FINANCIAL TIMES

تغريدة تهدد بزنس «السلة الأمريكية»في سوق الصين

تغريدة تهدد بزنس «السلة الأمريكية»في سوق الصين

تغريدة تهدد بزنس «السلة الأمريكية»في سوق الصين

تغريدة تهدد بزنس «السلة الأمريكية»في سوق الصين

كل ما تطلبه الأمر كان تغريدة واحدة. حتى عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كانت الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية، الامتياز الرياضي الذي استطاع دخول الصين.
بعد عقود من التودد المدروس للمشجعين والمسؤولين الصينيين، نجحت الرابطة الوطنية لكرة القدم، المنافسة الدولية الأكثر شعبية في الصين، في التفوق حتى على الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، في ظل 490 مليون مشاهد عبر الإنترنت في الموسم الماضي.
في مساء يوم الجمعة الماضي، كان داريل موري، المدير العام لفريق هيوستن روكيتس، يجلس في غرفة في أحد الفنادق في طوكيو، عندما غرد مع صورة كتب عليها: "قفوا مع هونج كونج".
صيحات الغضب والاحتجاج من بكين تهدد الآن بتقويض أعمال الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية في الصين، التي تقدر بنحو أربعة مليارات دولار.
في غضون أيام، قامت الجهات الراعية وشبكات البث والرابطة الصينية لكرة السلة بتعليق العلاقات مع فريق روكيتس.
شبكة البث الحكومية الصينية سي سي تي في CCTV ومجموعة تنسنت، شركتا التوزيع للدوري في الصين، قالتا إنهما لن تبثا مباراتي ما قبل الموسم بين لوس أنجلوس ليكرز، وبروكلين نيتس، ما أثار المخاوف بين المشجعين، من أنه سيتم إلغاء بث المباريات بالكامل.
خلال الأسبوع الماضي، وجدت الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية نفسها في مركز المنافسة المتنامية بين الولايات المتحدة والصين.
يأتي الخلاف في لحظة حاسمة في حربهما التجارية – نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي كان في واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات، بما في ذلك مع الرئيس دونالد ترمب – في الوقت الذي تحولت فيه الاحتجاجات المناهضة للحكومة في هونج كونج إلى تمرد مفتوح ضد بكين.
الأكثر أهمية من ذلك كله، هو أن الغضب يسلط الضوء على المنافسة حول أي من القوتين العظيمتين ستعمل على تشكيل القيم.
خلال معظم العقدين الماضيين، توقع كثير من السياسيين والمفكرين الأمريكيين أن الإنترنت سيكون بمنزلة قوة لا يمكن وقفها، وأن من شأنها تقويض قدرة الحزب الشيوعي الصيني على تشغيل نظامه السياسي الاستبدادي.
مع ذلك، فإن الانتقاد العنيف لموري هو المثال الأكثر وضوحا حتى الآن لهجوم بكين المضاد، حيث تحاول استخدام جاذبية سوقها الضخمة لإجبار الأمريكيين على فرض رقابة ذاتية على تصريحاتهم على الإنترنت بشأن الصين.
قالت شبكة البث الرسمية الصينية عن تغريدة موري: "نعتقد أن أي تصريحات تتحدى السياسة الوطنية والاستقرار الاجتماعي، لا تدخل في نطاق حرية التعبير".
المواجهة أيضا مذهلة بسبب حقيقة أن الرابطة الوطنية لكرة السلة لم تتراجع تماما. معظم الشركات الأمريكية التي واجهت هذا النوع من تكتيكات الضغط من الصين أصدرت اعتذارات بسرعة.
بعد الاضطراب الأولي – رد الرابطة الوطنية لكرة السلة الأول وصف تصريحاته بأنها "مؤسفة" باللغة الإنجليزية، و"مخيبة جدا للآمال" باللغة الصينية – قال المفوض آدم سيلفر إن موري يتمتع بحق حرية التعبير.
وعلى الرغم من التهديدات، إلا أن المباراة الودية الأولى يوم الخميس الماضي، تمت في ملعب مليء بالمشجعين المتحمسين.

اتفاق جنتلمان
الوصول إلى شرائح الثقافة الأمريكية جزء من الاتفاقية غير الرسمية "اتفاق جنتلمان"، أبرمها الحزب الشيوعي مع الطبقة المتوسطة الحضرية الصاعدة.
يقول جيمس ماكريجور، رئيس مجلس إدارة مجموعة أبكو الاستشارية العالمية المسؤول عن منطقة الصين العظمى: "عادة ما يتعين على الشركة أن تفعل أي شيء في وسعها للتغلب على فضيحة كهذه، لكن الرابطة الوطنية لكرة السلة لديها قدر كبير من القوة المؤثرة في الصين. إذا حظرت الحكومة فعلا الرابطة الوطنية لكرة السلة، فسيكون لديك مئات الملايين من الشباب الغاضبين في الشوارع".
في الوقت الذي كانت فيه بكين الحازمة تلقي بثقلها، وجدت الشركات التي لديها عمليات في هونج كونج نفسها تتعرض لضغط إضافي، لإظهار الجانب الذي تتخذه في الاحتجاجات.
في أيلول (سبتمبر) الماضي، أفادت صحيفة فاينانشيال تايمز أنه طلب من شركة وساطة مالية من قبل شركتها الأم، أي بنك سيتيك سيكيوريتيز للاستثمار الصيني المملوك للحكومة، مراجعة إيجارها للمكاتب المملوكة لمجموعة سواير.
جاء ذلك بعد ضغوط على شركة كاثاي باسيفيك، وهي شركة تابعة لمجموعة سواير، لاتخاذ إجراء بعد اعتقال طيار في أحد الاحتجاجات في تموز (يوليو) الماضي. الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة في شركة كاثاي غادرا شركة الطيران بسبب تداعيات الحادثة.
يقول فريزر هاوي، الخبير في الشؤون المالية الصينية: "هناك كثير من الإحباط والغضب في هونج كونج، لدرجة أنك لست مضطرا إلى الذهاب بعيدا للعثور على مجالات، يصبح بإمكان الصين الهجوم فيها. لا بد أن تكون الشركات خائفة".
يقول هاوي إن الانتقادات الموجهة إلى موري وشركة كاثي وغيرهم من الأفراد والشركات "كلها جزء من حملة الصين: "درجة " 360: ضغط كامل لصد الناس وقبول وجهة نظر الصين عن العالم من خلال دفعهم إلى المعاناة".
مع ذلك، فإن الرابطة الوطنية لكرة السلة تبرز بين الكيانات الأمريكية التي تواجه انتقادا صينيا
قاسيا، بسبب دعمها الواسع والمخلص في الصين. يقول مارك دريير المحلل الرياضي القائم في بكين : "المشجعون مجرد مشجعين. على الرغم من أن الناس على الإنترنت ينزعجون من هذا الأمر، إلا أن من الواضح أنه يمثل قضية حساسة للغاية. إن الناس ما زالوا يرغبون في مشاهدة المباريات".
لا توجد مجموعة رياضية غربية أخرى تشكل جزءا لا يتجزأ بشدة في الصين بقدر الرابطة الوطنية لكرة السلة.

ياو مينج .. قوة دفع
الاهتمام بكرة السلة في الصين، تكثف في أوائل العقد الأول من الألفية، عندما بدأ ياو مينج اللاعب الصيني حياته الاحترافية التي استمرت طوال تسعة أعوام في فريق هيوستن روكيتس - فريق موري المغرد المثير للجدل.
نجاح اللاعب الصيني جعله واحدا من أكثر الرياضيين شعبية في وطنه الأم.
"هيوستن روكيتس يتمتع بمكانة خاصة في الصين"، كما يقول مسؤول تنفيذي بارز في إحدى فِرق الرابطة الوطنية لكرة السلة رفض الكشف عن اسمه، مشيرا إلى حساسية علاقات الدوري في الصين.
"لو كان الشخص الذي غرد في ذلك الاتجاه من فريق يوتاه جاز – مثلا - دعما للاحتجاجات في هونج كونج، لربما لم نكن سنشهد ردا" مماثلا.
ياو الآن هو رئيس الرابطة الصينية لكرة السلة، وهناك ما يقدر بنحو 300 مليون مواطن صيني يلعبون الرياضة الآن. كان نجاحه يعد لأعوام مثالا على كيف يمكن أن تكون الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية، بمنزلة جسر مهم بين البلدين.
حتى ياو - وهو نتاج النظام الرياضي الحكومي في الصين - أوضح أن ولاءه يكمن في خط القيادة الصينية. الرابطة الصينية الوطنية كانت أول كيان صيني يوقف العلاقات مع فريق روكيتس، بعد تغريدة موري.
قال ياو لصحيفة "فاينانشيال تايمز" في مقابلة في عام 2013: "من دون الحكومة، لن أكون ما أنا عليه اليوم".

هجوم أمريكي على رابطة كرة السلة
على الرغم من أن الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية لم تصدر الاعتذار الذي تسعى إليه بكين، إلا أن ذلك لم يعفها من الانتقاد في الداخل، من السياسيين الذين يتهمونها بمبادلة "القيم الأمريكية" بالأرباح الصينية.
وقع ثمانية أعضاء من الكونجرس، بمن في ذلك الجمهوري المحافظ تيد كروز والديمقراطية التقدمية أليكساندريا أوكاسيو-كورتيز، رسالة مفتوحة إلى سيلفر تقول إن الرابطة الوطنية لكرة السلة "خانت مواطنا أمريكيا" لأنها لم تكن أكثر صرامة في دفاعها عن موري. وطلبوا من الدوري تعليق الأنشطة في الصين.
نموذج الأعمال الجماعي للرابطة الوطنية لكرة السلة، يتم فيه تقاسم الدخل التجاري في الغالب بين جميع الامتيازات الـ30، ما يجعل الدوري عرضة بشكل خاص لرد فعل عنيف ضد فريق ما أو مسؤول معين.
يقول ريك ويلتس، رئيس فريق جولدن ستيت ووريرز، الذي كان بطل الرابطة الوطنية لكرة السلة في ثلاثة مواسم من المواسم الخمسة الماضية: "الكل مشارك. أي شيء جيد يحدث للأعمال يعود بالفائدة على كل الفرق. أي شيء سيئ يحدث يؤثر كذلك في كل الفرق".
أصر ويلتس على أن الدوري سيكون قادرا على التغلب على العاصفة التي أطلقتها تغريدة موري، ويضيف: "آمل ألا تكون هذه قصة كبيرة بعد ستة أشهر من الآن، بقدر ما هي اليوم".
هذه الحادثة جعلت من شبه المستحيل أن تبقي الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية شؤونها الدولية، خارج نطاق أعمالها.
تم طرد مجموعة صغيرة من مرتادي مباريات ما قبل الموسم في الولايات المتحدة من ملاعب الرابطة الوطنية لكرة السلة هذا الأسبوع، بعد رفع لافتات والهتاف بشعارات داعمة للمتظاهرين في هونج كونج، ما أثار الاتهامات بأن الرقابة الصينية تنتشر خارج حدودها.
التوبيخ الأولي من الرابطة الوطنية لكرة السلة لموري كان يتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي يرى فيها الدوري نفسه ككيان رياضي، أكثر استعدادا للتحدث صراحة عن القضايا الشائكة.
احتج اللاعبون علانية ضد وحشية الشرطة تجاه السود في الولايات المتحدة. هذا الأسبوع، انتقد مدرب فريق وورييرز ستيف كير ما وصفه بأنه: "تغريدات عنصرية" بينما وصف اللاعب النجم في الدوري ليبورن جيمس من فريق لوس أنجلوس ليكرز، زعيم البلاد بأنه: "متسكع تافه" في مشادة على منصة تويتر.
عند سؤاله عن رد فعل الصين العنيف تجاه الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية، انتقد ترمب مدربي الرابطة لـ"استرضاء" الصين، والتحدث "بشكل سيئ للغاية" عن الولايات المتحدة.
قال سيلفر، الذي أعرب في وقت سابق عن اعتزازه بمؤهلات البطولات التقدمية، هذا الأسبوع إن الناس "ستكون لديهم وجهات نظر مختلفة" في جميع أنحاء العالم تجاه رابطة كرة السلة الأمريكية، وإنه "ليس من دور الرابطة الوطنية لكرة السلة التقرير بشأن تلك الاختلافات".
مع ذلك، قال أيضا إن الدوري ليس من شأنه السيطرة على ما يقوله المسؤولون في الفرق.

تفادي خطى هوليوود
الرد في الولايات المتحدة مدفوع جزئيا من المخاوف المتزايدة من أن الرقابة الصينية تنتشر عبر الثقافة والمجتمع الأمريكيين. كانت هوليوود، بشكل خاص، تحوم حول بكين لضمان النجاح التجاري في الصين.
يقول مسؤول تنفيذي كبير في استديو أفلام مستقل: "الصين تتمتع فعلا بقوة كبيرة. إذا أردت التوزيع هناك، عليك أن تلعب اللعبة. متى كانت آخر مرة رأيت فيها شريرا صينيا في فيلم؟"
توم آرا، محامي بارز مختص في قضايا الإنتاج الفني وأمين المعهد الأمريكي الآسيوي، يقول إن رد فعل الصين على التغريدة: "يضع كثيرا من العلاقات المهمة في وضع حرج".
يتوقع أن يكون الرؤساء التنفيذيون في استديوهات هوليوود معرضين للخطر إذا تحدث الممثلون صراحة بشأن هذه القضية. "إنها مسألة وقت على الأرجح قبل أن يتم انتقاد شخص ما لاتخاذ جانب بشأن هونج كونج" على حد قوله.
سايمون تشادويك، وهو أستاذ للشركات الرياضية في كلية سالفورد للأعمال في بريطانيا، يقول إن الغضب يبين أن المنظمات الرياضية الغربية التي لديها طموحات في الصين، يتوقع منها أن تتصرف بما ينسجم مع الحساسيات السياسية لدى بكين – وإلا فإنها ستكون معرضة لإخراجها من البلد نهائيا.
وقال تشادويك: "آدم سيلفر عالق بين المطرقة والسنديان: هل يتمسك بالمبادئ الأمريكية في حرية التعبير؟ أم بالضرورات التجارية لشركته؟ ويعرض بالتالي واحدة من أكبر الأسواق لكرة السلة في العالم؟" التي تتخذ من الصين موضعا، للخطر.
"الحقيقة غير المريحة للرياضة، أنها تنضم أو تضم الآن إلى الخطوط الأمامية للحرب الأيديولوجية العالمية" خاصة تشعباتها التجارية.

خطر الصين.. حالات مختارة لتراجع شركات في 2019 خوفا من ردة فعل بكين

- يناير: سلسلة فنادق ماريوت: هاجمت وسائل الإعلام الصينية مجموعة الفنادق بسبب خرائط استطلاع آراء للضيوف، صنفت فيه هونج كونج وتايوان والتبت وماكاو على أنها بلدان منفصلة.
النتيجة: اعتذرت سلسلة ماريوت. تم إيقاف موقع الويب والتطبيق الصيني لديها لمدة أسبوع أثناء تحديثهما.
- يونيو: شركة لانكوم: تعرضت شركة المواد التجميلية للانتقاد بسبب دعوتها لدنيز هو، وهي ناشطة معروفة مؤيدة للديمقراطية ولاحتجاجات هونج كونج للغناء في حفل موسيقي.
النتيجة: ألغت شركة لانكوم الحفل "لأسباب تتعلق بالسلامة" دون توضيح ما إذا كان من المقرر أن تغني دنيز هو في الحفل. الشركة ذكرت بالتأكيد أن هو ليست سفيرة للعلامة التجارية.
- أغسطس: الجهاز المنظم للطيران في الصين، قال إن تعامل شركة كاثاي باسيفيك للطيران مع الموظفين الذين شاركوا في المظاهرات، يشكل خطرا على السلامة لا يمكن القبول به.
النتيجة: طرد الموظفون المشاركون في الاحتجاجات، واستقال اثنان من كبار التنفيذيين فيها، بمن فيهم روبرت هوج الرئيس التنفيذي.
- أكتوبر: شركة فانز: أشار مستخدمو الإنترنت الصينيون إلى مشاركات في مسابقة تصميم شركة الأحذية التي تصور المتظاهرين.
النتيجة: أزالت شركة فانز جميع التعليقات ذات الصلة، قائلة إنها لم تستوف قواعد النشر.
- أكتوبر: شركة تيفاني: أطلقت شركة الجواهر تغريدة مع عارضة الأزياء الصينية صن فايفاي، وهي تضع خاتم تيفاني بينما تغطي عينها اليمنى. وقيل إن الإعلان يشبه المتظاهر الذي أُصيب في عينه، وهو رمز للمظاهرات.
النتيجة: أزالت شركة تيفاني التغريدة على الرغم من أنها قالت إن الصورة التقطت في أيار (مايو) الماضي قبل الاحتجاجات، وإنه "لا يقصد بها بأي حال من الأحوال أن تكون بيانا سياسيا".
- أكتوبر: شركة أبل: اتهمت وسائل الإعلام الحكومية الصينية شركة أبل بـ"إيذاء مشاعر الشعب الصيني" بعد أن وافقت الشركة على تطبيق سمح لمتظاهري هونج كونج، بتجميع المعلومات في الوقت الفعلي، على موقع الشرطة.
النتيجة: حذفت شركة أبل التطبيق، قائلة إنه انتهك القوانين المحلية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES