FINANCIAL TIMES

أين النساء .. لماذا المصارف متخلفة عن الركب؟

أين النساء .. لماذا المصارف متخلفة عن الركب؟

أين النساء .. لماذا المصارف متخلفة عن الركب؟

عندما أكد "رويال بانك أوف اسكوتلند" الشهر الماضي أن أليسون روس ستكون الرئيسة التنفيذية التالية، كان أول رد فعل لي هو "أخيرا!". بمعنى أخيرا ستتاح لامرأة الفرصة لرئاسة أحد أكبر المصارف في المملكة المتحدة والعالم.
على الرغم من أن "رويال بانك أوف اسكوتلند" خرج من قائمة "المصارف ذات الأهمية النظامية على المستوى العالمي" في العام الماضي، إلا أن روس هي أول امرأة تشق طريقها لتصبح في منصب الرئيس التنفيذي لمصرف عالمي من هذا النوع. (تترأس آنا بوتن مجموعة سانتاندير الإسبانية منذ عام 2014، لكنها مثل ثلاثة أجيال من أسرتها قبلها، تشغل منصب الرئيس التنفيذي، مع وجود مدير تنفيذي تحت سلطتها).
مع ذلك، ما يهمني ليس فقط أن امرأة كسرت حاجزا آخر غير مرئي. بل أيضا أن القطاع يتنوع أخيرا إلى الحد الذي قد نتمكن فيه من معرفة ما إذا كانت إضافة النساء إلى الإدارة العليا ومجالس الإدارة ستحدث أي فرق.
بعد انهيار سلسلة كاملة من المصارف وأخذها الاقتصاد العالمي معها إلى الهاوية عام 2008، جادل بعض المنظمين ونقاد الصناعة بأن اتخاذ المخاطر المزود بهرمون الذكورة هو السبب في ذلك. نيلي كروس المفوضة السابقة لشؤون المنافسة في الاتحاد الأوروبي، وكريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي الجديدة، كانتا من بين آخرين أعربوا عن اعتقادهم علنا أن أزمة عام 2008 كان يمكن تجنبها لو أن المصرف الاستثماري "الأخوان ليمان" كان "الأخوات ليمان" بدلا من ذلك.
يتفق معظم قادة الصناعة على وجود قيمة في التنوع. يقول هوارد ديفيز، الذي يرأس "رويال بانك أوف اسكوتلند": "المواهب موزعة بالتساوي إلى حد ما حسب الجنس، لذا إذا كانت المراكز العليا تميل بشكل كبير لجنس معين، فربما لن تحصل على مزيج المواهب المثالي".
لكنه يضيف بما أنه درس مواد في إدارة المخاطر، فإنه يعرف أن "الأدلة في هذا المجال ضعيفة للغاية". ويمكن معالجة ذلك "من خلال تحليل اللجان المعنية بالمخاطر - أعتقد أن هذا سيكون أمرا جيدا للغاية".
مع ذلك، من الصعب إيجاد أكثر من مجرد علاقة ضعيفة بين التنوع الجنسي (الجندري)، والأداء الجيد، والإدارة الرشيدة. دراسة معروفة لـ"ماكينزي" وجدت أن الشركات ذات القيادة الأكثر تنوعا تميل إلى الحصول على هوامش ربح أعلى، لكنها لم تركز بشكل محدد على التمويل. يشير المتشككون على نحو صائب إلى أن العلاقة ليست سببية - فقد يكون الأمر أن الشركات الجيدة لديها بالفعل القدرة على تخصيص برامج للتنوع.
دراسة نشرت عام 2008 في مجلة "التطور والسلوك الإنساني" Evolution and Human Behavior، وجدت أن هناك علاقة قوية بين المستويات العالية من هرمون الذكورة واتخاذ المخاطر المالية. دراسة أخرى في العام نفسه اختبرت لعاب المتداولين لمعرفة مستوى الهرمون ووجدت أنهم كسبوا مزيدا من المال عندما كانت لديهم مستويات أعلى من الهرمون، وخلصت إلى أن النتائج كانت مرتبطة بزيادة درجة تحمل المخاطر وانعدام الخوف.
أخيرا، دراسة أجرتها في عام 2017 إليزابيث شيدي، من جامعة ماكواري في أستراليا، ألقت بظلال من الشك على النظرية كلها. أظهرت استبيانات تضمنت سؤال 36 ألف موظف في عشرة مصارف عن سلوكهم في إدارة المخاطر أن النساء والرجال في المستويات العليا لديهم مستويات مماثلة من تحمل المخاطر وأنهم أداروا المخاطر بطرق مماثلة. في الواقع، كان العمر أكثر أهمية من الجنس، إذ أبدى الأكبر سنا من العاملين استعدادا أكبر للتشكيك في الممارسات التي قد تؤدي إلى نتائج سيئة.
هناك دليل على أن المصارف تحقق نتائج جيدة على المدى الطويل عندما تكون لديها مجالس إدارة أصغر تضم أعضاء لديهم خبرة في القطاع المالي ولديهم استعداد أكبر لتحدي الإدارة. لكن بالنظر إلى الفجوة بين الجنسين في المراكز العليا في التمويل حتى الآن، فإن هذا ليس في حد ذاته سببا قويا لوضع مزيد من النساء في مراكز المسؤولية.
لم يدر أي من المصارف الأمريكية الثمانية ذات الأهمية النظامية عالميا من قبل بواسطة امرأة. في أوروبا، رفعت روس عدد الإناث ضمن الرؤساء التنفيذيين الذين يديرون حاليا أكبر 25 مصرفا في أوروبا إلى ثلاث - تم تعيين كارينا أكيرستروم لإدارة "سفنسكا هندلسبانكن" Svenska Handelsbanken السويدي في وقت سابق من هذا العام، وتولت كيرستين براثن إدارة "دي إن بي" DNB، أكبر مجموعة للخدمات المالية في النرويج، في أيلول (سبتمبر).
من الواضح أيضا أن اثنين من كروموسومات إكس X chromosomes (توجد في الثدييات بواقع اثنين في خلايا الأنثى وواحد في خلايا الذكر) ليسا وسيلة تصحيح كاملة. في عام 2016 كان "سويدبانك"، أقدم مصرف في السويد، أحد أوائل المصارف الأوروبية التي عينت رئيسة تنفيذية. لكن بيرجيت بونسين أصبحت متورطة في فضيحة غسل أموال تتعلق بـ135 مليار يورو، ما أدى إلى إقصائها في آذار (مارس).
مع ذلك، يؤكد تعيين روس أننا قد نصل الآن إلى النقطة التي ستكون فيها البيانات كافية لتجاوز دراسات وقصص اللعاب. اتخذ عدد متزايد من البلدان أهدافا طوعية، أو حتى حصصا معينة للنساء في مجالس الإدارة. ومع أن المصارف متخلفة عن كثير من القطاعات الأخرى، إلا أن التغير بدأ يتسرب إلى القطاع.
وجدت دراسة أجرتها كلية الحقوق في جامعة هارفارد قبل ترقية أكيرستروم وروز، أن ثلث أعضاء مجلس الإدارة في أكبر 25 مصرفا في أوروبا كانوا من النساء، مقابل 15 في المائة قبل الأزمة المالية. وخلص مؤلفا الدراسة، ليزا أندرسون وستيلبون نيستور، إلى وجود تقدم، وإن كان أبطأ، في الجانب التنفيذي: 13 في المائة من أعضاء الإدارة العليا كانوا من النساء، ارتفاعا من 9 في المائة قبل الأزمة.
هذا يشير إلى أنه يمكننا البدء في إجراء مقارنات ذات مغزى بين المصارف التي لديها أعداد كبيرة من القيادات النسائية وتلك التي لا تملك ذلك. دعونا نكتشف ما إذا كانت لجان المخاطر والتعويضات تعمل بشكل مختلف.
يجب أن تكشف مذكرات مجلس الإدارة ما إذا كانت النساء أكثر أو أقل احتمالا لتحدي الإدارة. كذلك يجب أن نكون قادرين على ربط هذه النتائج بأداء المصارف على المدى الطويل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES