FINANCIAL TIMES

«مودي كير» يؤمن العلاج لـ 500 مليون فقير في الهند

«مودي كير» يؤمن العلاج لـ 500 مليون فقير في الهند

نصح الأطباء في عام 2015 راجيندرا براساد سينج المزارع الهندي، بإجراء عملية جراحية عاجلة لاستبدال الركبة، لإنهاء ألمه المستمر والتأكد من استعادة قدرته على الحركة.
بيد أن ثمن إجراء عملية جراحية من تلك الشاكلة البالغ 250 ألف روبية (3500 دولار)، كان باهظا بالنسبة إلى عائلة الرجل، التي كانت بالكاد تعيش في مساحة أرض تقل عن فدان واحد، في ولاية بيهار الريفية.
عندما واجه الرجل حقيقة التكلفة الباهظة للرعاية الطبية، حاول ببساطة الاستغناء عنها مثل عديد من الهنود الفقراء.
ونتيجة لذلك، تدهورت حالته إلى درجة أن أصبح طريح الفراش، بل وملازما له على الدوام.
على أن الرجل بات اليوم قادرا على استبدال، ليس ركبة واحدة فحسب، بل أيضا إلى استبدال الاثنتين، معا. إضافة إلى ذلك، سيتاح له كذلك إجراء جراحة في الفخذين، لاستعادة حركته.
وتقول رينا ديفي، زوجة ابن سينج: "لو كان بإمكاننا تحمل تكاليف إجراء العملية على الفور، فلربما لم يكن صهري بحاجة إلى إجراء مزيد من العمليات الجراحية".
على أن الرجل السبعيني، بات أخيرا في معهد عموم الهند All India للعلوم الطبية في نيودلهي، حيث يجري العمليات التي يحتاج إليها. إنه من أوائل المستفيدين من برنامج طموح جديد للتأمين الصحي، يهدف إلى ضمان حصول الأسر الضعيفة اقتصاديا مثل أسرته على الرعاية الطبية، التي تحتاج إليها دون إعادتهم إلى الفقر.
أطلقت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي برنامج أيوشمان بهارات "الهند المعافاة" كرد فعل لعدم المساواة الناجمة عن نظام رعاية صحية عامة، يعاني نقصا شديدا في التمويل.
يقول اندو بوشان، الرئيس التنفيذي لهيئة الصحة الوطنية الجديدة، التي تدير البرنامج الذي أطلق عليه اسم "مودي كير": "نحن في وقت تبدو فيه الهند جادة بشأن القطاع الصحي".
وأضاف: "هناك زخم، والطلب على خدمات الرعاية الصحية سيزداد كثيرا. يريد الناس مزيدا من الرعاية الصحية بشكل عام. المعادلة واضحة، فعندما ترتفع الدخول بنسبة 1 في المائة، يزداد الطلب على الخدمات بأكثر من 1 في المائة".
من الناحية النظرية، تم تكليف شبكة المستشفيات العامة في الهند بتوفير علاج مجاني للفقراء، على الدوام.
على أن تلك المرافق التي تعاني نقص الموظفين والأجهزة، وتفتقر إلى القدرة على إدارة أعداد هائلة من المرضى، قد عانت في الواقع الأمرين.
ونتيجة لذلك، اضطر كثير من الهنود الفقراء إلى البحث عن العلاج في مستشفيات خاصة باهظة التكاليف، ما يدفع الأسر إلى السقوط في فخ الديون بشكل كبير، أو ببساطة العودة من دون رعاية.
وقدرت الدراسات في السابق أن نحو 60 مليون هندي يتعرضون للفقر كل عام، بسبب الإنفاق الصحي "الكارثي"، وأن نحو 70 في المائة من إجمالي الإنفاق على الرعاية الصحية في البلاد، كان يؤخذ مباشرة من جيوب المرضى وعائلاتهم. وهكذا تجاوزت المضاعفات المريض الذي يعاني.
يقول بوشان: "يعاني جميع أفراد الأسرة بمجرد إصابة أحدهم بمرض ما".
مع نظام التأمين الصحي الجديد، الذي يعمل عبر شركات خاصة، تحصل أفقر أسر الهند على تغطية تصل إلى 500 ألف روبية لكل أسرة في العام.
وهذا يعني أن نحو 500 مليون شخص مؤهل للحصول على علاج مجاني في المستشفيات العامة أو الخاصة.
تبلغ التكلفة التي تتحملها الحكومة لكل أسرة نحو 1052 روبية، منها 60 في المائة تتحملها الحكومة المركزية في الهند، والباقي تتحمله موازنات الولايات المشاركة في البرنامج الصحي.
يقول بوشان، الحاصل على درجة الدكتوراه في علم اقتصاد الصحة: "طوال الـ70 عاما الماضية، كنا نركز على جانب العرض وبناء المستشفيات العامة".
وأضاف: "على أن توفير الخدمات عبر القطاع العام قد لا يكون عادلا. إنه يعمل بصورة مرهقة جدا، وقد لا يحصل الناس على الخدمات. أما هذا البرنامج فإنه تمويل من جانب الطلب، يفتح الباب أمام الناس للذهاب إلى المستشفيات العامة".
في العام الذي بدأ فيه البرنامج، غطى نحو خمسة ملايين حالة من حالات الدخول إلى المستشفيات، للمرضى الذين يعانون مختلف الأمراض التي تراوح بين مشكلات القلب والسرطان إلى مشكلات المسالك البولية.
يتم توفير هذه الرعاية، التي تبلغ قيمتها أكثر من 1.1 مليار دولار، من خلال نحو 18 ألف مستشفى معتمد – نصفها مستشفيات عامة والنصف الآخر مستشفيات خاصة.
وقال مودي في اجتماع للاحتفال بمرور عام على البرنامج: "إذا تم الحفاظ على أرض أي شخص أو منزله أو مجوهراته أو أي أمور أخرى، من التعرض للبيع أو الرهن لتغطية نفقات علاج أي مرض، يمكن اعتبار أيوشمان نجاحا كبيرا".
بينما تتطلع السلطات إلى الأمام، ما زالت هناك تحديات ضخمة.
في المدن الصغيرة والمناطق الريفية، ما زال هناك نقص في عدد الأطباء المدربين تدريبا جيدا، وكذلك هناك معاناة غياب البنية التحتية ذات الجودة للرعاية الصحية، على الرغم من أن السلطات تأمل في أن قدرة المرضى على الدفع، ستشجع الاستثمار في إرساء بنية تحتية جديدة للرعاية الصحية على المدى الطويل.
في الوقت الحالي، ما زال يتعين على المرضى السفر لمسافات طويلة طلبا للعلاج.
يعد تطوير أساليب قوية للكشف عن الاحتيال تحديا آخر، بالنظر إلى كيفية تأثير الجهود المبذولة في التحايل على النظام ذي التكاليف طويلة الأجل.
وتقول السلطات إنها تتبع أسلوب عدم التسامح، وإن أي مستشفى يتورط في محاولة ممارسة التحايل، سيتم إدراجه على القائمة السوداء فورا.
في تلك الأثناء، وفي بلاد شاسعة ذات معدلات أمية مرتفعة، ما زال عديد من الهنود الفقراء لا يعلمون أنهم مؤهلون لهذا البرنامج، أو كيفية الاستفادة من مزاياه، على الرغم من جهود التوعية المختلفة.
وفي حين أن بعض المرضى يذهبون إلى المستشفيات العامة المشاركة، ويعلمون أنه بإمكانهم تلقي علاج مجاني، فإن هناك آخرين لا يحصلون على الرعاية التي يحتاجون إليها، أو ينتهي بهم الأمر إلى الدفع مقابل الخدمة في المستشفيات غير المشاركة.
يقول بوشان: "توعية الناس كي يصبحوا على دراية بأنهم مؤهلون لتلك الخدمة مجانا، عمل مستمر". وأضاف: "لقد كان ذلك دائما تحديا ولا يزال".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES