FINANCIAL TIMES

3 محاور تحدد مشهد العقارات عشية العقد الثالث من الألفية

 3 محاور تحدد مشهد العقارات عشية العقد الثالث من الألفية

 3 محاور تحدد مشهد العقارات عشية العقد الثالث من الألفية

كيف ستتغير أسواق العقارات في العقد الثالث من القرن الحالي؟ في الأسبوع الماضي، ركزنا على تأثير التغير المناخي، وتزايد هيكلة أصول الإسكان المملوكة للدولة في صورة شركات، وصعود البناء على شكل وحدات مستقلة ضمن كيان واحد.
ننظر الآن إلى ثلاثة اتجاهات أخرى ستشكل المشهد العام الكبير للعقارات، خلال الأعوام العشرة المقبلة.

الإسكان ليس رهانا آمنا للمستثمرين
منذ ستة أشهر يحاول صني ميهات بيع شقته المكونة من غرفتي نوم في فانكوفر، لم يكن الأمر سهلا.
في عام 2016، ارتفعت الأسعار في المدينة الكندية بنسبة 30 في المائة، لكنها الآن قصة مختلفة.
في العام الماضي انخفضت الأسعار بأكثر من 7 في المائة، وفقا لمجلس العقارات في فانكوفر الكبرى.
يقول مدير تكنولوجيا المعلومات البالغ من العمر 41 عاما: "كان لدينا كثير من الاهتمام ببيعها لكن لم يقرر أحد الشراء".
ميهات عمد إلى تخفيض السعر مرتين، لكنه ما زال يحصل على عروض أدنى بكثير من السعر الذي يرغب فيه، وهي عروض لا يرغب في قبولها.
إذا لم يتلق عرضا مقبولا في الشهر التالي، فسيمضي إلى تأجير الشقة على أمل أن ترتفع الأسعار مرة أخرى.
قد يكون انتظار ميهات لفترة طويلة في العقد الماضي أدت أسعار الفائدة المنخفضة والتيسير النسبي الذي به تمكنت الثروة من الانتقال عبر الحدود، إلى تغيير طبيعة أسواق العقارات في مدن مثل فانكوفر ولندن ونيويورك وسيدني.
كانت أسعار المنازل مبالغا فيها وتم بناء المنازل الفاخرة بوتيرة سريعة، لكن السكان كانوا يعانون من أجل تحمل الأسعار المرتفعة.
الآن، يقاوم عديد من السلطات ذلك الاتجاه، من خلال التغييرات الضريبية والسياسة للحد من الطلب.
في فانكوفر على سبيل المثال فرض المشرعون في المقاطعة ضريبة بنسبة 15 في المائة على المشترين الأجانب عام 2016، وارتفعت منذ ذلك الحين إلى 20 في المائة.
مع انخفاض الأسعار، يعيد المستثمرون التفكير في محافظهم الاستثمارية.
يقول نيل هدسون، محلل سوق العقارات في بريطانيا: "العقارات الآن ليست آمنة كما كانت في السابق".
وتقول يولاندي بارنز، رئيسة كلية بارتليت العقارية في جامعة كوليدج لندن: "وصلنا إلى نهاية عصر نمو قيمة رأس المال".
وتقول إنه مع انخفاض أسعار الفائدة، لا يمكن لأسعار المنازل أن ترتفع إلا بالتضخم أو إذا زادت عوائد الإيجار.
يقول ليام بيلي رئيس الأبحاث العالمية في شركة نايت فرانك إن المستثمرين أخذوا في البحث عن عوائد مستقرة.
ويضيف: "هناك مجموعة متزايدة من الناس حول العالم الذين يريدون محافظ استثمارية ذات مخاطر متنوعة حسب الجغرافيا والقطاع".
على مدار العشرة أعوام المقبلة يتوقع هدسون انخفاض نمو رأس المال وزيادة باهتة في الأجور في بريطانيا.
الأشخاص الذين هم في العشرينات أو الثلاثينات من أعمارهم الذين يشترون شققا مؤلفة من غرفتي نوم لن يتمكنوا من الترقية لشراء المنازل كما فعلت الأجيال السابقة. نمو الأسعار سيكون واهنا لكن القدرة على تحمل التكاليف ستبقى مشكلة بالنسبة إلى كثيرين.
يقول بارنز: "لا تزال قضايا القدرة على تحمل التكاليف تتصدر جدول أعمال لندن ومدن عالمية أخرى".
بالنسبة إلى المستأجرين يمكن أن تشهد العشرة أعوام المقبلة تطبيق مزيدا من ضوابط الإيجار.
المشرعون في باريس أدخلوا مثل هذه الإجراءات هذا العام في لندن، يضغط العمدة صادق خان من أجل الحصول على صلاحيات بالتوكيل لإدارة سوق الإيجار المحمومة في لندن.
متوسط الإيجار منزل بغرفة نوم واحدة أكثر من متوسط استئجار منزل من ثلاث غرف نوم في كل منطقة أخرى من إنجلترا.
بالنسبة إلى هايدي ليرنر، كبيرة الاقتصاديين عن الولايات المتحدة لدى شركة سافيلز، فإن مصدر القلق الأكبر هو القيود المفروضة على تدفقات رأس المال عبر الحدود كتلك التي تفرضها الصين على رأس المال الخارجي.
وتقول إن البيت الأبيض يفكر في الحد من الاستثمارات المالية بين الولايات المتحدة والصين.
"هذا يمكن أن يكون ضارا على العقارات بشكل عام" على حد قولها.
وتقول: "استفاد عدد كبير من المدن مثل فانكوفر ونيويورك من رأس المال الخارج من الصين. أي قيود على هذه الأنواع من التدفقات سيكون لها تأثير سلبي في الأسواق السكنية".

التكنولوجيا تغير كل شيء
عندما تم إطلاق دليل على الإنترنت باسم إيزي بروبرتي عام 2015، نظمت مسيرة جنازة وهمية عبر شوارع لندن لإعلان وفاة سمسار العقارات التقليدي في السوق الرئيسة.
حيلة الدعاية المذكورة التي لم تكن في محلها أتت بنتائج عكسية. في بريطانيا، انهارت شركة إيموف للسمسرة عبر الإنترنت، العام الماضي، في حين أن شركة أخرى تدير نموذجا خاليا من الفروع مع سمسارة لحسابهم الخاص، خرجت من السوق الأمريكية. وفقا لتقرير صادر عن محللي شركة تونتي سي، فإن الحصة السوقية للسماسرة عبر الإنترنت والسماسرة الذين يعملون على الأرض وعبر الإنترنت، تحوم حول 7 في المائة منذ عدة أعوام وفي الوقت نفسه، نجا السماسرة التقليديون من العقد.
التكنولوجيا تحول سوق العقارات العالمية بطرق مختلفة. الاستثمار فيما يسمى شركات تكنولوجيا العقارات مزدهرا، حيث بلغ في الإجمالي نحو 20 مليار دولار عام 2018، بزيادة قدرها 38 في المائة عام 2017، وفقا لشركة فنتشرز سكانر وهي لأبحاث السوق.
على سبيل المثال عام 2018، استثمر صندوق فيجين من شركة سوفت بنك مبلغا قدره 865 مليون دولار في شركة كاتيرا لتشغيل تكنولوجيا البناء، إضافة إلى شركتين أخرتين في السوق عبر الإنترنت، وهما ناشئتان تشتريان المنازل من أجل بيعها مقابل ربح.
تقول كليليا واربرج بيترز رئيسة شركة واربورج ريليتي ومؤسسة مشاركة لشركة ميتابروب، وهي مجموعة رؤوس أموال في مجال تكنولوجيا الملكية في نيويورك: "الأشهر الـ12 الماضية كانت تبدو كأنها نقطة تحول من حيث حجم التمويل ونوعية وتنوع الشركات التي نشهدها".
على الرغم أنها لم تعد مرتبطة بشركة ميتابروب، إلا أنها لا تزال مستثمرة في شركات تكنولوجيا العقارات في الولايات المتحدة.
تقول واربرج بيترز إن شركات تكنولوجيا العقارات ستتبع نمطا مشابها لشركات التكنولوجيا المالية على مدار العقد المقبل، وستنتشر إلى ما وراء مبيعات العقارات إلى البناء وإدارة العقارات والتأجير.
وهي تتنبأ بأن المستأجرين سينتقلون عن عقود الإيجار طويلة الأجل باتجاه نهج هجين يجمع بين المنازل والاستضافة، حيث ينتقلون بسرعة من منزل مؤجر مفروش ومدار بشكل احترافي إلى آخر، مسترشدين بالتكنولوجيا.
وتقول: "ستكون مثل شركة إيربنب".
كيفية شراء وبيع وتمويل منازلنا ستكون عرضة للمراجعة من قبل الشركات الناشئة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة.
توفر شركة واي هوم في بريطانيا على سبيل المثال، جسرا بين المستثمرين الأفراد ومستثمري المؤسسات، حيث تتم مشاركة ملكية المنازل في البداية وتتيح عملية شراء تدريجية بمرور الوقت.
يودِع المشترون ما لا يقل عن 5 في المائة وشركاء تمويل الشركة في زيادة 95 في المائة المتبقية. بعد الانتقال، يتم تعيين الإيجار لجزء من المنزل غير مملوك، ويمكن للمشترين شراء ما تبقى من المنزل مع مرور الوقت تدريجيا أو بمبلغ مقطوع.
في الولايات المتحدة، تسمح شركة بوينت الناشئة مثل أصحاب المنازل بالاستفادة من ثرواتهم المنزلية، من خلال نموذج لتقاسم حقوق الملكية. تعرض شركة بوينت شراء حصة تراوح عادة بين 5 و15 في المائة من قيمة المنزل مقابل مبلغ القرض المتفق عليه (مقابل رسوم).
ستجني الأموال إذا ارتفعت قيمة المنزل على مدار فترة الاستثمار، ويدفع صاحب المنزل له حصة من الزيادة الإجمالية التي قد تكون في نهاية المطاف مبلغا كبيرا. إذا لم يحدث ذلك، يحصل المالك على قرض لمدة عشرة أعوام دون فوائد.
بالنسبة إلى المستثمرين، أصبح "رمز الملكية" وسيلة جديدة لتنويع المحافظ. باستخدام تقنية سلسلة التكتل، يمكن لمالكي العقارات إصدار الرموز التي تمثل كمية معينة من الأسهم في أصولهم.
يمكن للمستثمرين شراؤها، ليصبحوا مالكين جزئيين معرضين لارتفاع أسعارها. تعمل هذه التقنية منذ فترة في الولايات المتحدة، حيث تم إطلاق أول مشروع رئيس في مانهاتن في الخريف الماضي، تبلغ قيمته أكثر من 30 مليون دولار على سلسلة تكتل إيثيريوم.
في أوروبا، أطلقت شركة ألمانية ناشئة أول ملكية لأوروبا هذا العام، ومقرها فيسبادن وتبلغ قيمتها مليوني يورو.

نهاية مناطق التقاعد لكبار السن
قد تكون قرى التقاعد الناعسة في المناطق الريفية النائية، حيث نادرا ما يقل متوسط العمر عن 70 عاما، في طريقها إلى الانتهاء.
يفترض النموذج الجديد للتقاعد أن يعيش كبار السن المقيمون إلى جانب أي شخص آخر، وغالبا في المدن، وسيركز على الحفاظ على العلاقات مع جيرانهم.
يقول مالكولم جونسون، أستاذ فخري في الصحة والسياسة الاجتماعية في جامعة باث: "نحتاج إلى نموذج جديد لحياة التقاعد. لا يجوز أن نعزل كبار السن في مناطق مخصصة لكبار السن وإنما ينبغي أن ننقلهم إلى بيئة محفزة".
جونسون إخصائي الشيخوخة الذي كان جزءا من فريق من الخبراء العاملين في البرنامج التلفزيوني التجريبي للقناة 4، حيث كان يتم إحضار مجموعة من الأطفال في سن الحضانة إلى مجتمع التقاعد.
وأظهرت الاختبارات التي أجريت على السكان تحسنا في صحاتهم البدنية والعقلية بعد المشاركة في التجربة.
ستتغير التركيبة السكانية في بريطانيا على مدى العشرة أعوام المقبلة. بحلول عام 2032، تتنبأ الإحصاءات الرسمية بأنه ستكون هناك زيادة بنسبة 26 في المائة في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما، وزيادة بنسبة 55 في المائة في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 85 عاما."نحن غير مستعدين نهائيا لهذا"، كما يقول فيلبيليس، رئيس معيشة كبار السن لدى شركة ليجال آند جنرال.
مثل الآخرين، يجادل بأن التركيز يجب أن يكون على إبقاء الناس منخرطين ونشطين اجتماعيا وعقليا.
يقول جونسون: "يعيش الناس في هذه الأيام في مؤسسات تتألف من شخص واحد، ويتراجعون من خلال قلة الاتصال الإنساني".
ويصف رعاية المسنين في بريطانيا بأنها تشبه طريقة علاج المرض العقلي في القرن الـ19.
ويقول إن السويد وهولندا رائدتان في مجال رعاية المسنين المجتمعية، حيث تعمل مثل هذه المخططات منذ أعوام.
ويقول: "ما يفعلونه لا يتسم بالكمال، لكنهم يحملون الشعلة لما يمكنك القيام به".
هذه الأفكار وتدابير البناء الذكية، مثل تكييف البيئات المنزلية لمتطلبات الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، يمكن أن تساعد على تخفيف الضغط على خدمات الصحة العامة.

تحرير العلاقة بين المنزل والمسكن
في مناطق أخرى أنشأت شركة وجامعة لافبره عرضا لمنزل مناسب للمصابين بالخرف، حيث تم تعديل 100 متر مربع من منزل يعود إلى العصر الفكتوري، من أجل رعاية أنماط ومراحل مختلفة من المرض.
"كوهاب" وهي شركة جديدة للمعيشة المشتركة بين الأجيال في بريطانيا، تبني المنازل كي يعيش الصغار والكبار معا في المكان نفسه.
جاستن سي، مؤسسس شركة كوهاب، يصف ذلك بأنه محاولة "لإعادة إنشاء مجتمعات محلية طبيعية".
استلهم الفكرة من مرفق هولندي للرعاية طويلة الأجل لكبار السن، حين يشغل الطلاب الغرف الشاغرة مقابل قضاء بعض الوقت مع المقيمين من كبار السن.
هاري تير براك، الذي يبلغ من العمر 91 سنة، ضمن هؤلاء. ويقول: "أكثر ما أحبه هو مدى نطاق الأعمار في هذا المسكن. وحقيقة أن هناك طلابا يعيشون معنا. العيش مع الطلاب يبقيني شابا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES