" STMicroelectronics، مجموعة الإلكترونيات في سويسرا التي تتمتع برسملة سوقية 18.7 مليار يورو، طورت مجموعة من المنتجات لدعم شبكة الجيل الخامس .
أحد الأسباب الكامنة وراء التطبيق السريع للصين هو أن تكنولوجيا الجيل الخامس بشكل عام، تسمح بمستويات أعلى من الدقة في عملية التصنيع المبرمجة مسبقًا، وهو مجال تتخلف فيه الصين عن منافسيها مثل اليابان وألمانيا.
يقول تشيونج: "من وجهة نظر تكنولوجية صناعية، نعتقد أن الجيل الخامس أداة مهمة للصين لتطوير صناعتها واللحاق بركب الدول الصناعية الرائدة مثل اليابان وألمانيا". ويضيف: "تشير أبحاثنا إلى أن كثيرا من معدات الإنتاج القديمة لن تتمكن من التكيف مع متطلبات الدقة العالية لشبكة الجيل الخامس".
لكن التصنيع ليس بأي شكل من الأشكال هو المحرك الوحيد للطلب على معدات شبكة الجيل الخامس. الهواتف الذكية والأجهزة المتصلة الأخرى بدأت في الانتشار - ما أثار موجة من الاستعداد بين موردي المعدات.
شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة TSMC، أكبر تعاقدية لصناعة الرقائق في العالم، برسملة سوقية 7.6 تريليون دولار تايواني جديد (250 مليار دولار)، تقدم جدول أعمالها لإنتاج ضخم من الرقائق بدقة تصنيع خمسة نانومترات من أجل تلبية الطلب المتزايد، لا سيما من صانعي أجهزة الجيل الخامس . وأعربت "ميديا تيك" MediaTek، أكبر شركة مصممة للدوائر المتكاملة في تايوان، عن تفاؤلها بسوق الجيل التالي من الهواتف الذكية.
لا يزال من الممكن أن تخيب التكنولوجيا ظن المستثمرين، خاصة إذا كانت التكاليف المترتبة على تثبيت شبكات الجيل الخامس أكبر من العائد على المستخدمين. بالنظر إلى الضجة التي تبشر بوصولها - من خلال أوصاف مثل "النظام العصبي المركزي لاقتصاد القرن الـ21" و"ثورة الاتصالات التي تقدر بتريليونات الدولارات" - خيبة الأمل هي احتمال حقيقي.
مع ذلك، يمكن أن تصبح شبكة الجيل الخامس موضوعا مهما لسوق الأسهم في وقت مبكر من العام المقبل، إذا تم تأكيد توقعات وانج تشيجن، نائبة مدير الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات CAICT. تتوقع وانج أن يؤدي طرح شبكة الجيل الخامس و"إنترنت الأشياء" إلى دفع النمو في الاقتصاد الرقمي الصيني الذي تبلغ قيمته نحو 15.2 تريليون رنمبيني (2.1 تريليون دولار) بين عامي 2020 و2025. وعندما ينقشع الضباب الاقتصادي، سيصبح حجم الفرصة أكثر وضوحا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES