FINANCIAL TIMES

شركات الوساطة الإلكترونية تخوض حرب رسوم طاحنة

شركات الوساطة الإلكترونية تخوض حرب رسوم طاحنة

عندما ألغت شركة تشارلز شواب العمولات على تداول الأسهم الأمريكية هذا الشهر، وخفضت رسومها من 4.95 دولار إلى صفر، فتحت أمامها جبهة جديدة في حرب أسعار مضنية.
انخفض سهم "شواب" بمقدار العشر خلال اليوم، لكن منافساتها، اللاتي توافدن على عجل لمواكبة خطوة المجموعة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها، عانين أكثر حتى من "شواب". أسهم "تي دي أمريتريد" فقدت ربع قيمتها، وخسرت E*Trade ما نسبته 16 في المائة. وبحلول نهاية الأسبوع تم القضاء على مليارات الدولارات من القيمة الإجمالية للثلاثي.
قرار "شواب" - أكبر شركة وساطة أمريكية مدرجة على الإنترنت، ولديها أكثر من عشرة ملايين حساب نشط - إلغاء الرسوم على تداول الأسهم والصناديق والخيارات المدرجة في البورصة قد يكون قرارا ذكيا، مع مرور الوقت. لم تسبب الأذى لأقرب منافسها فحسب، الذين يستمدون حصة أكبر من إيراداتهم من عمولات التداول، لكنها وضعت أيضا تحديا مباشرا في وجه الشركات الناشئة التي لا تتلقى رسوما مثل "روبن هوود" Robinhood، وحيدة القرن الموجودة في وادي السيليكون، التي كانت تقضم من حصص الشركات الحالية.
لم تكن "شواب" تريد "الوقوع في الفخ الذي سقط فيه عدد لا يحصى من الشركات الأخرى في مجموعة متنوعة من الصناعات، والانتظار طويلا للرد على الوافدين الجدد"، كما قال بيتر كراوفورد، كبير الإداريين الماليين للشركة.
لكن المشكلة الرئيسية الآن أمام شركة شواب وغيرها هي كيفية حماية الهوامش. تأتي تخفيضات الرسوم من قبل الوسطاء عبر الإنترنت في وقت يواجهون فيه انخفاضا في الدخل نتيجة انخفاض أسعار الفائدة، وهو ما يستنزف الأموال التي يمكنهم جنيها من الأعمال الأساسية المتمثلة في الاحتفاظ بالنقد نيابة عن العملاء.
في الوقت نفسه، مصادر الدخل الأخرى تتعرض لضغوط لا هوادة فيها. عبر صناعة الخدمات المالية، حيث يصعب التمييز بين المنتجات السلعية، يحجم العملاء بشكل متزايد عن دفع المال مقابل أي شيء.
منصات إدارة الثروات، مثل "بترمنت" Betterment، تقدم إدارة محافظ منخفضة التكلفة على نحو يتيح للمستثمرين العاديين الوصول إلى الأسواق المالية مقابل 20 أو 30 سنتا فقط لكل 100 دولار يتم استثمارها. كانت خطوة "شواب" باتجاه العمولات الصفرية على جميع التعاملات إجراء تتجاوز "فانجارد"، عملاقة صناديق الاستثمار المشترك الذي يتولى إدارة 5.6 تريليون دولار من الأصول، التي أزالت العام الماضي رسوم التداول على 1800 من الصناديق المدرجة في البورصة، المعروضة على منصتها، وانضمت إلى مزودي خدمات مجانية آخرين بما فيهم "جيه بي مورجان تشيس" و"بانك أوف أمريكا ميريل لينش" و"إنترآكتف بروكرز" Interactive Brokers.
ليس لدى المحللين شك في أن ضغط الرسوم سيستمر. مثلا، فازت "سولت فاينانشيال" Salt Financial، التي تزود الصناديق المدرجة في البورصة، بموافقة الجهات التنظيمية في آذار (مارس) على صندوق ذي رسوم سالبة لمدة عام في الوقت الذي كانت فيه تتوسع في الحجم. قال سبنسر ميندلين، من شركة الأبحاث Aite Group: "يتقاضى الناس أجورهم لوضع أموالهم فيها، مثلما يحدث في حساب مصرفي"، مضيفا أنه لن يمضي وقت طويل قبل أن تمتد هذه الميزة إلى تداولات الأسهم. وتابع: "لن أفاجأ إذا استرد مستثمر التجزئة في السنوات العشر المقبلة بعض أمواله".
في الوقت الذي تحاول فيه تعويض الإيرادات التي تخلت عنها، تضاعف "شواب" الآن الخدمات الاستشارية وتوجيهات الاستثمار، مع زيادة حجمها في إدارة الأصول، من خلال عمليات الاستحواذ مثل صفقة بقيمة 1.8 مليار دولار في تموز (يوليو) لشراء "يو إس آيه آيه إنفيستمنت مانيجمينت" USAA Investment Management. الشركات الأخرى تعمل الآن على تقليل التكاليف. قال تيم هوكي، الرئيس التنفيذي لشركة تي دي أمريتريد، في مكالمة أرباح الأسبوع الماضي إنه جمع فريق القيادة العليا للشركة لمراجعة مبادراتها الاستراتيجية و"إعادة ترتيب أولوياتها في ضوء البيئة الجديدة".
الأسبوع الماضي أيضا قالت "تي دي أمريتريد" إنها ستحذف ما يصل إلى 7 في المائة من قاعدة التكلفة الخاصة بها. وأعلنت E*Trade عن خطط لخفض نفقاتها السنوية نحو خمسة ملايين دولار.
وقال مايكل بيززي، الرئيس التنفيذي لـ E*Trade ، للمحللين الأسبوع الماضي: "يمكن للأفراد الآن الوصول إلى الأسواق المالية دون أي احتكاك. مقدار القيمة المتاحة للعملاء غير عادي حقا".
ريتش ريبيتو، المحلل لدى "ساندلر أونيل" في نيويورك، قال بالنسبة لشركات السمسرة القائمة قد يكون للعالم بدون رسوم فوائد في نهاية المطاف. وأضاف: "لم نر كل الآثار اللاحقة لهذا. الناس قد يتداولون أكثر وقد تكون شركات السمسرة قادرة على التعويض عن الإيرادات المفقودة". مثلا، يمكن للوسطاء تلقي المدفوعات من صناع السوق مقابل توجيه التداولات إليهم.
يلاحظ محللون أن عمالقة السمسرة أثبتوا مهارتهم في حماية الأرباح في الماضي. بلغ متوسط الهوامش قبل الضرائب في "شواب" أكثر من 40 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية، حتى مع تصاعد الضغوط على الرسوم، ما يمثل زيادة مطردة على مدى السنوات الخمس الماضية.
لكن بالنسبة للوقت الحاضر، أسعار الأسهم تروي قصة غير مشجعة. حتى بعد انتعاش كبير عقب الانتقال إلى العمولات الصفرية، تظل الأسهم في "شواب" أدنى 30 في المائة عن مستواها العالي في أيار (مايو) 2018 – وهي فترة كسب فيها مؤشر إس آند بي 500 10 في المائة. وتراجعت كل من E*Trade و"تي دي أمريتريد" 40 في المائة تقريبا عن مستوياتها العالية التي سجلتها خلال الفترة نفسها.
قال هوكي، من "تي دي أمريتريد"، محاولا إضفاء نغمة إيجابية خلال المكالمة مع المحللين، إن شبح تخفيض الرسوم هو "سيف ديموقليس معلق فوق رؤوسنا".
وتابع: "نعم، كان الأمر مؤلما للغاية، ومقدار الإيرادات لم يكن إيجابيا على الإطلاق، لكنه أمر منعش في الواقع من حيث المحاولة الفعلية لفهم المجالات التي نستطيع فيها إيجاد القيمة للعملاء ومن ثم إمكانية تحصيل الرسوم من وراء ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES